الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنحلال الرقم

فايز غازي

2013 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يحكى عن احد قادة السجون في العصر الحديث، انه ابتدع اوإتبع طريقةً لقتل نفسية مساجين الحرب وتحطيم ما تبقى فيهم من كبرياء وعزّة نفس، وذلك بترقيمهم ومناداتهم بالرقم عوضاً عن الإسم...وبعد حين يصبح "الشخص" رقماً، وبمرور الوقت يقتنع ،هو نفسه، بأنه " رقم تسعة" او " سبع وستون"..فينسى اسمه فهويته، فقضيته .....ويتحلل رويداً رويداً عقلياً ونفسياً...
محاكاةً لنجاح تلك القصة: إتبع تجارنا ( مرادف لكلمة "حكامنا" من معجم " لبنانيات"!!) الطريقة عينها!!!...ففي السجن الكبير المدعو " لبنان" ينقسم المجتمع عامودياً بين رقمين اثنين...تقع المشاحانات والمشكلات والحروب بين رقمين اثنين...تنقسم الألوان - وهي حزمة واحدة بالقوة- بين رقمين اثنين...تعيين ناطور في قرية حدودية طريقها من خارج الأراضي اللبنانية تجري تبعاً لقاعدة الرقمين!!!.... حتى الحب الذي لم يجرِ عليه قانون في غابر الأزمان وصل عندنا وخضع لقاعدة الرقمين!!...
كم منا من اناس ادركوا وسكتوا وكم منّا، ممن يدعون الفهم جزافاً، يقولون "انا 8" .."بس انا 14"...انت لست رقماً يا صديقي..هم يريدونك ان تقتنع بأنك رقمٌ صغير....انت لست أسير حرب، انت لست عدو...انت مواطن في "دولة" يحكمها "غرباؤها"..!!!
مجتمع كامل، يضم ما لا يقل عن اربع ملايين نسمة، تختزلهم في رقمين!!..مجتمع لم يعد الوجود ضمنه ممكناً إلا في صورة الرقم...مجتمع اضحى ابناؤه ارقاماً صغيرة في الرقم الكبير، "براغي" صغيرة تمكّن وتثبت "النظام" القائم...هو اقرب لمهزلة من "نظام"!!!
كل شخصية الإنسان، بدءاً بتاريخه وتاريخ حضارته، كل آماله ، تطلعاته، احلامه و اوهامه يختصرونها لنا برقمين اثنين!!
لا ادري ولا يهمني من على حق، لكني متأكد ان تلك الطبقة المسيطرة على بلدنا هي على باطل – في ظل غفوة شعب وسبات عميق!!!- ..ولا يهمني لما يتقاتلون لأنهم في النهاية سيجتمعون عند تقسيم "الجبنة" بينهم!! سيتفقون علينا..سيخترعون او يحدّثون افكاراً جديدة لخداعنا...سيشذبون العقل والوعي منا على مراحل..سيتابعون نفس اللعبة التي ورثوها عن آبائهم او اجدادهم....تغيّرت الطرق واللعبة واحدة!!!....
لكن ما يهمني هو ان نسأل لماذا و إلى متى؟؟
يهمني ان لا نبرر لأولئك السفاحين مكرهم و خبثهم.
يهمني ان استيقظ في احد الأيام ولست بحاجة لجواز سفري!!
يهمني إذا نظرت من على الشرفة يوماً، ان ارى املاً بحياة !!!
يهمني ان ارى اغلال هذا السجن تتقطع...والسجانين في السجن الأرضي... او العلوي... لا فرق!!..
يهمني ان ينحلّ هذا الرقم ويذوب....علنا نتعلّم...يوماً ماّّ....

لولا ذكاء منهم وغباء منّا، ما كان وهم هذه القيود ليتملّك فينا..ولا كانت لتستوي قاماتهم وتنحي عندها هاماتنا...وما كنّا لنضيّع وقتنا في كتابة و قراءة مقال بعنوان " انحلال الرقم"!!!.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية