الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما الشعر والفن عندالشاعر الشاب عبدالهادي المظفر //// مؤيد عليوي

مؤيد عليوي

2013 / 12 / 24
الادب والفن


دراما الشــــعر والفن
عند الشاعر الشاب عبد الهادي المظفر

إنَّ الدراما الشعر العربي، تعودُ بدايتها إلى الشاعر عمرو بن أبي ربيعة في العصر الأموي، والتي جعل منها أطاراً لمشاعره مع النساء وحكايته معهن أو حكاياتهن معه ، فالدراما مملوءة بالأحداث والمواقف والحركة و الصراع ...،وفي الشعر ترتكز على خيال الشعراء، فتكون أثمر من دراما النثر وجدانياً،حيث تشكل مظهراً خارجياً لبناء النص الذي يضم حدثاً أو أحداثاً في ديناميكية اللغة المعبرة عن المشاعر أو الإحساس اتجاه فكرة واحدة في وحدة الموضوع وتراكمية الصور الفنية التي يتلقاها القارئ مؤثرةً فيه خالقةً عالمه الجمالي حيث يرى "فولفجانج أيزر" ذلك في مفهوم " لورنس ستيرن ":(( النص الأدبي بما يشبه حلبة الصراع يشترك فيها القارئ والمؤلف في لعبة الخيال )) -1- أي القيمة الفنيّة في النص الإبداعي والقيمة الجمالية تكمن لدى المتلقي، وهنا يتكاثف الصراع في دراما الشعر بين صراع عالم النص والمتلقي حينما يكون موضوع القصيدة واقعياً ومُقدماً بفنيّة ما كما في اغلب نصوص الشاعر الشاب عبد الهادي المظفر،التي نجد عناوين قصائده تلتحم مع بداية القصيدة في تكوين الدراما بوصفها البناء الخارجي للقصيدة أو بنيتها البرانية ،حتى تتغلغل إلى البنية الجوانية للنص منسجمة في جملــهِ و دينامكية تراكيبها اللغوية ، كما في نص(رصاصاتٌ معنونةٌ ) :( (شبحي الذي رأيته وهو يدنو من عصيان النهرِ )) -2- ، تبدأ الدراما من عنوان النص الشعري التي تشي بقصدية القتل أو الاغتيال في العراق المعروفة بـاغتيالات( كاتم الصوت) وهي ظاهرة استشرت بشدة للتصفية الجسدية بين المتنافسين طائفياً تحديداً،على السلطة ونهب الثروات باسم الدين أو المذهب ، أو ضد الصحفي الذي يسعى إلى كشف حقيقة الزيف العلني المُلتحف بالدين، ومن العنوان(رصاصاتٌ معنونةٌ ) يتكون البناء الدرامي بوصفه المظهر الخارجي للنص،مع ما يليه من القصيدة ليشكل نهراً جارفاً من الصور الفنية في لعبة الخيال :(شبحي الذي رأيته .. ) بين الحلم والخيال والواقع في استعمال الضمير الغائب ( وهو....) مع تناغم استعمال الجملة الفعلية – فالفعل يدل على الحركة والحدوث في زمن محدد- ولأن القتل يقع في زماننا الحاضر جاء الشاعر بالفعل المضارع في جملته الفعلية (وهو يدنو من عصيان النهرِ ) في مدلول على الصراع بين الموت و الحياة مستعملاً للحياة رمز (النهر )،بطريقة مدهشة للتعبير عن الصراع الدرامي بسبب تلك الرصاصات المعنونة ،وتتكرر الجملة الفعلية – بصيغة المضارع- لذات المدلول السابق، حين يقترب المغدور من الرحيل (يترَّحّم لمواويلَ دافئة ) في حالة من الحنين إلى الحياة ، فتأتي الصور الفنية المعبرة عن ثابت الحياة في الشارع العراقي على الرغم من القتل ،وهي حالة انتصار للحياة، للنهر ، لفكرة أن القادم أفضل،هذا الثبات يحمله المدلول الشعري في الجملة الاسمية – حيث الاسم يدل على الثبات والاستقرار والحدوث دون زمن محدد - :(( جرف ناعس/ نواعير تُنبئ باللذة / سراويل مبتلة بالأمل /سنديان قُبّلْ والرصيف المشتعل بالسكارى / بالحيارى / العذارى / الغيارى )) بهذه الفنيّة في تراكيب الجمل ومدلولاتها الشعرية التي اقتضت الضرورة إلى توغلنا في أعماق بنية النص وكوّنت في النص صراعَ دراما الشعر بين القتل والحياة ، بين الجملة الفعلية والجملة الاسمية .
ثم تتغير الحال والحدث بتغيير دلالة الجملة الفعلية والاسمية في المقطع الأخير من القصيدة الجزء النهائي من دراماتيكية مفارقة الحياة قتلاً بكاتمٍ للصوت أو برصاصات معنونة مقصودة! ،إذ :(( أراهم .. أراهم/ ينجذبون نحو شبحي بصوت مقرئ ومرنِّم / بهلال أو صليب لا فرق/ وأنا تلك الإمضاءة في قلب وطن ./ النخيل المعتّق بإزار يغرقُ باللذة حين موعد وحين لا موعد ، أنا .)) دلالة الفعل المضارع هنا – أراهم / ينجذبون- تشي أن المغدور مازال في الرمق الأخير وهو يرى الناس من المسلين والمسيحيين يحاولون أن يساعده أو يدعون له او يترحمون عليه،حتى تتحول صياغة الجملة إلى جملة اسمية ويفارق الحياة :((وأنا تلك الإمضاءة في قلب وطن ./النخيل المعتّق بإزار يغرقُ باللذة حين موعد وحين لا موعد ، أنا)) فـثبات الجملة الاسمية هنا : بمعنى السكون دون حركة الحياة ،هذه الجمل بدلالتها وما أدته من دور في سياق المدلول الشعري خلقتْ نوعاً جديداً من الصراع لدى المتلقي عند المقطع الأخير من القصيدة ، إذ الصراع الدرامي خارج النص في عقل ونفس المتلقي قريباً من الواقع اليومي سيما الصورة الفنية الأخيرة لدى العراقيين (النخيل المعتّق بإزار يغرقُ باللذة حين موعد وحين لا موعد ، أنا) .
أما نص (لا احتفال هذا العام.. ):( هل سيقدم سانتا كلوز لي الحلوى هذا العام ؟ / عام من اللا معنى / لإمرأة تتدثر في عربةٍ يجرها .. / ( حصان إبليس )/وجه بغلها تجره الرياح . /وهي تتدثر ، وتدثر معها هاتفها وهي تبعث برسائلها الماجنة ، لمعشوقها ؟) 3 ، فالعنوان يدخل في صلب دراما القصيدة عندما بدأ الشاعر نصه الشعري بتساؤل على لسان امرأة عن قدوم سانتا كلوز – بابا نوئيل - والمعروف عنه تقديمه الهدايا في ليلة رأس السنة الجديدة لقلوب الكبار والصغار النقية والبريئة مثل قلوب الأطفال، قلوب لا تعرف الخيانة خيانة المرأة للزوج ، من أجل إشباع حالة الأورجازم الهائج لديها لعدم فاعلية الزوج في إشباعها ،وهل تسمى هذه الحالة خيانة ؟ بل مَن يخون مَن،؟ فالحل بسيط إذا لا يستطيع الرجلُ يطلق وينتهي الموضوع ،هنا تختلف فنية الشعر في عملية تناول الموضوع عما في القصيدة السابقة القصيدة ( رصاصات معنونة)، فالنص هنا موزع إلى مقاطع مبنيّة على حالة استذكار امرأة لعام مرّ من الحرمان الجنسي لعدم قدرة الزوج كما مرّ في المقطع الأول، عام من اللجوء إلى رجل أو رجال آخرين،وهذه المقاطع متداخلة أيضا بين ذكريات خطوبتها وليلة زفافها ، متداخلة بين حالات تعرف تلك النسوة من مثل حالتها على رجال آخرين ،وهذا النص يدل على موهبة وصناعة في دراما الشعر،فالانتقال من مقطع إلى آخر منسجمٌ جداً على الرغم من أننا نتقل إلى حالة نفسية متباينة عن المقطع الذي سبق لكنها من ذات الموضوع متعاشقة مع لحظات المقطع السابق لها بلغة شعرية كلما تتقدم وتتوغل في مقاطع النص تزداد توهجاً بفعل نشاط لغة الشعرية داخل النص أكثر فأكثر (( فالشعر لغة داخل لغة )) كما يقول جان كوهين، وفي المقطع الثاني :((معشوقها الدافئ جدا/ هل سيقدم خاتم زفاف لامرأة تجلس مع ذويها في رواق / المحكمة – مُحكَمة جداً ، حين تطلب هاتف المحامي الوسيم ؟/ بينما خطيبها يطارد الريح لإتمام معاملة زواجهما واعداً إياها / بغداء فاخر ، حد النذالة . )) هذا الصراع النفسي بين قيم المرأة وحاجتها لإشباع الاورجازم الهادر لديها تكون دراما الشعر بين اللغة المعبرة عن حالتها النفسية والمسكوت عنه واقعاً ،بسبب منظومة القيم الذكورية للمجتمعات العربية 4 ، كما يشي النص في المقطع الأخير منه حين تخاطبُ المرأة ُالرجلَ بـ((أين وزارة الأوقاف في دولتك/ أيها العربي غليظ الشارب/ لإيقاف المدّ الأنثوي الهائج ، بلا هوادة/ بينما آلتك الحربية صدأت منذ زمن بعيد ، بعيد )) .



.........................................................................................................
1 - مجلة فصول ،مجلة النقد الأدبي ،العدد 78 - عام 2010 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ص 59 .
2 – القصيدة فائزة بالمركز الثالث في مسابقة القلم الحر ، مصر ،2013 .
3- القصيدة فائزة بالمركز الأول في مهرجان جمعية تنمية المرأة ، مصر عام 2012.
4 – الأنثى هي الأصل ،الدكتورة نوال السعداوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي