الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان حين يكون انسانا ..

طه رشيد

2013 / 12 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


واخيرا رحل عنا الصوت الدافئ، صوت البصرة بنخيلها وشطها وشناشيلها، الصوت العراقي الصافي الذي لم يطأطئ رأسا، ولم يمجد مسؤولا في اغانيه، ولم ينشد لسلطة ما. لقد غنى للوطن وللحبيبة، غنى للأرض والسلام، انه فنان الشعب فؤاد سالم، الذي اضطر لترك العراق في نهاية السبعينيات نتيجة السياسة القمعية للنظام السابق، وتحمل الغربة والمعاناة والتنقل من عاصمة لاخرى، وفي كل مدينة يصلها كان يمسك بعوده ويدندن بحرقة للعراق، لقد قتله الشوق والحنين.كان فؤاد سالم فنانا مبدعا، عابرا للطوائف والاثنيات والاعراق، ولهذا احبوه العراقيون من جهات الوطن الاربعة.
لقد ناضل حقا ضد النظام الدكتاتوري السابق بفنه وبالحانه وباغانيه. ورغم ان ذلك النظام قد منع تداول اسمه ونشاطه الفني وسجن اغانيه، الا ان هذا لم يمنع ان تكون اغنيتة الشهيرة " ياعشكنه فرحت الطير اليرد لعشوشه عصاري" التي أداها مع الفنانة شوقية البصري، قبل ثلاثة عقود، بمثابة نشيدا وطنيا يتردد على كل الالسن.
في النصف الاول من عام 1978 نظم في قاعة الشعب ببغداد مهرجان للاغنية، حضره طارق عزيز وزير الاعلام في النظام السابق آنذاك. حين اعلن عن اسم فؤاد سالم اشتعلت القاعة تصفيقا فغنى فؤاد لبغداد المحبة والتآخي والسلام، وحين انتهى وقف الجمهور يصفق حبا واحتراما لفؤاد. وما ان خرج فؤاد وانتهى التصفيق قام معالي الوزير! وشتم هكذا اغنية واصفا اياها بالسخيفة " هي ومن يصفق لها" وطلب من الحاضرين ان ينقلون كلامه هذا "بكل ثورية"!
بعد ذلك لم يتأخر فؤاد بترك الوطن، وتنقل مع رفاقه الشيوعيين واليساريين بين عواصم عديدة وكان آخرها دمشق التي ترك فيها انفاسه العطرة الاخيرة.
الان لابد من تكريم فؤاد سالم كما يليق بالعظام من ابناء الشعب، واتمنى تخصيص راتب مجزي لعائلته باعتباره مناضلا وفنانا كبيرا،وان ينحت له تمثالا ليوضع في واجهات المعاهد الفنية، ان يطلق اسمه على الشوارع والساحات وقاعات المسرح والموسيقى. ان تخصص جائزة فنية سنوية بإسمه لاحسن اغنية ، وان تحرص وزارة الثقافة على جمع كل نشاط فؤاد سالم الفني،بما فيه اغانيه السياسية، وإعادة اصداره ليتسنى للجيل الجديد والدارسين والمتذوقين الاستفادة منه .
لو كان فؤاد سالم " مصريا " لجعلوا منه رمزا وطنيا، فمصر الكبيرة تقدر فنانينها وعلمائها ومثقفيها، فما بالنا نحن نهمل مبدعينا! وقد طالبنا مرارا ومنذ تداعي صحة فؤاد بالاهتمام الجاد بموضوعة علاجه ونقله على حساب الدولة من دمشق التي انتصر عليها، للاسف، تجار الموت والحروب، ولكن دون جدوى.
فلنكرمه بعد رحيله، لا ان ننساه او نتناساه، كما لف النسيان مبدعين آخرين رحلوا بصمت في الغربة مثل: كمال السيد وزينب ومنذر حلمي وفاروق اوهان وسهام حسين والهام حسين وآخرون كثر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #