الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المروحة الفرنسية لم تعد تزعج النظام الجزائري بل باتت ورقة رابحة انتخابيا!

زرواطي اليمين

2013 / 12 / 22
السياسة والعلاقات الدولية


لم أستغرب أبدا ولن أستغرب يوما، أن يسخر المسؤولين الفرنسيين سواء كانوا من اليمين أو اليسار، من كل ما هو جزائري، ولعل ما قاله هولاند أمام المجلس التمثيلي ليهود فرنسا عن عودة مانويل فالس وزير خارجيته من الجزائر سالما معافى على حد تعبيره، رغم ما يمثله من سخرية غير مقبولة في العرف السياسي والعلاقات الدولية، على اعتباره رجل دولة وليس مجرد مواطن بسيط، يحسب كلامه "مهما كان شكله" كموقف رسمي للدولة الفرنسية، هو مجرد حجرة جديدة تضاف إلى هذا البناء المتين للعلاقات الثنائية الفرنسية الجزائرية، أقول تماما وأنا على يقين هنا، أنه على العكس مما يفهم عند الرأي العام على أنه سخرية من الجزائر، هو في الواقع سخرية من الجزائريين ومن تاريخهم وكل ما يمثلون، وليس أبدا سخرية أو استهزاء من النظام الجزائري الحالي وهو النظام البوتفليقي بامتياز، كيف يسخر هولاند من حليفه الأول والأكبر في المنطقة المغاربية! وقد قاد وزيره الأول جون مارك أيرولت فريقا هاما من المسؤولين الكبار في الدولة الفرنسية خلال زيارة الأخيرة إلى الجزائر؟ ثم كيف يغامر هولاند بكسر التحالف الاستراتيجي مع الجزائر، بعد أن فتحت الأخيرة له أبواب القارة الإفريقية على مصراعيه، من خلال منح الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، الضوء الأخضر للأسطول الجوي الحربي الفرنسي لاستخدام المجال الجوي الجزائري لضرب قواعد تنظيم قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي في دولة مالي؟
لا يجب إذا، أخذ الأمور بهذه البساطة ولا تضخيمها أكثر مما هي عليه، هولاند قام إذا بما عليه، من أجل إعادة العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى وضعها (الطبيعي) وهو هنا: علاقات متوترة، من خلال استفزاز مشاعر الجزائريين والتهكم على كل ما يمثلونه وتمثله دولتهم المستقلة التي لا تعرف طريقا إلى الإزدهار المنشود حتى اليوم، هذا الخط السياسي "علاقات متوترة" هو الشكل المنشود للعلاقات الثنائية بين البلدين بين النظامين، بينما يستمر التحالف "تحت الطاولة" ويستمر النظامين في ذر الغبار في الأعين، وإنكار أن علاقة النظامين أكثر من وثيقة، هي علاقة تحالف وولاء، لأسباب أحيانا اقتصادية، وفي الغالب سياسية انتخابية خصوصا.
المسؤولين الجزائريين من جهتهم، سارعوا ككل مرة، إلى التنديد بتصريحات المسؤولين الفرنسيين التي تلي عادة أي زيارة يقوم بها مسؤول من البلدين إلى البلد الآخر، حيث قال وزير الخارجية الجزائرية رمطان عمامرة، أن ما قاله هولاند يعتبر تقليلا من "قيمة الروح التي تلف العلاقات الجزائرية الفرنسية" وهي عبارة طويلة عريضة ثقيلة غير معهودة في تاريخ الخارجية الجزائرية، لا نفهم من خلاله ولا نرى، لا موقف رسمي للدولة الجزائرية ردا على تهكم الرئيس الفرنسي، ولا نفهم من خلاله أي رد محتمل أو ممكن لهذا التقليل من جدية فرنسا إقامة علاقات طبيعية مع الجزائريين، عمامرة ذهب بعيدا في رده، فعوض اتخاذ موقف حاسم من هذه الحادثة التي تضاف إلى أخرى سنعود إليها، رحب المسؤول الأول عن الدبلوماسية الجزائرية بكل سخرية فرنسية شريطة ألا تنقص القيمة، هذا الموقف غريب طبعا ولا يبدو على أي حال موقفا لمسؤول عن وزارة ثقيلة من قبيل الخارجية، ولا تمث بأي صلة لقوة الدبلوماسية الجزائرية المشهود لها عالميا.
أذهب بعيدا أن الآخر وأقول، أن حادثة المروحة الفرنسية التي تسببت في إشعال الحرب بين فرنسا والجزائري في سنة 1828، إثر رفع المروحة من قبل القنصل الفرنسي أليكسندر كونسطنتين في وجه الداي حسين في الجزائر التي لم تنتهي على خير في تلك الفترة، لم تعد تثير اليوم غضب النظام الحاكم في الجزائر، لم يعد هذا النظام يمانع في أن يسخر المسؤولين الفرنسيين من الجزائر رغم أن السخرية اليوم لم تأتي من القنصل الفرنسي بالجزائر بل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نفسه.
أكثر من هذا، نعود هنا إلى تصريحات سابقة لمسؤولين فرنسيين جاء فيها أن ما دار على أرض الجزائر خلال فترة الإحتلال حتى الإستقلال ليست حربا بين دولتين، بل ثورات شعبية متتالية بين غزاة ومدافعين عن أرضهم، فالإدارة الفرنسية كانت ترى أن حربها هي مع الشعب الجزائري وليست مع نظام جزائري موازي لها في المقابل، هذه النظرة تبدو واقعية مع ما نراه من استغلال للثورة والحرب التحريرية في الجزائر للتسويق السياسي ومنح الشرعية لنظام هرم وشاخ في الجزائر، لا يريد السماح بأي تغيير أو نقلة ديمقراطية نحو الأمام، ويأبى تسليم السلطة لأجيال الاستقلال، ومع ما نراه من علاقة تشبه علاقة العشق الممنوع بين هذين النظامين، علاقة غرام سرية يتم فيها إرضاء كافة النزوات والرغبات الثنائية، بينما يستمر الجانبين في إنكار تلك العلاقة "العاهرة" بكل الطرق وشتى الوسائل.
للأسف، وعوض أن نرى اليوم دفعة جديدة وانبعاث للعلاقات الودية بين شعبين ودولتين جارتين في المنطقة المتوسطية وذات مصالح مشتركة هامة، تلت الزيارة الرسمية للمسوؤلين الفرنسيين إلى الجزائر، كالعادة، أجواء من التسميم الإعلامي، والتعبئة الشعبية، تأتي كالعادة أيضا، في فترة استحقاقات انتخابية في البلدين، حيث أننا نرى اليوم العناوين الرئيسية في "كبريات" الصحف ووسائل الإعلام في الجزائر، على النقيض تماما مما كانت عليه قبل بضعة أيام، تحشد الرأي العام هناك ضد فرنسا، في مشهد تقليدي وأصبح متعارفا عليه في فترة الاستحقاقات الانتخابية، مليء بالأحقاد والكراهية، حشد وتعبئة عارمة لأصوات الناخبين لا أكثر ولا أقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - bravo monsieur zerouati
hamid benyahya ( 2013 / 12 / 22 - 10:48 )
عجبني بزاف مقالك سيدي فعلا كلامك حقيقة نعيشها في الجزائر

اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو