الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا ... الفساد يَهُزّ عرش أردوغان

جاك جوزيف أوسي

2013 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


نفّذ قسم مكافحة الفساد المالي في الشرطة التركية حملة دهم واعتقالات يوم 17-12-2013 في مدينتي أنقرة واسطنبول هزت الأوساط السياسية والاقتصادية في تركيا بعد أن تبيّن أن من بين الأشخاص الذين تم توقيفهم أبناء وزراء الداخلية معمر غولر والاقتصاد ظفر شاغليان والبيئة والتخطيط العمراني أردوغان بيرقدار، إضافة إلى رجل الأعمال المشهور علي آغا أوغلو المقرّب من الحكومة العدالة والتنمية ومالك أضخم شركة إنشاءات في تركيا، والمدير العام لـ «بنك خلق» التابع للدولة، ورئيس بلدية الفاتح في اسطنبول عضو حزب العدالة والتنمية مصطفى دمير، المقرّب من أردوغان، وبيروقراطيين وموظفين في الوزارات الثلاث المذكورة.
وقد أتى تنفيذ عملية «الرشوة الكبيرة» بعد سنة كاملة من المتابعة والتنصّت على مكالمات الموقوفين والتثبّت من ضلوعهم في فساد مالي يشمل استخراج أذون بناء في أراضٍ زراعية أو محميات مملوكة للدولة، وتيسير قروض من دون ضمانات، في مقابل رشاوي مالية تجاوز مجموعها البليون دولار، ويدور الحديث عن احتمال وجود دور للوزراء الثلاثة الذين تم توقيف أبناءهم في هذه القضية.
وفي أول تعليقً رسمي على ما حدث رأى أردوغان في ما حدث «محاولة من قوى مدعومة من بؤر ظلام، داخل تركيا وخارجها، لابتزاز الحكومة وتغيير سياساتها»، مؤكداً أنها «لن تنجح» وأن حكومته «ستتصدى لهذا الابتزاز ولن ترضخ لتهديدات».
وتابع: «تركيا ليست جمهورية موز، لكي يحاول بعضهم التأثير في سياستها من الخارج أو الداخل، والفيّصل هو الانتخابات وهي قريبة. وعلى من يريد إسقاط الحكومة أن يلجأ إلى صناديق الاقتراع». وهو ما اعتُبِر إشارة مبطنة إلى جماعة النور المرتبطة برجل الدين النافذ فتح الله غولن التي يسيطر أتباعها على سلكي القضاء والشرطة في تركيا.
لكن من هي تلك الجماعة التي لها قوة تحريك الأحجار من قواعدها في دولة مثل تركيا بنيت على أسس علمانية قبل تسعين عاماً ؟
في ثمانينيات القرن الماضي بدأ اسم فتح الله غولن في الظهور بقوة في الأوساط الدينية والاجتماعية في تركيا، وكان غولن قد بدأ يطرح نفسه كصاحب مشروع إسلامي اجتماعي معتدل ومنفتح يدعو إلى الحوار مع الأديان الأخرى.
وقد بدأ غولن دعوته في العقد السابع من القرن العشرين انطلاقاً من أحد المساجد في مدينة إزمير جنوبي تركيا. حيث جمع حوله الأتباع بخطوات بطيئة، وبدأت تظهر جماعته بعد أن باتت تعرف بجماعة فتح الله خوجة أي الأستاذ فتح الله، وكلّلت مساعيه المعتدلة تلك بلقاء بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني، ونظراً إلى أن أفكار غولن لم تكن تتماشى مع النظام العلماني الحاكم لتركيا آنذاك، فقد ترك غولن تركيا واستقر في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1999، هرباً من ملاحقات قضائية بسبب أفكاره وأطروحاته الدينية.
وفي بدايات نشأة جماعته، كان غولن وأتباعه يتحاشون الخوض في السياسة، لذا اختاروا الجانب التعليمي والتثقيفي، وبدأوا في السيطرة على مراكز التعليم الخاصة التي تقدم دروس التقوية لتلاميذ المرحلة الثانوية والجامعية، التي انتشرت بشكل كبير في تركيا حتى وصل عددها إلى أكثر من 4000 مركز، كان نصيب جماعة النور منها أكثر من ربع تلك المراكز.
ولجأت الجماعة إلى عقد دورات ومجالس وعظ ديني في مختلف أرجاء تركيا، ونجحوا في استقطاب كثير من الشباب التركي إلى صفوفهم، وتزايدت أعدادهم مع مرور الأيام، حتى بات لهم نفوذ بين في كثير من الدوائر الحكومية لا سيما القضائية والأمنية.
ودخل غولن المعترك السياسي بشكل غير مباشر حينما أيّدَ انشقاق رجب طيب اردوغان وعبد الله غول في عام 2001 عن أستاذهم نجم الدين أربكان رئيس حزب الفضيلة الإسلامي، وإنشاء حزب جديد تحت اسم العدالة والتنمية. وقد أمر غولن أنصاره بالتصويت للحزب الإسلامي أو المحافظ الناشئ في انتخابات عام 2002 ومن بعدها في انتخابات 2007، وأخيراً في انتخابات 2011، وقيل الكثير عن دور غولن في التقريب بين حزب العدالة والتنمية والغرب، لا سيما الولايات المتحدة حيث يُعرف بأنه قائدُ حركةٍ إسلامية اجتماعية لا تعادي الغرب، وأن جماعته قد تكون الوجه المعتدل للإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وفي الفترة الأخيرة بدأت بوادر الصراع بالظهور بين جماعة النور وحزب العدالة والتنمية بعد تراجع نفوذ عدوهم المشترك المتمثل في النخبة العسكرية والعلمانية، ليتعمّق الخلاف وتزداد مشاعر عدم الثقة بين الطرفين بعد أن انتقد غولن ميول أردوغان السلطوية، حيث لمّح بطريقة مبطنة خلال دروسه الدينية بأنه «الفرعون». هذا الصراع حدا بالحكومة في شهر تشرين الثاني من عام 2013 إلى إعلان خطتها الرامية إلى إغلاق شبكة المدارس الخاصة المرتبطة بالجماعة، وهو ما رد عليه يوم الاثنين الموافق لِ 16-12-2013 عضو البرلمان عن حزب «العدالة والتنمية» لاعب كرة القدم الشهير والمقّرب من جماعة النور هاكان شكر، بالاستقالة احتجاجاً على قرار الحكومة.
وفي أول تصريح رسمي لحزب العدالة والتنمية قال نائب رئيس الحزب بولنت أرينش إن الحكومة تعتبر أن ثمة «عملية مدبرة، تحولت حرباً نفسية، لتشويه صورتها» قبل الانتخابات البلدية المُزمع تنظيمها في آذار المقبل. وشّدّد على أن الحكومة ستدعم التحقيقات وستحرص على نزاهتها وإنجازها سريعاً، نافياً التستر على أي متهم أياً تكن علاقته بالحزب الحاكم. وأضاف قائلاً: «نحترم دائماً قرار القضاء ولن نتدخل». لكنه تساءل عن توقيت العملية التي قيل إن الترتيب لها بدأ قبل نحو سنة.
وتحدثت وسائل إعلام مقربة من الحكومة عن تدخل غربي للنيل من حكومة أردوغان، لرفضها فرض عقوبات اقتصادية على طهران، علماً أن قسماً من اتهامات الفساد يطاول عمليات تهريب للذهب وغسل أموال إيرانية، في مقابل استيراد أنقرة نفطاً إيرانياً خارج إطار العقوبات الغربية ومن دون استخدام النقود والحسابات المصرفية، إذ تُستخدم سبائك ذهب في عمليات الدفع، من خلال وسطاء أوقفوا، بينهم نجلا وزيري الداخلية والاقتصاد. وتُعتبر اتهامات الفساد ككعب أخيل بالنسبة لحزب العدالة والتنمية حيث تُقوض معايّرهم الأخلاقية التي بنوا عيها سمعتهم كأشخاص عصاميين وتُقلص فرصهم في النجاح في الانتخابات القادمة.
وقد ردّت الحكومة التركية على عملية «الرشوة الكبيرة» بعزل خمسة من كبار ضباط الشرطة. وأصدرت قيادة الشرطة الوطنية بيانًا قالت فيه إن رؤساء خمس وحدات في شرطة اسطنبول عُزلوا «لسوء تصرفاتهم في العمل»، بينهم رؤساء قسم الجرائم المالية وقسم الجريمة المنظمة وقسم مكافحة التهريب وقسم مكافحة الارهاب.
وتعرّض قرار الحكومة اعفاء هؤلاء الضباط الكبار في قوات الشرطة لاتهامات واسعة، بوصفه محاولة هدفها إجهاض التحقيقات الجارية. لكن نائب رئيس الوزراء بولنت أرينش نفى أن يكون إعفاء هؤلاء الضباط محاولة مسيّسة لتعطيل التحقيقات.
ومن جانب آخر، حذر إردوغان من أنه قد يعمد إلى إبعاد بعض السفراء الأجانب الذين يقومون بعمليات «تحريض» على خلفية التوترات الناجمة عن فضيحة الفساد. وقال إردوغان في كلمة ألقاها في مدينة سامسون على البحر الأسود ونقلها التلفزيون التركي، إن «بعض السفراء يقومون بأعمال تحريض». وأضاف «لسنا مستعدين لإبقائكم في بلادنا». واتهم إردوغان مجموعة لم يحددها من السفراء لدى تركيا بممارسة «الاستفزاز» و«المكائد» داعياً إياهم إلى «القيام بعملهم فقط».
وتأتي تصريحات إردوغان بمثابة تحذير ضمني للسفير الأميركي فرنسيس ريتشاردوني، الذي بحسب بعض وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة كان قد صرح لممثلين عن الاتحاد الأوروبي بأن واشنطن طلبت من مصرف « خلق» العام قطع جميع علاقاته مع إيران بسبب العقوبات على هذا البلد، ومدير عام «خلق »، سليمان أصلان، من بين الأشخاص المتورطين بفضيحة الفساد.
وفي موضوعٍ أخر، قدّم حزب الشعب الجمهوري مذكرة مساءلة برلمانية ضد رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بشأن الأسلحة المرسلة إلى الإرهابيين في سورية عبر تركيا والتي سُجِّلت في قاعدة بيانات الأمم المتحدة ومركز الإحصاء التركي. وقد نفى وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ، هذه التُهمة مؤكداً أن المعدات المذكورة هي بالأساس «بنادق صيد».
وقال يلماظ، خلال جلسة البرلمان التركي لمناقشة ميزانية العام 2014، «لم تسلم أية أسلحة عسكرية من قبل تركيا لسوريا في عام 2013».
وأوضح يلماظ أن كل التصاريح المتعلقة بتصدير الأسلحة هي من اختصاص وزارته، لكنه أكد أن أية وثيقة من هذا النوع لم تصدر خلال العام 2013، لكنه اعترف، في الوقت ذاته، بأنه تم تصدير «بنادق صيد وبنادق هواء» خلال هذه الفترة إلى سوريا، مشيراً إلى ان ذلك لا يتعارض مع القانون الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة