الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثلية... لمسة إنسانية

ميلاد سليمان

2013 / 12 / 25
حقوق مثليي الجنس


ربما سر شهرة مسلسل سبارتاكوس، والضجة المُثارة عليه وحوله، تكمن في نظرته الإنسانيّة للعلاقات المثليّة بين النساء وبين الرجال، وبيان أنها سلوك طبيعي، وليس "شذوذ" عن فطرة، أو تصرف يستحق إستهجان المجتمع!!، فليس من المعقول أن يُضطهد إنسان ويتم قتله لأنه إختار الطريقة التي يوّد إستكمال حياته من خلالها.

وفي الحلقة الأخيرة من المسلسل، في الجزء الثالث، تظهر المُفاجأة الغير متوقعة، إذ أنه من بين كل العبيد الراغبين في التحرر والحريّة من جيش سبارتاكوس، لم يبق منهم على قيد الحياة، سوى العاشقيّن المثلييّن "آجرون ونُصير"، وكأن مُخرج المسلسل يبعث لنا رسالة واضحة، مفادها أن العلاقات المثليّة سيكتب لها البقاء والإستمرار، وسينال المثليون حريتهم، مهما تمت محاربتهم ومطاردتهم.

طوال أحداث المسلسل، لم تنس أي حلقة، بيان وجود المثليين داخل المجتمع الروماني/اليوناني، كشريحة أساسيّة لا يمكن تجاهلها، بل ووسط الشعوب الأخرى؛ كالغال والغجر الرّحالة وغيرهما. وتتجلى عبقريّة المخرج أيضًا، في بيان أن المثليين، لم يكن لهم تجمعاتهم الخاصة، أو مناطقهم السكنيّة المقصيّة، أو زيّ موحد أو شكل خارجي يَعرفون بعضهم به، بل هم بشر أسوياء، كغيرهم، ممارساتهم الجنسيّة الخاصة لا يخفونها، وكذلك لا يُباهون بها. وتم تقديم حياتهم في صورة واضحة، أنهم رجال ونساء يتمتعون بإمتيازات المواطنة الكاملة. يُسمح لهم، كحق إنساني طبيعي، بالعمل في التجارة، والمشاركة في الخدمة الوطنيّة داخل جيوش بلادهم، والتعبير عن أنفسهم، بالكتابة والرسم وباقي الفنون، دون حرج، في أي وقت ومكان. وهناك على ذلك مثال "أكاديميّة أفلاطون" التي كانت ترحب بالمثليين، للممارسة الجنسيّة الحرّة، والتفاعل الفكري الفلسفي بين الرجال.

كذلك رأينا في المسلسل، العلاقة المثليّة النسويّة بين "لوكريشيا وإليثيا"، وكلتاهما متزوجة أيضًا، والمدهش أن زوجيهما يعرف كل واحد منهما، أن زوجته على علاقة جنسيّة بصديقتها، ولم يبدِ أي منهما إعتراض، بل إعتبرا ذلك نوعًا من رفاهيّة المرأة وسعادتها الخاصة، حيث أن المرأة هي الأقدر والأعرف بمناطق سعادة نظيرتها بنت جنسها. لكن المشكلة ظهرت بين الإمرأتيّن، حينما حبلت "إليثيا"، وإكتشفت "لوكريشيا" إنها عاقر، مما سينمع لقاءات اللذة بينهما، ويُحول الشوق إلى حقد وكراهيّة، فإعتبرت العاقر ذلك الحمل نقض لعهد الحب، وخيانة مباشرة لها، فقامت العاقر بقتل عشيقتها الحُبلة وطفلها معها!!؟.

ومن الموّثق تاريخيًا، طبعًا بحسب المراجع المُتاحة، أنه لم يوجد بيت في روما، إلا وتكوّنت الأسرة داخله، من أب وأم وعبيد، فقد كان وجود العبيد جزء من بنيّة المجتمع في ذلك الوقت، وكثرتهم دليل تميزه وتقدمه في الصناعة والخدمات!!؟. لذلك رأينا بين صفوف العبيد في الدار، أنثى تختّص بإسعاد ربّة البيت، تقوم بتحميمها، ومداعبتها جنسيًا، وتزيينها وتصفيف شعرها، وإختيار ملابسها للخروج والسهرة. وذكر يختص بإسعاد رب البيت؛ يتبارزان ويتدربان على القتال معًا، ثم يلهوان في ممارسة تبادليّة حرّة. طبعًا مع علم الطرفين "الزوج والزوجة" بوجود تلك العلاقة المِثليّة التكميليّة التي تتم بين/ مع كل طرف، والعبد الذي إختاره. المثليّة لم يتم إعتبارها خيانة لقدسيّة الحياة الزوجيّة، أو تقليل لكرامة أحد أطرافها، أو إنكار لحقه. المثليّة، كما قدمها المسلسل، هي الحياة التي لم تعرف طبقيّة، أو تمييز، أو تفرقة. ولكن هذا لم يمنع من وجود غيرة وحالات الشك في وجود خيانة، بين المثليين وبعضهم، فالعلاقة تتطلب قدر من الوفاء والإخلاص، إلا إذا تم الاتفاق - بين الطرفين- على غير ذلك من بدايتها.
هذا ليس "نموذج أمريكي" يسعى الغرب الماجن الداعر، وفق نظريّة المؤامرة الكونيّة، إلى تعليبه وإرساله لمجتمعاتنا المتخلفة التي تأن تحت وطأة الدين والجهل والمرض، كي نُحاكيه لنصير مثلهم لا سمح الله!!؟. بل هي صورة فنيّة توضح ما وصل إليه ذلك الوسط الإجتماعي الإنساني، من تفاهم في أدق العلاقات الخصوصيّة السريّة، التي دائمًا يُساء فهمها، ومحاربتها عن جهل بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسلسل {Spartacus} العلاقة السحاقيّة النسويّة
شيماء وجدان ( 2013 / 12 / 25 - 16:43 )
المثليّة بين Lucretia وAleteia، وكلتاهما متزوّجة أيضًا وزوجاهما يعرفان أن زوجتيهما على علاقة جنسيّة بصديقتها، ولم يبدِ أي منهما إعتراض، بل إعتبرا ذلك نوعًا من رفاهيّة المرأة وسعادتها الخاصة، حيث المرأة أقدر وأعرف بمناطق سعادة نظيرتها بنت جنسها. لكن المشكل ظهر بين الإمرأتيّن حين حبلت Aleteia واكتشفت Lucretia إنها عاقر، ما سينمع لقاءات اللذة بينهما ويُحوّل الشوق إلى حقد وكراهيّة، فاعتبرت العاقر ذلك الحمل نقض لعهدِ الحب وخيانة مباشرة لها، فقامت العاقر بقتل عشيقتها الحُبلى وطفلها معًا!. الموّثق تاريخيًا حسب المراجع المُتاحة، أن لا بيت في روما إلا وتكوّنت الأسرة داخله من أب وأم وعبيد، وكان وجود العبيد جزء من بنية المجتمع في ذلك الوقت، وكثرتهم دليل تميزه وتقدمه في الصناعة والخدمات!. بين عبيد الدار، أنثى تختّص بإسعاد ربّة البيت، تحممها، وتداعبها جنسيًا، وتزيّنها وتصفف شعرها، وإختيار ملابسها للخروج والسهرة.

اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج