الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مملكة سوريا وابن فضلان

علي الحاج حسين

2005 / 6 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


على ذمة ياقوت الحموي المصنف والمتحدث الحصري باسم بن فضلان، قال اطلق صاحبنا لفرسه العنان يوم الخميس 21 حزيران سنة 921م. برحلة شيقة بتكليف من الخليفة المقتدر العباسي حين طلب منه ملك الصقالبة العون، استغرقت الرحلة أحد عشر شهرا في الذهاب وكانت مليئة بالمغامرات والمشاقِ. ما أن وطأ وصحبه أرض البلغار وجد أقوامًا تتعدد آلهتهم، وصفهم بقوله: "ورأينا أقوامًا تعبد الحيات، وأقوامًا يعبدون السمك، ومنهم من يزعم أن له اثني عشر ربًّا، رب للشتاء رب للصيف رب للمطر... إلخ." توغل نحو الشمال حتى وصل باحة قصر بني صقلب، وهاله منظر المعلقين على أعواد المشانق ومن اخترقتهم الخوازيق وتقام لهم الأعراس، وما أن دخل على ملكهم حتى سأله عن جناياتهم التي أدت إلى إعدمهم، أجابه على الفور كبير القوم: إنهم حكماء المملكة الأذكياء، لدينا فائض منهم، نسجنهم ونعذبهم قليلا حتى تتجذر فيهم الحكمة والعقل ومن يصمد منهم نرسله ليعين ربنا تانغرا " إله الشمس ومسيّر النجوم"، قد يفيدونه في أشغاله في السماء لأننا هنا على الأرض لا حاجة لنا بهم. وأردف عبد التانغرا: حين يكون العاقل حرا طليقا خارج حدود سجن الرب تراه ينشغل بما ليس له به شغل، ويصير مضرا، وتتحول حمته وعقله نقمة على المملكة والملك ويعبثون بعقول الرعية أيما عبث. فليساعدوا الرب في السماء ونريح المملكة من خطرهم.
وباعتباري واحدا من سواد الشعب السوري وعامته، ساقتني تصاريف الدهر لأن أسلك دربا سلكها ابن فضلان قبلي، قصدت جهبذا سلطويا يصف نفسه بأكثر النعوت عصرنة يقبع في جحر خاص داخل أحد مباني ممثلية بلدي في أرض الصقالبة. وددت أن استفسر فيما إن كان والينا مني غاضبا بعد أن عرفت أنه سجن وشنق وخوزق خيرتنا وبعض العوام مثلي. وبما أني لست حكيما يشتغل بما ليس له، وما كنت كرديا مجردا من جنسية يطلبها، ولا أصوليا مغضوب عليه، ولم أشارك بتجارة المخدرات مع ضباط أمن السفارات، ولم أكتب التقارير والتلفيقات، فما جريرتي ربع قرن في الشتات، اتسكع في أرض الصقالبة بلا هوية..!
وبما أن كلب الأمير أميرا لابد من مخاطبته بـ"سيدي الدكتور"، دكتور بماذا لا يهم، حتى لو كان دكتورا بقلي البطاطا أو تمسيح الجوخ.
لم اسم شيئا باسمه رغم أنه أشهر من نار على علم، كان لصا نصابا محتالا يسرق الكحل من العين، لم اسمع أنه أزهق روحا أو عبّ، ما كان ملهما، بل منتفعا متزلفا "مصلحجا" يبصق ويلعق النعال وفقا للضرورات التي تبيح لديه كل المحظورات ويلعب على كافة الحبال.
رشقته ببعض ما بجعبتي من إشارات استفهام وتعجب وعلامات ترقيم عربية ثم أعجمية، بعد فراغ الأبجدية، وسألت: لماذا تزجون بكل هذا الكم من السوريين بالسجون ممن لم يؤذوا بعوضة، لماذا خوزقتمونا في حماة وحلب وجسر الشغور، لماذا شنقتمونا في تدمر ولفقتم أفاعيلكم بالأزبكية، ، لماذا يزج أسدكم بخيرتنا طيلة هذه العقود بالسجون، فحولوها لثكنات العقول والأذكياء يرسلونهم متى شاءوا للسماء،... فما الأمر يا دكتور...!
تبدلت وتبلدت ملامح "سيدي الدكتور" وتلبدت غيومه على هامي، بحثت محولا نظري نحو المنفذ وتلمست مخرجا...، لكن وهو الخبير بمثلي، كما الحرباء بدل مظهره وكشر كما لو كان يبتسم، وقاطعني بأن "كفى..!:"، ثم فتل شاربيه الغليظتين وعلى كرسيه استوى ثم قال: أبحث عن السيد ابن فضلان، فهو رجل فهمان بلغه عن سيدي السلام وأشكره باسمي وكل الأعمام، وسله غايتك تجد المرام.
أيقنت أن لسان حاله يقول: لنا السلطة الفانية وأملاك الأرض الضيقة، بينما لكم الخوازيق والمشانق المؤقتة على الأرض وفي السماء فسيح الجنان، سل ابن فضلان واعقل يا فهمان..!.
مع فارق بسيط، حيث يعين مخوزقو الصقلبان تانغرا السماء، بينما نحن نطلب العون من السماء..!

* علي الحاج حسين، مغترب سوري - بلغاريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي