الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما كنت هناك

مؤيد السعدي

2013 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


سمعت الكثير من الاحاديث الجميل وكلمات تحلق الى مسافات مجهولة لامنيات ضائعة بين احلام العودة والخوف من المجهول، ان جوهر علاقة الغربة هي القرب من الوطن على الرغم من بعد المسافة، ذلك الطائر المحلق الذي يظهر كلما مر الحديث عن ايام الطفولة او حماقات المراهقة، وليالي المرح والسهر، وصحبة الاصدقاء واشواق المحب، ودفء احضان الام وصحبة الوالد وحكايات الماضي، نستدعي كل ذلك ليكون حاضرا وكأننا نستذكر رحلة جميلة ، واغلب المبحرين في ذكرة المكان والزمان تسمع منهم كلام تشعر ان قلبك يكاد ان يتمزق او يخرج من جوفه ولكن عند سكون الصراحة تختفي كل كلمات الاطراء والمدح ويبدأ السخط يحضر بقوة وتتبخر الامنيات بالعودة الى حضن الوطن الغالي والسبب تلك المتفجرات الغبية وذلك السوق المليء بالمجرمين والقتلة الذي ينخر ثوبه المطرز بالذكريات الجميلة بفساد مزمن وتناحر طائفي مقيت كان بالامس القريب عناق للسلام. يفتخر كل عراقي يعيش غربة وطن بنوع خاص من النفاق الذي يخفيه وراء كلمات المدح والثناء حتى عندما يصمت فكأن عيناه تحكي قصة مشاعر غريبة وغير مفهومة تنتهي بتقبيل تراب الوطن ، قد يبدو للبعض انني اظلم الكثير من الذين ضاعت سفينتهم في عباب الشواطىء والمحيطات ، ان الحقيقة على الرغم من قسوتها فهي حقيقة. لم اجد الا القليل ممن قالوا ما اخفوه ولم يتلون بالاوان تثير الاستغراب، حتى الحب اصبح في نظرهم مفقود على الرغم من انهم يمارسوه بشطارة مع افراد المجتمع الحاضن، وعندما يلتقي العراقي مثيله في الغربة يجعل منه حوض لمشاكله وامنياته الضالة التي يحيلها دوما الى بلده الاول الذي يحنُ له مبتهلا هذه التوسلات لا تجدي في وقت يحتاج البلد الى ناسه الشرفاء وليس لكلمات الثناء ، حيث تمتزج الامنيات بالرغبة بواقع مشابه لما تعودوا عليه من نظام لن يجدوه في بلدهم هذا التفكير هو جزء مهم من تفكير اغلب المهاجرين فهم يشعرون ان حبهم منقسم بين الرغبة بالعودة والاستقرار في محيطهم الجديد والذي ينعكس سلوكا سلبيا على حياتهم العامة . ان هؤلاء الافراد في الغالب يعانون من مشكلة الطفولة المرسومة بدقة والتي حاول النظام السابق ان يعتني بها بالشكل الذي يرغب وها هو يحصد ثمار الطفولة ونفاق الكهولة ، في صورة يمتزج الون فيها بشكل يثير السخرية ، عمر الانسان قصير مهما طال ، ومن حقه ان يحلم بيوم جميل ولكننا نحن العراقيون نحلم اننا نغرد فوق جذع نخلة باسقة تعانق شمس تموز ونحلم اننا في احضان الثلوج والمراعي الخصبة.
ان الاحلام الجميلة قد تبقى حبيسة في الذاكرة لا تبرح عنها ولا تغادرها مهما طال الزمن ، ولكن قد تخرج هذه الاحلام للنور وتنطلق محلقة فوق افق المستقبل اذا كان الاصرار ممزوجة بالشجاعة واذا كان الخوف في الركن البعيد من الذاكرة فليس هناك شيء يسمى مستحيل امام ارادة الانسان ، قد لا يستطيع الانسان ان يحلق في السماء ولكنه يستطيع ان يفكر بالتحليق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة