الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الائتلاف الوطني السوري وثقافة إزدواجية المعايير!

جميل حنا

2013 / 12 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


منذ ثلاثة عشرشهرا ثورة الشعب السوري مستمرة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية
ضد النظام الاستبدادي المجرم.بالرغم من كل الإنحرافات والتشوهات التي تنخر في جسد الثورة من قبل كل القوى المعادية لحقوق الشعب السوري.التي فرضت واقعا مؤلما على الثورة بالوسائل الهمجية والتدميرالممنهج والقتل بكل أنواع الأسلحة من السواطير والسكاكين إلى السلاح الكيمياوي والصواريخ والبراميل المتفجرة وقصف الطائرات الحربية للمناطق الأهلة بالسكان المدنيين إلى عمليات الإعتقال والخطف وتدمير بيوت العبادة لمكونات الشعب السوري.ويضاف إلى ذلك أخطاء أنصارالثورة التي ترتكب بقصد أو بدونه لٌلإستيلاء, وسلب طموحات الشعب السوري للعيش في بلد آمن تسوده قوانين تحترم شرعة القوانين الدولية,وحقوق المواطنين في مزاولة حياتهم وفق دستور يضمن المساواة والعدالة بين الجميع بدون تمييزعنصري على أساس ديني أوعرقي أو طائفي أو سياسي.إلا أن ثورة الشعب السوري ستبقى ثورة شعب أنتفض من أجل الحرية والكرامة وإسقاط نظام الاستبداد والطغيان رغم أنف شاء من شاء وأبى من أبى.
وهنا نتوقف على جانب من سلوكيات وأفكارأنصارالثورة الذين يمثلون شريحة واسعة من كافة مكونات المجتمع السوري بتركيبته الدينية والعرقية والطائفية ومدارسه الفكرية السياسية المتنوعة.وكل هذه القضايا الهامة تلعب دورا مؤثرا في مسيرة الثورة,منها ما يمنح الثورة قوة دفع إلى الأمام, ومنها ما يقف عائق من أجل تحقيق أهداف الثورة, بما تلعبه من دور سلبي سواء على الساحة الداخلية أو على النطاق العالمي.إن الصراع بين مختلف هذه المكونات والإتجاهات الفكرية والعقائدية يخلق حالة سلبية ومدمرة بتقسيم القوى,بالرغم إتفاق الجميع على إسقاط النظام. إلا أن النظرة المستقبلية لبناء الدولة السورية الحرة بكل تركيبتها ونظامها السياسي يبقى مصدر صراع قائم بين كافة القوى المتحالفة لإسقاط سلطة الاستبداد.إذا هناك أختلاف جوهري حول المشروع الوطني السوري بين مختلف التيارات المشاركة في الثورة.وتحديداهذه الناحية تستغل بشكل زكي من قبل النظام ووسائل الإعلام الداعم له والمتحكم به وأيضا في وسائل الإعلام العالمية.حيث يتم إيظهار ما يحدث في سوريا هو قتال بين مجموعات إرهابية مسلحة وبين النظام,وهذا الواقع والتصورلا يزال ينعكس بشكل مأساوي على سوريا وشعبها.
وهذا الوضع المأساوي لم يأتي من الفراغ بل يستند وبشكل قوي إلى الموروث الثقافي والديني والقومي والسياسي المتعصب,الذي آدى بإدخال البلد في حالة حرب دموية.بعد سلسلة من الإنتكاسات الرهيبة التي مر بها المجتمع السوري على مستوى التنمية وتوزيع الثروة الوطنية والعدالة الإجتماعية,وفي مجال حقوق الإنسان والحريات العامة,وسياسة الإقصاء والتهميش لقوى وطنية شريفة,والزج بأصحاب الفكر والقلم الحر في السجون وعدم الاعتراف بالتعدد السياسي والقومي والديني للبلد والاستهتاربكل الشخصيات والتيارات والمكونات العرقية والأراء السياسية المخالفة لسياسة النظام,على مدى أكثر من خمسة عقود من الحكم الديكتاتوري الشمولي لحزب البعث ومن ثم طغيان عائلة الأسد على السلطة بإنقلاب عسكري ومن ثم توريث السلطة.
إن التخلص من هذا الموروث الثقافي الإيقصائي والتهميش والتعصب بكافة أشكاله هو جزء هام وأساسي في مفهوم وأهداف ثورة الشعب السوري ألا وهي الحرية والكرامة.
والائتلاف الوطني السوري الذي يمثل الغالبية الساحقة من الشعب السوري وقوى المعارضة الرئيسية والأساسية يكافح من أجل إسقاط النظام ويسعى في إقامة النظام البديل التعددي السياسي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية, تنبذ التعصب والتمييزبين أبناء ومكونات المجتمع على أسس عرقية ودينية.إن الالتزام بثوابت ثورة الشعب السوري ليست مجرد شعارات تطرح بل أنه تمسك فعلي بقيم الثورة.ومن هذا المنطلق ومن باب حرصنا على تحقيق أهداف ثورة شعبنا ومن أجل أن ترتقي مواقف الائتيلاف إلى أعلى درجات المسؤولية والتخلص من الموروث الثقافي السلبي الذي كان سائدا على مدى العقود الخمس الماضية.إن عدم حدوث تغيير جذري في هذا المجال يعني هو السيرفي سياسة الاستبداد والإقصاء والتهميش الذي تبعها ويتبعها النظام الديكتاتوري البعثي وعائلة الأسد منذ عقود طويلة.
إن الالتزام بثوابت ثورة الشعب السوري يحتم على الائتلاف الدفاع عن مصالح كافة المكونات الإثنية والدينية للمجتمع السوري,وتحقيق المساواة بينها بدون تمييز ديني وقومي. وعكس ذلك مخالف لقيم الثورة ولا يأتي بشىء جديد يختلف عن أساليب ومنطق سياسة نظام الاستبداد.هذا النظام الذي يسعى الشعب السوري إلى إسقاطه عبر تضحيات جسيمة.
المكون السرياني الآشوري جزء هام وفصيل أساسي في المعارضة السورية وهو عضو مؤسس في المجلس الوطني السوري وفي الائتلاف,ووجود المؤسسات والأحزاب السياسية الآشورية في صفوف المعارضة السورية هو ليس وليد اللحظة أو نتيجة إندلاع الثورة, بل معارضة سلمية تمتد إلى مدى العقود الخمس الماضية. وذلك بسبب عدم الاعتراف الدستوري بهوية الشعب السرياني الآشوري وعدم الاعتراف باالحقوق القومية واللغوية والثقافية وبسبب سياسة التهميش والإقصاء المتعمد الذي مارسه النظام ضد أبناء هذا الشعب
وبسبب الضغوط والتعدي والإنتهاكات لكرامته بكافة أشكالها والاعتقالات من قبل الأجهزة القمعية المخابراتية وسياسة التمييز القومي والديني.وأيضا بسبب كل هذه الأعمال المشينة التي أرتكبها النظام دفع بما يقارب من ثلاثمائة آلف سرياني آشوري أن يهاجر من محافظة الحسكة الجزيرة السورية خلال الأربعة العقود الماضية.
إن تحصين الجبهة الداخلية للمعارضة وخاصة الائتلاف الوطني السوري يتطلب موقف جريء بالابتعاد كليا عن الفكر والممارسات التي نفذها وينفذها النظام الاستبدادي.منذ إندلاع ثورة الشعب السوري نطالب العالم والمؤسسات الدولية بالالتزام بالقوانين والمعايير الدولية وعدم ممارسة الإزدواجية في تقييمها لثورة الشعب السوري,والتمسك بالقيم الأخلاقية تجاه معاناة شعبنا,ولامبالين لما يحدث من مأساة فظيعة داخل وطننا.كيف يمكن أن نكون منتقدين ومنددين بشدة مواقف دول العالم تجاه ثورة الشعب السوري وعدم تقديم دعم حقيقي لإنهاء معاناته, وفي ذات الوقت نمارس الإزدواجية ضمن صفوفنا!؟
كما أسلفنا سابقا الشعب السرياني الآشوري مكون أصيل من المجتمع السوري فهو لا يحتاج إلى صدقة من أحد تاريخه وثقافته وحضارته جذوره عميقة في تاريخ سوريا وكما قيل مرارا تسمية سوريا من تسميتهم.ولكن التشارك الوطني لكافة مكونات المجتمع في القرار السياسي وفي السلطة والمساواة بين الجميع والاعتراف بالحقوق المشروعة يظهر الوجه الحضاري والإيمان بالتعددية القومية والدينية للبلد.ومن هذا المنطلق إن إقصاء المكون السرياني الآشوري عن حكومة أحمد طعمة يدخل في إطار سياسة الإقصاء والتهميش والتمييز والإزدواجية في المعايير الأخلاقية.وهو إقصاءعن حق طبيعي وواقعي وهو غير عادل ولا يحقق مبدأ المساواة بين مكونات المجتمع السوري.
ولكن أمام الائتلاف الكثير من الاستحقاقات العاجلة ألا وهوأن مؤتمر جنيف على الأبواب إذا ما عقد كما يشاع. ولذا نطالب بأن يكون شخص من الكتلة السريانية الآشورية في الائتلاف الوطني من الوفد السوري المشارك في مؤتمر جنيف2من أجل إنهاء مأساة الشعب السوري ونقل السلطة إلى ممثلي الشعب السوري.
كما نطالب بأن يكون دعم الائتلاف الوطني لكافة مكونات الشعب السوري بالتساوي وبدون تمييز تحت أي حجة كانت. إن دعم قضية قومية لمكون سوري دون سواه من المكونات الأخرى يعد تمييزا عنصريا ونهجا مخالفا لكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
الشعب السرياني الآشوري له الحق تاريخيا وحضاريا وثقافيا ولدوره وتضحياته في بناء دولة سوريا الحديثة في الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية وبقية أماكن تواجده على الأرض السورية أسوة بأي مكون آخر وفق دستور ديمقراطي حضاري يلتزم المعايير الدولية.أمام الشعب السوري وقوى المعارضة بناء دولة حضارية عنوانها التقدم والإزدهار والأخاء بين كافة الأعراق والأديان إذا تم الالتزام بالقيم الأخلاقية وبالمواثيق والمعاهدات الدولية,وغير ذلك سيكون تقسيم الوطن والقتل والدم والدمار والتشرد.
2013-12-22








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في