الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم السوسيولوجيا والخبير التربوي د مصطفى محسن يتحدث عن فوضى الكتابة والإبداع .

عبدالكريم القيشوري

2013 / 12 / 24
الادب والفن


في إطار الأنشطة الثقافية التي دأبت المكتبة الوسائطية التابعة لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين المتواجد مقرها بمدينة العرفان بالرباط ؛ والتي تسهر على هندسة و تفعيل برامجها المبدعة عزيزة رحموني. عرفت قاعة المحاضرات التابعة لها يوم السبت 21 دجتبر2013 حدثا ثقافيا بامتياز؛ تجلى في احتفاء وتكريم أحد أعمدة علم الاجتماع والتربية بالوطن العربي الخبير التربوي المغربي د مصطفى محسن بحضور ثلة من طلبته ومريديه؛أصدقاؤه وأحباؤه؛ إخوته وعشاقه..
يتقدمهم د عبدالرحيم العطري كمسير للقاء؛ ود رشيد جرموني وذ حسن علوض وذ عبدالرحمن بنونة الذين قدموا شهادات معبرة ومؤثرة في رجل علم و تدريس كرس حياته للفكر والثقافة والكتابة والإبداع.
في كلمة شكر وتقدير تقدمها بها د مصطفى محسن لكل من المؤسسة المحتضنة للقاء؛ باعتبارها مؤسسة مواطنة ذات وظائف عدة اجتماعية وثقافية وتربوية.. وللحضور الذي أثث فضاء القاعة احتفاء به يقول : " لست أنا بمفردي من هو أجدر بالتكريم بل أنتم لأنكم الأصول والكتاب والمثقفون وأهل الإبداع والفكر فروع وامتدادات لعوالم وفضاءات التلقي تلك التي تؤثثونها باحتضانكم المتحضر للقراءة البانية العاشقة؛ وتقبلكم الراقي للمنجز من بضاعاتنا الكاسدة تلك التي نبذل في سبيل إنتاجها وإيصال بعض ما تيسر منها إليكم بأقصى الجهود المضنية؛ ولا سيما في هذا الزمن المتشدد العصيب الذي تشهد فيه مجتمعاتنا العربية المنتفضة تحولات عميقة لأنساق القيم والعلاقات والمبادئ والأخلاقيات؛ وتوجيهات الفكر والسياسة؛ ومفاهيم وأساليب وأنماط الذوق وأساليب العيش والحياة".
من خلال هذا اللقاء الاحتفائي الحميمي أبى المحتفى به إلا أن يشرك معه الحضور في هم السؤال الذي يؤرق مضاجع العديد من الكتاب وأهل الإبداع والمثقفين الذين يهيمون في عالم الكتابة والقراءة العالمة؛بطرح سؤال إشكالي عام تحت عنوان : ما معنى أن يكون الإنسان كاتبا ومثقفا في أيامنا وخصوصا في وضعنا العربي الآن ؟ والذي تفرعت من خلال طرحه العديد من الأسئلة التي تشعبت مدخلاتها بحثا عن مخرجات لها أصر د مصطفى محسن بأن تترك كذلك ؛ فاسحا المجال لأهل الفكر والثقافة والإبداع بأن يدلو كل بدلوه بحثا عن إجابة عالمة لهذا الطرح الإشكالي .
- ما جدوى الكتابة ؟ - هل الكتابة متعة أم عنت ؟ - هل هي لذة أم ألم ؟ – هل هي هواية وفضول أم شغل وضرورة والتزام ؟
- هي عالم ألفة أم عالم شرود ؟- بوصلة هادئة أم لوازم وبواعث تيه وشرود وضلال ؟ - هي نعمة سائغة أم نقمة مغامرة وتورط ؟ - تناغم بين النفس والجسد أم حالة انحراف وتطرف وفصامية وزيغان وشذوذ ؟
- هل الكتابة والثقافة كمعاناة يمكن اعتبار نسغهما الأساس أنهما بمثابة تطهر أو تطهير للذات من أدرانها ومعاناتها وغيها وضلالها وتيهها أم أنهما على العكس من ذلك تعرية للذات وكشف لمثالبها قبل مناقبها ؟
الكتابة كما جاء في الأثر العربي القديم؛ أحيانا تكون بمثابة فضيحة أو افتضاح للكاتب. قرأت يقول د مصطفى محسن فيما قرأته من كتب الأقدمين " أن الإنسان يظل حرا إلى أن يتزوج فتذهب حريته هباء منثورا ويظل مستورا؛ إلى أن يكتب فيفضح الله سريرته إما فضيحة مأمولة مصلوبة مرغوبة إذا كان فيما يكتب ما يغني ويفيد؛ وإما على العكس من ذلك؛ يكون الأثر المكتوب هو صك هذه الفضيحة".
- الكتابة هل هي منة وحظوة وعبقرية لا يفلح فيها إلا المميزون المخصوصون؟ أم أنها اختيار قصدي إرادي ؟ أو أنها انقلاب بلا وعي في عالم من الخسران المبين ؟
- هل الثقافة مشروع يتوخى منه الرؤى والتصورات من أجل مقاومة القيم الرديئة الفاسدة بتلك الثقافة العالمة أم هي على العكس من ذلك ؟ أم هي كما يصفها البعض سادية نمارس فيها عدوانيتنا على الآخر؛ نجبرهم أن يستمعوا إلى أفكارنا مهما كانت مضطربة؛ منحرفة؛ محرفة زائغة؟ أم هي ماسوخية نصب فيها جام عدوانيتنا على أنفسنا؛ فنعذب أنفسنا ونسهر الليالي ونكتب ونبحث ونرغم ذواتنا على أن تستمع لذاتها ولخطابها بدل أن تستمع –ربما- لما هو أجدى وأقوم من ذلك ؟
- هل الكتابة وسيلة للتألق والشهرة حتى ولو كانت مصطنعة ومفبركة وشعبوية في كثير من مظاهرها ؟ أم هي غاية في ذاتها لا تستقيم إلا إذا طلبت في ذاتها ولذاتها ؟
- هل الكتابة التزام بمفهوم الالتزام العام في أبعاده وارتباطاته الفكرية والسياسية والحضارية والقيمية التي يفترض أن يشكل بعضها غايات وقضايا وقناعات وعقائد ومشتركات إنسانية؟ أم هي على العكس من ذلك قبح قيمي أو إبداعي ونوع من الرؤية الفنية الخاصة التي لا ترتبط بأي إلزام أو التزام ؟
- هل الكتابة الحق هي التي تحترم ما راكمه الفكر البشري من قواعد وأسس وأصول ومعايير الكتابة عبر سياقات تاريخية وثقافية معينة وعبر نماذج وتجارب مضيئة في تاريخ الفكر الإبداعي والفني ؟ أم أنها نوع من التمرد على هذه النصوص والقواعد المؤسسة؛ بحيث لا احترام للأجناس ولا لطرائق معينة في تدبيج النص وبناء الأثر وغير ذلك مما أصبحنا نجهله الآن ؟. في تصوري المتواضع يقول د مصطفى محسن : " نحن اليوم في إطار فوضى عارمة بما يمكن أن نسميه فوضى الكتابة والإبداع. بحيث أصبحنا لا نقرأ لا رواية ولا قصيدة ولا قصة ولا شيء من هذا القبيل.أنا أتصور أن90 % مما يكتب خصوصا في مجال الكتابة الأدبية لا علاقة له بالكتابة والإبداع على الإطلاق" .
- هل الكتابة حرفة أم صنعة لا تتقن إلا باحترام طقوس العبور إليها؛ والنفاذ إلى فنيتها وخصائصها وروحها ؟ أم أنها موهبة أو ملكة لا يظفر بها إلا أفراد مخصوصون ؟أم هي جدلية مسترسلة وديناميكية بين ذينك الحدين ؟
- هل يمكن اعتبار الكتابة تحديا مقاوما أم أنها تسلية وتزجية وقت ليس إلا ؟
- كيف يمكننا أن نجعل من الثقافة فعلا مؤثرا في بلد صارت فيه نماذج من التواصل ونمط العيش في إطار ما يسمى يالثقافة الكونية الجديدة ؟
- كيف يمكن لعالمنا الثقافي أن يؤثر ويساهم في اتخاذ القرار؛ ويساهم في برامج التنمية والتحديث والتطوير الاجتماعي الشامل ؟
- كيف يمكننا أن نجعل من الثقافة والكتابة حقل استثمار معقول / عقلاني ومقبول؛ يجعل من الكتابة والثقافة ريعا معترفا به؛ ويحعل المثقف قادرا على أن يعيش بثقافته وبقدرته على الكتابة كمقدرة من ضمن المقدرات الي يمتلكها البشر؟ بدل أن تترك هذه الفوضى العارمة وخصوصا لدى بعض أشباه المثقفين والكتاب من الذين يدعون الخبرة؛ ويدعون المعرفة؛ ويدعون التنمية.. ويسقطون بذلك في إطار تسول ثقافي أوإيديولوجي أوديني أوسياسي.. وذلك نمط من أنماط التسول بحق.
-كيف يمكننا أن نحارب تسكيت صوت المثقف؛ وجعله قادرا على أن يكون له دور في توجيه الرؤيا والفكر والوجدان في اتخاذ القرار على كافة الصعد والمستويات؟
- كيف يمكننا في إطار هذه الشروط كلها أن نحافظ على استقلالية المثقف التي تعطيه تلك المسافة اللازمة بينه وبين انتماءاته السياسية والأديولوجية والدينية وغيرها ليكون مثقفا حرا مستقلا قادرا بأن يصدح بالحق – خصوصا وأننا أصبحنا نشاهد العديد من وعاظ السلطة ومن سدنتها؛ ومن الذين لا يتكلمون إلا باسمها؛ يتكلمون كل اللغات حينما تصبح لغة غالب ما هي اللغة السائدة؛ونرى في الدول العربية الآن الكثير مما يحصل من ذلك- ؟.
هذه الأسئلة الإشكالية وغيرها كانت محط اهتمام مثقف نوعي و كاتب ملتزم بالمعنى الإنساني العام مارس فعل الكتابة لخمسين سنة من موقع نضالي بحثا عن كيفية جعل الرهان الثقافي أفرادا وجماعات ونظما سياسية ضمن هذه الرؤيا النضالية رافدا أصلا لحصاد الفكر الإنساني الذي ظلت البشرية منذ فجر ولادته الضاربة في عمق التاريخ تسعى لإنمائه وتوطيده سعادة غامرة؛وخيرا مشاعا بين الناس تتقاسمه البشرية الشقية في الكثير من أوضاعها في هذا العالم الصاخب المتموجة البوار أفياؤه؛ وذلك بفضل ما يبذله الإنسان أنى كان من جهد وإرادة فعل وكفاح؛ وما تمثله منتوجاته في حقول الكتابة والثقافة؛ بمعناهما الشمولي وبلا تحديد أو تخصيص أو تضييق أو تحنيط للمضامين والآليات والأجناس من مكانة وقيمة وحظوة؛ في أسس بناء الذات الفردية والجماعية؛ وتمكين المجتمع مما هو ضروري ومطلوب من كفاءات واستحقاقية وأهلية وجدارة ومكانة دولية وحضارية فاعلة مؤثرة.
ومن شروط ومقومات الفكر الحر الحواري والمنفتح على قيم التسامح وتقبل التعدد المتنوع والاختلاف المقتنع بتبني مقتضيات ثقافة البناء الديمقراطي المتوازن في توجهاته ومشاريعه ومساراته ورهاناته المحلية والعالمية؛كما في مضامينه الحداثية المؤصلة وهي منتجاته وأدواره ومكوناته المادية والرمزية المتناغمة مع الذات كما مع لحظتها الكونية البشرية الأولى.
كانت هذه كلمة د مصطفى محسن عقب انتهاء اللقاء المفتوح الذي جمعه بثلة من المفكرين والمبدعين والأساتذة والطلبة وعشاق الحرف.. بمناسبة تكريمه احتفاء بمجهوادته الفكرية والإبداعية ؛ والتي انتهت بتوقيع كتابه الأخير " بيان في الثورة" عن دار الأمان بالرباط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب


.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي




.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي