الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب البعث من -الاشتراكية - إلى الليبرالية

حسيبة عبد الرحمن

2005 / 6 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


انعقد المؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم في سوريا وسط تركيز إعلامي_ عالمي ،عربي، محلي_ كبير. كان للنظام دور رئيسي في توجيه الأنظار نحوه، إن كان من زاوية أهمية التوقيت ،أو من زاوية ما سينتج عنه،أو ما أرادت السلطة إيصاله من رسائل للولايات المتحدة الأمريكية وللداخل السوري_السلطة هي القوة الوحيدة الفاعلة في سوريا وعلى الجميع إدراك ذلك وأخذ مصالح السلطة بعين الاعتبار _ فأشبع المؤتمر العاشر نقاشاً سواء قبل المؤتمر وأثناء انعقاده وبعد انتهاء أعماله، إن كان من ناحية التوقعات، أو التوصيات والنتائج التي خلص إليها حزب البعث. وأخذت دائرة التحليلات تتسع سلباً أو إيجاباً للنتائج وعلى وجه التحديد : حالة الطوارئ وما يتصل بها ، قانون الأحزاب، قانون المطبوعات، والمجردين _ ممن أسقطت جنسياتهم في إحصاء 1962 من الأكراد السوريين _من الجنسية، قضايا أربعة تركز الاهتمام عليها وحولها ، وأسقطت معظم التحاليل قصداً، الجوهر في قرارات المؤتمر ، وهو انتقال وتحول حزب البعث إلى حزب ليبرالي على المستوى الاقتصادي وبشكل سافر؟؟!!.
ومن اللافت للانتباه ، زاوية تناول المؤتمر وتوصياته والتركيز كما أسلفت على قضايا ثلاث، ورغم أهميتها وأهمية انتقاد التوصيات التي صدرت عن المؤتمر القاصرة بشأن تلك القضايا، والذي ترافق بإغفال أي تعليق، أو موقف حول تحول حزب البعث والذي تعد الاشتراكية أساً من أساته ومعتقداته التثليثية_ الوحدة، الحرية، الاشتراكية_ إلى الليبرالية، حيث كانت تشريعات اقتصاديات السوق على رأس أولويات المؤتمر_ وهو المعني بالإصلاح الاقتصادي الذي روج له من قبل النظام والقوى والمثقفين ، دون تأمل نتائج التوجه على المستوى المجتمعي_ وهو التوجه الذي لا لبس فيه و حوله في المؤتمر ، فإذا كان الغموض والقصور يلف القوانين المتعلقة بالقضايا الثلاث المذكورة أعلاه، وما ينتج عنها من انتظار القوى والأحزاب السياسية، اشتراطات الترخيص للأحزاب والمطبوعات والحد من حالة الطوارئ..والعدد الذي سيطوله إعادة الجنسية وما إلى ذلك...الخ فإن التشريعات والقوانين الصادرة عن المؤتمر ذات التوجه الليبرالي الاقتصادي جلية وواضحة، ولكن مصالح من تخدم ؟؟ وهنا سأجتهد وأقول أنها تأخذ مصالح فئات من البرجوازية البيروقراطية _ الطبيعة الطبقية للسلطة السورية_ وتحالفاتها مع شرائح البرجوازية الأخرى من كومبرادور، و برجوازية تقليدية.
وإذا كان في مؤتمر حزب البعث من نقطة تحول جوهرية فإنها تكون بتحول الحزب الذي نشأ وتوسع على خلفية المسألة الزراعية في سوريا_ بما مثل من مصالح الفلاحين في ذروة نشاطه في الخمسينات_ والذي يعني بداية القطيعة مع تلك الشرائح الطبقية رغم محاولات الحزب نشر بروبا كاندا عن مصالح الطبقات الفقيرة التي لا يزال حسب زعمه يمثلها.
هذه الخطوة التي ماطل فيها حزب البعث الحاكم في سوريا منذ أواسط السبعينات والتحولات النوعية في البنية الطبقية والمجتمعية لقيادة حزب البعث. فإنه أبقى على علاقاته مع الطبقات الفقيرة من خلال مؤسسات الدولة والقطاع العام_وسائل وأدوات النهب البيروقراطي_ بوضع عالمي ساعد النظام على الاستمرار به _وأهم العوامل وجود دول أوربا الشرقية_ .
أما وأن تحولت معظم أحزاب أوربا الشرقية " الشيوعية " والآن الحزب الشيوعي الصيني إلى الليبرالية تبعتها معظم الكتل السياسية الماركسية السورية كذلك المثقفين، الذين باتوا وأفاقوا على حلم الليبرالية ،الحلم الضائع ، وتشكيل كتل وتجمعات تدعي الليبرالية دون وجود أية مقومات اقتصادية أو سياسية سوى الرغبة في التخلص من السلطة الحاكمة ولو جاء من جاء ومن أي مكان جاء ولو الشيطان !! كردة فعل على القمع المتواصل للسلطة_ إقصاء المجتمع برمته مع تعبيراته السياسية_ فلا غضاضة لحزب البعث الذي تبنى الاشتراكية بعد مخاض طويل وصراعات دامية، أن يتبنى الرأسمالية التي لم يقطع معها ،اللهم إلا بالشعارات وما خدم مصالحه .
وهكذا لبى حزب البعث في سوريا طموحات المثقفين الحالمين بالليبرالية _ لا يريدونها عن طريقه _ وعلى طريقته .وهنا سأعود إلى الوراء، واعتقال الصناعي رياض سيف بسبب طموحه إنشاء حزب ليبرالي يمثل فعاليات وقوى اقتصادية ليبرالية .
وبهذا التحول لحزب البعث يكون البعث قد حاول القطع على أي حزب ليبرالي يمكن أن ينشأ له قاعدة اقتصادية واجتماعية بعيداً عن هواجس مثقفين ماركسيين في الغالب _لعبوا دور وكيل عن الطبقة العاملة التي لا تعي ذاتها بذاتها، وانتقلوا لمحاولة أخرى في دور الوكيل عن الليبرالية دون التنبه إلى أن الليبرالية تعي ذاتها وأسفي عليهم أن الليبرالية لا تحتاج وكلاء عنها والذي يدلل على العقلية الإرادوية المتحكمة أثرى انتقالهم إلى المواقع الجديدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ونظرية فوكو ياما الليبرالية نهاية العالم والذي يعني تعويم التوجه الليبرالي .
وقد استفاد حزب البعث من التجربة الصينية كما استفاد من آراء وتوجهات المثقفين السوريين الذين ذكرتهم قبل قليل،توجه مدعوم بوجود قاعدة اقتصادية تساعده في التحول إلى حزب ليبرالي من طراز جديد وعلى طريقته الخاصة وبذلك يبقى الحزب هو قائد التوجه الليبرالي الجديد وما يعنيه بقاء بنية السلطة في سوريا على ما هي عليه من حيث الجوهر في المدى المنظور مع إجراء تعديلات هنا وهناك .
وهنا تبدأ اصطفا فات طبقية وسياسية جديدة حول ومع حزب البعث أسها الطبقات الثرية في سوريا _ هذا لا يعني عدم وجود خلافات وصراعات ما بين شرائح البرجوازية السورية المختلفة_وبالتالي لابد من طرح سؤال حول شيوعيي الجبهة ، كيف سيستمرون في الجبهة مع حزب طبقي معاد، كانت بينهم مشتركات عدة ، والآن تراجعت؟ فهل يمكنهم التعايش مع حزب البعث الليبرالي؟ وأي برنامج مشترك بينهم ؟. وقد خصصت الشيوعيين بالذات باعتبار أن الأحزاب القومية العربية والسورية، هي أقرب إلى توجهات حزب البعث في حين مازال الشيوعيون يتمسكون بمصالح " الطبقة العاملة وتحالفاتها " ولو بالشعارات .

حسيبة عبد الرحمن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا