الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامن الانساني : المفهوم والدلالة

دهام محمد العزاوي

2013 / 12 / 22
حقوق الانسان



الامن الانساني ليس مفهوما مستحدثا انما موضوع تطرقت له منذ عقود دراسات سياسية اجتماعية لاحظت التطور الذي طرأ على مفهوم الامن بشكل عام والامن الوطني والقومي بشكل خاص لاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة ، فبعد ان كان الامن الوطني يهدف في الاساس الى ضمان امن الدول وحدودها من العدوان الخارجي ومن تهديدات الجماعات المتمردة في الداخل وكان يطرح تساؤلات حول قدرة الدول والحكومات على ادامة تاثيرها في العلاقات السياسية الدولية ، اخذ يطرح بعد انتهاء الحرب الباردة وتحول معادلة الصراع الايدلوجي بين الشرق والغرب تساؤلات حول مدى قدرة الحكومات على تلبية متطلبات الحد الادنى من الامن للمواطن داخل الدولة وحمايته من الجوع والمرض والبطالة والشيخوخة والعنف وتوفير مستلزمات الضمان الصحي والتعليمي والرعاية الاجتماعية وتحقيق الامن الغذائي والبيئي والاستقرار السياسي الذي يمنح الفرد قدرة التعبير عن ارادته وانتخاب من يراه مناسبا لادارة الدول وقيادة المجتمع ، وقد اعطى الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان في تقريره للأمم المتحدة عام 2000 والمعنون بـ "نحن البشر" توصيف للأمن الإنساني بانه يشمل حقوق الإنسان ، الحكم الرشيد وإمكانية الحصول على التعليم وعلى الرعاية الصحية واتاحة الفرصة لاطلاق قدرات الابداع . انه باختصار التحرر من الخوف الذي يسلب ارادة الانسان ويمنعه من العمل وان يكون عنصرا فاعلا في الحياة والتحرر من الجوع الذي يعطل ارادة الانسان ويدفعه الى التنازل عن كثير من قيمه . والامن الانساني اشارت اليه المواثيق الدولية كالاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة والقيم الوطنية والدينية التي تحث على حماية الانسان وتوفير متطلبات العيش الامن والكريم له . اليوم الامن الانساني هو جزء من منظومة متكاملة للامن يشمل امن الدولة وامن المجتمع وامن الانسان . الامن الانساني جزء او ضلع لمثل الكرامة الانسانية الذي يشمل حقوق الانسان والتنمية البشرية والامن الانساني .
الامن الانساني لايعني اطلاقا ان يكون مقتصرا على فرد دون اخر او دولة دون اخرى ، فجميع الافراد مشمولون بتهديد انسانيتهم وبالتالي فلهم الحق في الرعاية والحماية والكفالة من قبل الحكومة ومؤسساتها، فالاغنياء اليوم مهددون بالجريمة المنظمة التي تقتلهم وتهدد عيشهم ومهددون بافة الامراض المستعصية من الايدز ومحاصرون بالمخدرات وبالخطف وممارسة الابتزاز ضدهم ، والفقراء مهددون بالجوع ونقص الغذاء وانتشار الامراض والحرمان الاقتصادي من العمل والدخل المناسب والمأوى ومن بيئة نظيفة ومياه صالحة للشرب وهم بحاجة الى مدارس وجامعات ومؤسسات تعليمية ، وحاجة الى نظام سياسي يؤدلجهم وفق مقتضيات المصلحة العامة وحكم القانون ومفهوم المواطنة لاوفق مقتضيات المصلحة الخاصة لهذا الحاكم او ذاك . اليوم مفهوم الامن الانساني مغيب بارادة سياسية تسعى الى استلاب وارتهان قرارات المواطن وتفكيره عبر الضغط والاكراه السياسي وتبني فكر ايدلوجي وديني ذات لون واحد وعبر اصطناع المشكلات الداخلية واثارة التناحرات الحزبية والمذهبية والقومية بين هذه الجماعة وبتوسيع الفجوة بين الاغنياء والفقراء عبر سرقة المال العام وغظ الطرف عن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة ، اومن خلال انتشار الامراض والاوبئة ونقص الغذاء ان كل تلك المشكلات تجعل من المواطن مكبلا في حاضره محاصرا في مستقبله . ان مايحصل في العراق من تفشي مظاهر الكراهية والغاء الاخر وانتشار الفساد والاستهانة بالمال العام وسرقته وضعف الخدمات المقدمة للمواطن وتغليب الحلول الامنية على السياسية والاقتصادية ، وهجرة العقول والكفاءات العلمية ، وتحجم حرية التظاهر والتعبير عن الراي تجعل اولويات الامن الانساني مغيبة ، فالاصل في العراق هو امن النظام لا امن المواطن ، امن الحاكم لا امن المحكوم ، وهذا ماجعل العراق يتراجع كثيرا في مستويات التنمية البشرية الى مستوى متدني بالقياس الى البلدان المجاورة التي تقطع يوميا اشواطا كبيرة في تنمية مواطنيها سياسيا وامنيا واقتصاديا ، فكريا وغذائيا وصحيا ونفسيا ، العراق اليوم يحتل مراتب متاخرة في مستوى الامن الانساني فهو من اخطر البلدان خطرا على حياة الانسان وبغداد من اقذر عواصم العالم ، والامن مفقود في كل مانحي الحياة .
ان شرعية وقوة اي حكومة ليست في كثرة جيوشها ولا في قوة قبضتها الامنية ولافي كثرة ارصدتها ولا في صناعتها ولا في ثرواتها من النفط والغاز وانما مصدر الشرعية هو تنمية راس المال البشري عبر تعليم ناجح وصحة مستدامة وسكن لائق وضمان صحي واجتماعي ، فهذه باتت من اهم مقومات الحكم الصالح والرشيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية