الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفل مشاغب فى أعياد الميلاد (قصة قصيرة)

رمسيس حنا

2013 / 12 / 24
الادب والفن


طفل مشاغب (قصة قصيرة)

كان الطفل "فكرى" حريصاً على الحضور الى والمواظبة على فصول مدارس الأحد التى تُجرى فى كنيسة القرية لتعليم الأطفال مبادئ الأيمان الأورثوذوكسى المستقيم. وبمناسبة أعياد الكريسماس يكون الدرس للاطفال جميعاً هو قصة ميلاد السيد المسيح. ويركز الدرس على أن الطفل يسوع ولد فى فصل الشتاء الزمهرير وفى البرد القارس مع الثلج والجليد الأبيضين اللذين يغطيان وجه الأرض ، كما لم يكن للسيد المسيح مكاناً يولد فيه فولدته أمه السيدة العذراء مريم فى مزود البقر. وفى أثناء شرحه للدرس كان المدرس يركز أيضاً على الدرس المستفاد وما تعلمه الأطفال من القصة موضوع الدرس. وفى نهاية الدرس كان مدرس مدارس الأحد يسأل الأطفال ماذا تعلموا من الدرس الذى سمعوه. وعندما سأل المدرس الأطفال عما تعلموه من قصة ميلاد السىد المسيح ، تسابق الأطفال فى ترديد ما تم حشو رؤوسهم به من قِبل المدرس الذى يثنى بالمديح على كل إجابة يقولها طفل مطابقة لما قاله هو:

طفــل 1:
- بميلاد السيد المسيح فى مزود للبقر نتعلم التواضع.
المدرس:
- عظيم يا ابنى"مراد" ... فليباركك طفل المزود. صفقوا ل"مراد"

تصفيق حاد من جميع الأطفال ما عدا الطفل "فكرى" الذى كان يبدو ساهماً ، وتتنقل عيناه الدائريتين ما بين المدرس والطفل الذى نطق بالإجابة والأطفال اللذين يصفقون.

المدرس:
- وأنت يا "راضى" ماذا نتعلم من درس ميلاد السيد المسيح؟
الطفل "راضى":
- بميلاد السيد المسيح فى مزود البقر نتعلم أن الله يحب الفقراء.
المدرس:
- ممتاز أيها الأبن المبارك "راضى". فليحافظ عليك الرب. صفقوا ل"راضى"

تصفيق حاد من جميع الأطفال ما عدا الطفل "فكرى" الذى يبدو ساهماً ، وتتنقل عيناه الدائريتين ما بين المدرس والطفل الذى نطق بالإجابة والأطفال اللذين يصفقون.

المدرس:
- وأنت يا "راغب": ماذا نتعلم من درس ميلاد السيد المسيح؟
الطفل "راغب":
- بميلاد السيد المسيح فى فصل الشتاء والبرد والثلج والجليد نتعلم أن الله يشارك الفقراء بردهم وعريهم
المدرس:
- برافو أيها الأبن المبارك "راغب" ... وليجنبك الله كل شر وشبه شر. صفقوا ل"راغب".

تصفيق حاد من جميع الأطفال ما عدا الطفل "فكرى" الذى يبدو ساهماً ، وتتنقل عيناه الدائريتين ما بين المدرس والطفل الذى نطق بالإجابة والأطفال اللذين يصفقون.

حينئذ وعندئذ فقط لاحظ المدرس شرود الطفل "فكرى" وزوغان عينيه وعدم مشاركته لأقرانه فى التصفيق الحاد. فتوجه المدرس بالسؤال الى "فكرى":

- وأنت يا "فكر" ماذا تعلمت من قصة ميلاد السيد المسيح؟
- لا أعرف يا استاذ

وأنفجر الأطفال فى الضحك والسخرية من "فكرى" بينما يحاول المدرس أن يكظم غيظه وفى نفس الوقت يريد أن يكرر "فكرى" ما قاله أترابه. فسأله المدرس:
- ألم تكن مصغياً للدرس؟
فأجاب الطفل "فكرى":
- بلا يا استاذ. إننى أعرف القصة وسمعت كل ما قلته أنت وكل ما قاله زملائى. ولكن عرفت وعلمت شيئاً مختلفاً عما تقولون.

وأحدث الأطفال هرجاً ومرجاً كرد فعل لما يقوله الطفل "فكرى" ، بينما ظهرت علامات التحدى والحنق والغيظ فى عينى المدرس الذى سرعان ما طلب بطريقة ساخرة من الطفل "فكرى" أن يقول لهم ما هو الشيئ المخالف الذى تعلمه. فرد الطفل "فكرى" قائلاً:
- اليس المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب؟

فردد المدرس والأطفال:
- بلا. ... السيد المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب.

فقال الطفل "فكرى" متسائلاً:
- إذاً لماذا لا يعطى الفقراء ليشتروا ما يحتاجونه ليحموا أنفسهم من الشتاء ببرده وثلوجه وجليده بدلاً من أن يشاركهم هو كل ذلك العناء؟

فبدأ الحزن على وجه المدرس وأحس أن كل جهوده فى الوعظ والإرشاد قد ضاعت أدراج الرياح ، فقال المدرس للطفل:
- من تكون أنت لكى تعدل على إرادة الله وتصرفاته؟ إن هذا إلا شيطان يتحدث على لسانك.

فقال الطفل فى توسل:
- يا استاذ أنا أسال ماذا استفاد الفقراء من مشاركة المسيح لهم فى ذلك العناء؟ أن مشاركة الفقراء فى معاناتهم تتم برفع المعاناة عنهم ، وهذا أمر لا أعلم ما إذا كان الله قد أوجبه على الأغنياء. ولكن ما يحدث على الأرض شئ مختلف تماماً. فالبشر يكرهون وينهبون ويسرقون ويغتصبون ويقتلون بعضهم بعضاً. كل هذه القاذورات وكل هذا القبح جعل الأرض تخجل من أن تستقبل المسيح بوجهها السافرالقذر القبيح.

ثم واصل الطفل "فكرى" فى صوت خفيض وعيناه تنظر الى أسفل وإن كان بين الحين والحين يرفعهما ليخطف نظرة الى مدرسه تارة ثم الى أقرانه ترة أخرى:
- فغطت الطبيعة وجه الأرض القبيح بالثلوج البيضاء لملاقاة هذا الملك.

ولكن المدرس وجد فكر الطفل مخالفاً تماماً لتعاليم الكنيسة وتقاليدها وقال له:
- أنت طفل شقى ومشاغب يريد الشيطان أن يضل بك حتى المؤمنين. فلا تستسلم يا ابنى لهذا الشيطان وكن ابناً للمسيح.

ثم قبض المدرس بكلتا يديه على كتفى الطفل "فكرى" وفتح المدرس عينيه بأقصى إتساعهما وثبتهما على وجه "فكرى" كأنه يمارس طقس إخراج الأرواح الشريرة من جسد الطفل "فكرى" الذى لم يهتز له طرف حتى صرخ المدرس وهو يهز الطفل بشدة بكلتا يديه
- أيها الشيطان يجب عليك أن تتوقف وتتوب عن هذه الحذلقة والفذلكة والهرطقة وتصلى الى الله حتى يخلصك من شياطينك.

ثم هدأ المدرس من روعه بصعوبة بالغة ولكن بدأ هدؤه متصنعاً للجميع وقال فى نبرة يملأها الأسى والحسرة واليأس:
- هيا ننهض للصلاة.

وهب الأطفال جميعاً يرددون بصوت مسموع الصلاة الربانية "ابانا الذى فى السموات ... "
ولكن الطفل "فكرى" كان يبتسم لشياطينه وكان يفكر كيف يصلى الى الله ليجعل الناس يحبون شياطينه الثلاثة الحذلقة والفذلكة والهرطقة.
"رمسيس حنا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في