الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية الجديدة

محمد زهير الخطيب

2013 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في مقابلة مع أمير جبهة النصرة في سوريا أبو محمد الجولاني في قناة الجزيرة قال: “مشروع الجبهة ليس وليد اللحظة، بل نتاج تاريخ طويل من الجهاد، يعود إلى زمن الرسول محمد (ص) وصحابته فهم ينتظرون من ذلك الوقت هذه اللحظة ومن بعد سقوط الدولة العثمانية لإعادة سلطان الله على الأرض”، بحسب تعبيره.
ولكنه كذلك يرى أن الحديث عن مستقبل سوريا السياسي سابق لأوانه وأن هناك من يقفز ويحرق المراحل...
ويرى الشيخ القرضاوي أن الدولة في الإسلام دولة مدنية كغيرها من دول العالم المتحضر، وإنما تتميز بأن مرجعيتها الشريعة الإسلامية .وأن هذه الدولة المدنية تقوم على الشورى والبيعة واختيار الأمة لحاكمها بإرادتها الحرة، ونصحه ومحاسبته، وإعانته على الطاعة، ورفض طاعته إذا أمر بمعصية. وحقها في عزله إذا أصر على عوجه وانحرافه. وهذا التوجه يجعل الدولة الإسلامية أقرب ما تكون إلى جوهر الديمقراطية.
وهناك من يشارك في الثورة السورية ويعتبر أن الديمقراطية كفر!!!
ولابد من وقفة في وجه الرافضين للديمقراطية لان موقفهم خاطئ، ويهدد وحدة الصف الثائر الذي خرج يطالب بإزالة الاستبداد والفساد، وإستعادة الكرامة والحرية والديمقراطية... وإن كان في نفس الوقت ينادي (مالنا غيرك يا الله).
لم يعد الحديث عن الديمقراطية اليوم وجهة نظر شخصية بل علينا جميعا أن نبين بصراحة أن سورية المستقبل دولة تعتمد الوسائل الديمقراطية بوضوح ودون تردد. إن بعض المشاركين في الثورة السورية يرفضون الديمقراطية، ويشيعون أن الديمقراطية كفر!! ويتلعثمون بعد ذلك في تبين ما هو البديل، شورى... وأهل حل وعقد... مجالس علماء مسلمين... دون تحديد آلية عملية واضحة لا تستنبت الاستبداد، ومع إقرار الجميع أنهم يريدون أن يساهم الناس في اختيار رؤسائهم وممثليهم وأنهم لا يريدون الاستبداد...
إن الحُجة الرئيسية التي يستند إليها هؤلاء هي أن حق التشريع لله عز وجل، وفي الديمقراطية حق التشريع هو للشعب... ومن يريد أن يُغرِقَ في التنظير يفترض أن الديمقراطية مبادئ ومنهج حياة غربي له توابع وليس مجرد آليات وهو لا يصلح لنا لاننا نؤمن بأن الاسلام مبادئ وتشريع ومنهج حياة، ونحن ملزمون بتطبيقه وليس تطبيق الديمقراطية...
فمنذ البداية نجد أن الحديث يدور حول أمرين وليس أمراً واحداً، الامر الاول إختيار القيادة، والامر الثاني إختيار المبادئ أو (المرجعية).
إختيار القيادة: يجب أن نُخرج أمر إختيار القيادة والاشخاص من الخلاف فهو حتما يكون بالديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع، يشارك فيه الشعب بالتساوي دون تمييز أو إقصاء وبالقانون الذي يخضع له الجميع...
إختيار التشريع: أما التشريع الذي يريده المسلمون مأخوذاً من الشرع الاسلامي، فإنه منوط بالدستور الذي ينص على طبيعة الدولة وثقافتها ومصادر التشريع فيها، وإذا قلنا أن الشعب السوري مسلم ويريد أن تكون مصادر التشريع من الاسلام فهذا شيء من حق الشعب أن يحرص عليه ويثبته في دستوره وأن يصوت عليه ليبين أنه خياره، وطبعاً يجب أن لا يكون في ذلك تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الطائفة أو أي شيء آخر، الاسلام مصدر تشريع للمسلمين ديناً ولغير المسلمين ثقافة وتراثاً، ولاشك أن هذه الثقافة والتراث يجب أن تكون عادلة مع الجميع ويرتاح لها كل المواطنين، وأن لا تنسحب على (الاحوال الشخصية) التي يرغب الناس في الرجوع فيها إلى دياناتهم كالزواج والطلاق والمأكل والملبس...
ولكن كما نلاحظ أن مصدر التشريع يتم التأكد من أنه يعكس ثقافة وتراث الاكثرية بالتصويت الديمقراطي عليه من الناس، ولو قلنا أن هذا الامر لا تصويت عليه بل هو مفروض على الناس دون تصويت، سيبقى هناك حاجة لتحديد هذا الشيء الذي نريد فرضه على الناس والذي نسميه "حكم الله"، وما دمنا سنفرضه على الناس إذن نأخذ إقرارهم على قبوله مقنناً بالدستور الذي كتبه لهم مختصون يفهمون بالقانون وعلماء بالشرع، ومطلعون على عقائد الناس وميولهم، وعادلون فلا يعتدون على حقوق وحريات أصحاب وجهات النظر الاخرى، إنما يشعر الجميع أن التشريعات والقوانين المطروحة تعكس رغبة الناس المسلمين ديناً وغير المسلمين ثقافة وتراثاً وحضارة.
ورغم أن الاسلام واحد، ولكن سيكون هناك مجال متباعد بين تطبيق أحكامه بتطرف أو بمرونة، بتخلف أو بعصرية، ولن نقول هنا ما هو الصح وما هو الخطأ، بل سنترك للناس تشكيل أحزاب تسوّق لما تراه مناسباً من التشريعات التي تتراوح بين المحافظة والوسطية والليبرالية... وسيحدد الشعب السوري عبر صناديق الاقتراع ما هو الحزب الذي يمثله ويحقق طموحاته ويحفظ له أخلاقه ومبادئه...
إن الشعب السوري لا يريد تطبيق الاسلام عليه على الطريقة الايرانية ولا الافغانية ولا الصومالية، الشعب السوري يريد حكماً مشابهاً للحكم في تركيا أو المغرب أو ماليزيا حيث الاولوية للحريات والتعليم والصحة والانتاج، وفي أجواء الحريات تنشط المنظمات الدعوية والثقافية والفنية في نشر الدين والاخلاق والمبادئ والفنون، مجتمع متسامح يتسع للجميع وفيه فرصة لنشر الآراء وكسب الانصار لكل الافكار على سواء، والبقاء للاصلح...
الشورى ضرورية في كل الاحوال، وإذا كانت شورى مُلزمة وقعت في حضن الديمقراطية، وإذا كانت شورى مُعلمة فقط لا تكون محصنة ضد الاستبداد وسنحتاج للديمقراطية وصناديق الاقتراع للجمها.
أهل الحل والعقد هم ممثلوا الناس المعروفون دون إنتخاب، وقد كانت أهميتهم عندما كان عدد الناس قليلاً وعندما كانت فكرة الاقتراع صعبة التطبيق، وعندما كان وجهاء القوم وسادتهم واضحون بسبب التشكيلات القبلية والعشائرية...، وبديله المناسب العملي اليوم الانتخابات...
تطبيق الاحكام الشرعية بعد طول إستبداد وفساد يحتاج إلى تدرج وتنظيف البيئة ونشر العلم والاخلاق والنظام وتوفير الحياة الكريمة وفرص العمل ودرء الحدود بالشبهات وإقامة القضاء العادل وتوفير البدائل لما يراد منعه، وتجفيف ينابيع الشر بدلاً من رفع عصا المحرمات والممنوعات والعقوبات، وتسهيل أمور العبادات بدلا من إجبار الناس عليها...
أخيراً أتمنى أن نكون واضحين مع شركائنا في الوطن الذين يقولون أن الديمقراطية كفر!!! نقول لهم بوضوح وصوت عال غير متردد: الديمقراطية ليست كفر، إنها وسيلة مناسبة لاختيار القادة، ووسيلة مناسبة ليقر الشعب دستوره، الذي سيحدد فيه طبيعة الوطن وتراثه ومصادر التشريع فيه. سورية الجديدة ستكون دولة مدنية ديمقراطية دستورية تعددية يتساوى فيها أبناؤها بالحقوق والواجبات دون تمييز أو إقصاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل