الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جز الصوف

حسن الشرع

2013 / 12 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


زارني أحد اصدقائي وهو أستاذ جامعي مرموق له وزنه في الأوساط العلمية في مكتبي في العاصمة الماليزية وقد أخذ الزمن منه كل مأخذ وكل حُشاشة قلبه المنهك ولم يعد يطيق إستعمال أصباغ الشعر الذي مازال يتحدى ببعض تجاعيده الهشة كل عمليات التغير المناخي منذ حادثة الافك السياسي الرمضاني بالشهر الناقص هجرة وميلادا. قلت له: كيف حالك ؟ قال: لقد زيّن القوم رؤوسنا ورؤوس من خلّفونا وخَلَفونا ..وفي اللهجة العراقية المحلية ..زين شعره أي حلقه وتستعمل كناية عن الحاق الأذى الضرر الكبير بالشخص بما يعجزه
كانت بابل مركز إقامة إحتفالات ما يعرف ب ( اكيتو) ، والعراق القديم كان على موعد سنوي في مرتين ، الأولى هي مناسبة جني التمور ، والثانية هي عيد جز الصوف الذي يحتفل به بين شهري آذار ونيسان .وكان هذا العيد يعني حلول فصل الربيع او انبثاق حياة جديدة وهو عيد رأس السنة الذي يرمز الى تجدد الحياة وقد اطلق عليه السومريون اسم ( زكموك ) وسماه البابليون الكلدانيون باسم أكيتو وكلا من الأسمين يعني رأس السنة . ظل الإله مردوخ هو محور الاحتفالات بعيد اكيتو سواء كان ذلك في بابل التي كانت المدينة الاولى التي يحتفى بها بهذه المناسبة المهمة او في المدن الاخرى، وحسب وقد كانت هناك ثلاثة معابد للاكيتو في بابل خلال العصر البابلي الحديث عصر المملكة الكلدانية، لقد حافظ الكلدان على القيام باحتفالات اكيتو في عهد الاحتلال الفارسي، وهذا العيد يحتفل به لمدة احد عشر يوما، ويبدأ المهرجان في الأول من شهر نيسان حيث يحل فصل الربيع الذي يمثل نهاية الشتاء البارد وبدء موسم الاعتدال الربيعي والدفء والنمو الذي يرمز إلى الحياة والخير، ومغزى الإحتفال بعيد جز الصوف الذي كان يحتفل به منذ القديم هو مشاركة الأرض في أفراحها. وكانت الاحتفالات تقام في معابد المدن، وكان الملك يشارك فيها وتقام في المعبد الرئيسي الذي يسمى معبد اكيتو. وجز الصوف هذا هو عيد للأيزيديين الذين يقطنون شمال غربي العراق ويحتفلون به في رأس السنة من ربيع كل سنة.
لطالما كان للحلاقين موقع مميز عند الكثير من السياسيين والمفكرين ورجال الأعمال والشخصيات العامة لكونهم مصادر أخبار لما يقال وما يرى ..وقد روى ومن هذا ما ورد في أوبرا حلاق أشبيلية ،الاوبرا الهزلية ذات الفصلين التي ألف موسيقاها جواكينو روسيني ونصها تشزاره ستربيني. تدور أحداث الاوبرا حول قصة حب بين الشاب الكونت ألمافيفا والشابة روزينا. ويرغبان بالزواج، إلا أن بارتولو الوصي على روزينا طامع بأموالها ويريد الزواج منها. وهنا يظهر الحلاق فيگارو، وهو رجل سليط اللسان يتمكن من إفشال مخطط بورتولو. وينتهي العمل نهاية سعيدة بانتصار الحب وزواج الحبيبين.. كثيرا ما يشاع عن الحلاقيين بأنهم سليطو اللسان أو مثرثرون حتى أني ما زلت أذكر قطعة من أحد نصوص القراءة عندما كنت في الصف الرابع الإبتدائي عنوانها الحلاق الثرثار يروي فيها كاتبها الأديب المصري الشهير مصطفى لطفي المنفلوطي قصة معركة من معارك الحرب العالمية الثانية وهو يرسم الخريطة بقص شعر الزبون ثم يوجه له ضربة بقبضة يده على أم رأس الزبون مشيرا الى الضربة التي وجهها الأميركان في بول هاربر تاركا أياه مولولا متوجعا.
كان الظهور الأول للرئيس اليماني السابق بفروة شعر كث عندما قام بزيارة للعراق ثم ظهر بعدها بهيئة أخرى وقد قُص شعر فاصبح بنظر العراقيين وقتذاك أكثر أناقة عندها قال عامة العراقيون أننا حلقنا شعره ،وكأن في اليمن لا وجود لحلاق بإمكانه حلاقة الرئيس ..لقد مر أكثر من عقد من الزمن قبل أن يقول الرئيس اليمني ذاته " علينا أن نحلق رؤوسنا بأنفسنا قبل أن يحلقها لنا الآخرون" و قد دفعه إلى هذا القول ما رأى و سمع، و رأى و سمع معه الحكام العرب،
لا اعرف لماذا أصبحت عطلة الحلاقيين التقليدية يوم الاثنين ولفترة طويلة من تاريخ العراق المعاصر لكني أعرف أن ذلك أقر بشكل رسمي لوقت وأستمر العمل به لوقت طويل .لكني عرفت مؤخرا أن يوم الأثنين هو عطلة الحلاقين في معظم الدول العربية القريبة من العراق على الأقلة على الرغم في وقوع الإختلاف في تفسير ذلك.
يحاول معظم الناس أن يجربوا الغناء بأصواتهم حتى وإن لم تكن جميلة فضلا عن عدم إلمامهم بآلياته وطرقه كما أن كثيرا آخرون يحاول بنفسه جاهدا ومستمتعا حلاقة أطفاله الصغار الذين يخافون الحلاق بأعتباره شخصا غريبا أو لخوفهم منه فالحلاقة كالغناء ..كلاهما فن يمتع الناس وكلاهما يثير التطفل ..
لقد أعلن أحد اصدقائي في سبعينات القرن الماضي عن إستعداده للقيام بحلاقة رأس من يرغب مجانا وقد أقتنى عدة الحلاقين بأبسط صورها وقد نجح بالفعل وكنا نجتمع حينذاك بأجواء بهيجة حيث كنا نسميه عيد جز الصوف ...لم يكن صديقنا هذا مثرثرا بل كان مثقفا ...هو الآن ممن يشار له بالبنان شخصية قانونية مميزة بإمتداد فكري واسع الأفق وحضور ثقافي مميز وكبير .
بالمناسبة كيف تحلق شعرك هنا في كوالالمبور يادكتور؟ قال لي صديقي؟ ...أين أم كيف ؟أنها حلاقة صينية جميلة صالونها في السوق التجاري(المول )المجاور للمكان الذي أسكن فيه ..تلعثم الرجل وقال: وهل تجيد صنعتها ؟ قلت: وبدون أدنى ثرثرة .
أنها لمفارقة كبيرة ...أن يثرثر السياسي ويصمت الحلاق ويمسك المفكر ...فلقد إجتاحنا الصلع فنفرت روزينا وشكى فيكارو ألمافيفا في عيد أكيتو ...لا تستبشروا خيرا فقد تدنا الوعي ونحن ما زلنا في الفصل الثاني...عاشت الصين حرة عربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول