الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلف السياسي .. آفة التقدم الاجتماعي

محمد حسين علي المعاضيدي

2005 / 6 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بما ان العلم هو ينبوع لكل الفيوضات الخيرة وطريق سالك نحو التقدم والازدهار فأن التخلف هو المنبع والمنشأ لكل الشرور الموصلة الى اسفل الدركات والى قهر المجتمع وتفسخه وانحلاله والتخلف او الجهل هو الذي يدعو الانسان الى مابذل مايملك في سبيل احكام طوق الاستبداد المسلط عليه واستبعاد الاخرين له فبدلا من أن يكون عاملا في تحقيق الرفاهية والسعادة لابناء مجتمعه نجده على العكس من ذلك تماما يسفك دماءهم وينهب اموالهم ويهتك اعراضهم زاعما وموقنا ان مثل هذا الاستهتار في القيم والاخلاق ضرب من ضروب الشجاعة والشهامة وخدمة الوطن والدولة ..فيتحول الانسان بجهله وتخلفه من طاقة خلاقة في بناء وصنع المستقبل الزاهر الى آفة مرعبة ومخيفة تنخر في جسد المجتمع الواحد حتى تحيله ركاما من التفسخ والتشرذم وبالتالي الانحطاط والانحدار نحو هاوية السقوط الابدي في مزابل التاريخ الانساني .
وبعيدا عن الشرح والاستفاضة في مفهوم جوانب التخلف المتعددة واسبابها .. فأن مايهمنا هنا وخصوصا في هذه المرحلة هو التخلف السياسي الذي اصبحت الحاجة ملحة الى دراسة اسبابه وايجاد الحلول المناسبة التي تقف بالضد منه لكسر طوق الاستبداد والتعسف الذي بات السمة الظاهرة لكثير من الانظمة الحاكمة والمتسلطة في المنطقة على رقاب ابناء البشر .. وكتعريف مبسط للتخلف السياسي الذي يشكل مع جوانب التخلف الاخرى كالتخلف الاجتماعي والثقافي والاقتصادي مربعا قاتلا لكل التطلعات والاعمال.. فهو خلل حاد في تركيبة المجتمع واليات اشتغاله نتيجة تعطيل القدرة الانتاجية للمجتمع وهدر أو تجميد طاقاته الحضارية بكافة مصادرها .. وليس غريبا القول بان التخلف السياسي أخطر انواع التخلف خصوصا اذا عرفنا ان السياسة والياتها هي رعاية مصالح الناس وذلك يعني التخلف في رعاية تلك المصالح وبتعريف اخر لايختلف كثيرا عن ذاك التعريف هو فقدان الفهم الصحيح والاهداف السياسية الصحيحة وبالتالي فقدان العمل السياسي الصحيح. وهذا من فروع تعطيل القدرة الانتاجية للمجتمع بشكلها الكلي أو الفرعي كالجماعات والمؤسسات والاحزاب أو الافراد الفاعلين في الحقل السياسي العام .. وتعتبر الدكتاتورية من اكبر مظاهر ونتاجات التخلف السياسي وهي الانفراد بالحكم واقصاء وتهميش غالبية الناس عنه وعن القرار السياسي العام .. كما انها الاشد ضررا على قدرة المجتمع الانتاجية في طريق التقدم والتي تصيبه اخيرا بالركود المؤدي الى الانهيار التام كما انها تولد الطغيان والطغاة .
فالنظم الدكتاتورية ماهي الا تدمير للقيم الاخلاقية للانسان .. والطاغية وفقا للمعايير الانسانية والسماوية هو أسوا مايوجد على الارض سواء كان فردا او جماعة ولكل شعب الحق في مقارعة هذا النوع من الانظمة بكل الطرق والوسائل للخلاص من قيوده وعبوديته .. أضيف الى ذلك فأن من صفاة الطغاة ومصالحهم اشعال الحروب واستمرارها وملاحقة جميع الناس اللذين يمتازون بالشجاعة وكبر النفس والحكمة والثروة لانهم يشكلون خطرا عليهم وعلى ديمومة تواصلهم مع النهج الدكتاتوري والطاغي .
ومن هنا تظهر لنا اهمية القضاء على مظاهر التخلف السياسي ومعالجة كل اثاره وسلبياته التي طرأت على المجتمع العراقي من جراء سنين الظلم والاستبداد التي عاشها ابان حكم الطاغية صدام وجلاوزته وفقا لاسس سليمة ووضع الاليات الدقيقة التي من شأنها النهوض بواقع المجتمع الجديد .. واستثمار كل الطاقات والمثل العليا في هذا النهوض والبناء فاهداف الانسان ومثله العليا هي التي تحدد اتجاهات سلوكه السياسي والاجتماعي والتاريخي وينطبق هذا على المجتمعات ايضا فلا يتحرك مجتمع دون مثله العليا بحركة انسانية معاصرة صعودا نحو غاية محددة تتمثل بالوصول الى اقصى درجات الكمال الممكنة .. وتأسيسا على ذلك فانه لابد للقائمين على اوليات البناء الاجتماعي والنهوض به من الالتفات الى جملة من النقاط الاساسية التي تشكل بمجموعها الية من اليات اشتغال المجتمع ومشاركة ابنائه في صنع مستقبلهم وقرارهم السياسي .. كما انها تشكل بعضا من الحقوق الاجتماعية وواجبات الدولة على لائحة الحق العام وحمايته وهذه الاسس هي :
الاساس الاول: المشاركة السياسية والتي تعني حق المواطن في ان يؤدي دورا معينا في صنع القرارات السياسية وتعتبر معيارا ملموسا للحكم على مستوى الوعي والنضج السياسي الذي وصل اليه المجتمع . وتبدأ من اختيار نوع النظام ثم شكل الحكم وانتخاب القيادات العليا ثم في اتخاذ القرارات المصيرية في حياة الدولة والمجتمع .
الاساس الثاني : تداول السلطة وهو مبدأ سياسي في غاية الخطورة والحساسية ويعني ان ايصال الشعب لفريق سياسي معين الى السلطة ليس خيارا ابديا .. بل خاضع للتغيير حسب رغبة الغالبية من الشعب وبالتالي فان على الفريق الاول الانسحاب من السلطة لصالح الفريق الثاني وهذا يؤدي الى استقرار الحياة السياسية والى تطور وتقدم المجتمع وبالتالي غياب كل الاساليب غير السليمة في العمل السياسي .
الاساس الثالث : حقوق الانسان وهي مسالة بالغة الاهمية في بناء أي حياة سياسية سليمة فالانسان هو غاية العمل السياسي وهدفه بمعنى اقامة الحياة السياسية السليمة من اجل صالح الانسان في حفظ حقوقه وصيانتها وتوفير شروط تقدمه الفكري والمادي .
الاساس الرابع : الحرية فالانسان بطبيعته كائن حر عليه يجب ان يكون الهدف في كل مراحل البناء الاجتماعي هو تحرير الانسان من الاغلال التي تقيد حركته وتحد من حريته سواء كانت مادية ام فكرية او اجتماعية او اقتصادية .
الاساس الخامس : العدالة ( السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية ) هي الضمان الحقيقي للحياة السليمة وهي شرط من شروط الاسقرار السياسي والاجتماعي .. وتظهر اهمية العدالة السياسية في المجتمعات التي تتلون تكويناتها من حيث القومية او الدينية او المذهبية او ماشابه ذلك .
الاساس السادس : الحكمة وهي التي تستبطن في معانيها قيام الممارسة السياسية على اساس الدراسة الدقيقة للواقع السياسي وملاحظة ممكناته وقوانينه ونقاط ضعفه وقوته والحكمة السياسية هي ( سيرة العقلاء).
الاساس السابع : الاخلاق وهي القيم الحاكمة على الممارسة السياسية او تلك التي تتم داخل اطار حقوق الانسان الاخلاقية والاخلاق السياسية تفوق اهميتها الاخلاق الفردية . لان مردوداتها الايجابية والسلبية تفوق بكثير مايترتب على نظيرها في السلوك الفردي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا