الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط -النموذج التركي- داخلياً

جاك جوزيف أوسي

2013 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


اعتمدت استراتيجية أردوغان على قاعدتين أساسيتين، الأولى ترتكز على إحياء نزعة الأقليات في تركيا، والثانية تعتمد على إعادة تنشيط القاعدة الإسلامية لحزب العدالة والتنمية، ما قد يمنحهم قاعدة شعبية كبيرة في تركيا.
هذه الاستراتيجية تأتي في سياق تقويض الأسس التي بنى عليها مصطفى كمال تركيا الحديثة على أنقاض الأمبراطورية العثمانية، فقد استبدل أتاتورك والنخب العسكرية والثقافية المحيطة به الإسلام بالروح القومية التركية لتكون الرابط الرئيس بين الإثنيات الكثيرة في هذا البلد. وخلال العقود التسعة الماضية، لم يحقق هذا المشروع النجاح المطلق، إلا أنه تمكن من توليد رابط قوي بين نسبة كبيرة من المواطنين.
لكن أردوغان اليوم يبدو مصمماً على تقويض جهود أتاتورك بطريقتين. الأولى، تشجع رزمة إصلاحاته الأخيرة أتراكاً كثيرين على إعادة تحديد هويتهم بصفتهم أقليات. على سبيل المثال، اكتشف أردوغان أن في تركيا أقليات قوقازية ، كالشركس والداغستانين، ووعد بالسماح لأعضائها بتعليم أولادهم "بلغتهم الخاصة". واللافت للنظر أن نحو 20% من الشعب التركي تعود جذوره إلى الأصول القوقازية ومنهم أردوغان نفسه. ومعظم هؤلاء نسوا تقريباً أصولهم وذابوا في الهوية التركية الأكثر شمولية، فما الغاية من تشجيع إعادة ظهور هوية الأقليات في تركيا هذا الوقت بالذات؟
وفي المقابل، لا يقدم أردوغان الكثير للأقليات التي تمكنت من الحفاظ على هويتها طوال العقود التسعة الماضية، مثل الأكراد والسريان والأشوريين، الذين يشكلون حوالي 15-17 % من سكان تركيا. ويعود جزء من الفضل في نجاح حزب العدالة والتنمية، الذي يرأسه أردوغان، في الانتخابات إلى الأكراد، فمن دون صوت الناخب الكردي، ما كان هذا الحزب ليحصل على أكثر من 40 % من الأصوات. إلا أنها حتى الآن لا يستطيعون الكتابة بأبجديتهم، ولا يُسمح لهم باستخدام بعض الحروف التي لا وجود لها في الأبجدية التركية - اللاتينية، والتي تُستخدم في اللغة الكردية.
ويُعتبر العلويون، الذين يعتبرون الداعم الأبرز للعلمانية في تركيا، الأقلية الفعّلية الثانية التي لم تنل حقوقها الأساسية. صحيح أن أردوغان يستخدم موارد الدولة ليدعم أسّلمة الدولة، إلا أن العلويين لا يستطيعون الحصول حتى على رخص بناء لتشييد دور العبادة الخاصة بهم.
أنا بالنسبة الأرمن، فحدث ولا حرج، فحتى الآن لم يستطيعوا الحصول على وعد بإجراء تحقيق غير متحيز في "ادعاءات الإبادة"، حسب قول الأتراك، التي ارتُكبت بحقهم عام 1915.
من الواضح أن أردوغان كان يهدف من وراء هذه الاستراتيجية إلى كسب تأييد الفئات المحافظة والفئات القومية في المجتمع التركي ليدخل الانتخابات البلدية (آذار العام 2014) والرئاسية (آب العام 2014) ومن بعدها النيابية (حزيران العام 2015) بجناحين مذهبي (سني) وقومي (تركي) لذلك لم يقوم بتقديم تنازلات جوهرية للأكراد والعلويين خوفاُ من خسارة تأييد هذين الجناحين في الانتخابات.
ويعكس السقف المنخفض جداً لهذه الاستراتيجية نوعاً من الترهل والخواء الفكري والعملي، بدأ يصيب "حزب العدالة والتنمية" منذ فترة، ويؤشر إلى عدم قدرة الحزب المضي قدماً على طريق الإصلاح والديموقراطية الحقيقية، وهذا سيكون ثمنه الباهظ على وحدة تركيا واستقرارها، فضلاً عن طرح التساؤلات الجدّية حول مستقبل الحزب خصوصاً بعد أن يغادره أردوغان في العام المقبل، واحتمال تحالف الرئيس الحالي عبد الله غول مع الزعيم الديني فتح الله غولن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ