الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحطاط الأمة.. والخوف من الكلمة

وديع العبيدي

2013 / 12 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



انحطاط الأمة.. والخوف من الكلمة
-رسالة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية للقيام بمسؤولياتها تجاه تحرير العرب من وصايا العبودية-
من ملامح انحطاط الأمة أن يسودها السفهاء [من السَفَه وهو ضعف في العقل]، وأن يُذلّ النبلاء والشرفاء، وكلمة الحق تغترب، ويسودها الجهل والنفاق والشقاق. ولم تجتمع هذه الرذائل في زمن، اجتماعها اليوم في عرب الوهابية وثقافة البترودلار.
اننا نعيش اليوم انحسار العلمانية واللبرالية والتقدمية التي كانت من منجزات المدنية الحديثة التي اجتمعت قوى الاستعمار الأنكلو اميركي والاسلام اليميني الرجعي على محاربتها منذ مقتل الزعيم جمال عبد الناصر وافتعال الحرب الأهلية اللبنانية والمأساة العراقية انتهاء بمصادرة الربيع العربي والقضية السورية. تلك الممارسات المفتعلة ليست غير حرب الرجعية العربية والدينية على المدنية والحداثة والتقدمية، وإذا كان الغرب الاستعماري الامبريالي يخشى ظهور دول مستقلة قوية بعيدة عن محوره، فأن الرجعية العربية كانت تخشى دائما التيار المدني العلماني، الذي يحرر عقول الأمة من الجهل والخرافة والعبودية والذلّ.
ومن سوء حظ العرب، أن تنكسر قوى التحرر والتقدمية والاستقلال، ويسودها المحور السلفي السعودي وعبيده ووعاظه. ومن مظاهر الخزي والعار انسياق حملة شهادات الدكترة وأشباه المتثقفين وراء ربّ المال الذي اصطلح عليه [بترودولار]، ذلك الاجتماع المسخ بين بلدان الجوع والعبودية الدينية.
وهؤلاء لا يدينون إلا أنفسهم، والخزي مصيرهم، ولن ترفعهم عقيرتهم إلى مصاف الفكر، مهما رفعوا من عقيرتهم.
ان حامل الشهادة الأكادمية هو مؤتمن على خطاب العقل والفكر التقدمي، ووظيفته خدمة التنوير والنهضة الفكرية، ونشر لواء العلم والعلمانية، لنقل البشرية من ظلمات الجهل إلى نور العقل [لعلهم يتفكرون]!. ولكن نفرا من ضعاف النفوس، هانت عليهم نفوسهم واستهانوا بعقولهم، وسخروا أنفسهم وعاظ سلاطين، وأدنى من ذلك، خائنين الأمانة، ومبتذلين الرسالة، ومستهترين بحاجات الشباب ومصير الأمة. وليس من الصعب معرفة هؤلاء المرتزقة، فهم كالراقصات والجواري يدورون وراء رأس المال، وما لهم من مبدأ أو ضمير.
أنني أدعو الشباب العربي المثقف والمتنور، الوطني والواعي، فضح هؤلاء المتثاقفين، تجار الدكترة والألقاب الجوفاء، والترفع عن مجالسهم وعدم اتباع سمومهم القاتلة في جسد وعقل العرب. كما أدعو المؤسسات العلمية والأكادمية، لانتباذهم وطردهم من صفوفها، وفي المقدمة منها الجامعات والمؤسسات التي منحتهم ألقابا علمية ليسوا أهلا لها ولاحتمال أمانتها والقيام برسالة التنوير والالتزام بخطاب العقل كما يجب. ولا بدّ للمؤسسة العربية والعالمية للعلوم والفنون والآداب اتخاذ الاجراءات اللازمة والرادعة بحق المؤسسات والأشخاص الذين يفرطون بجوهر الرسالة العلمية والأنسانية، وتسخيرها من أجل دريهمات كالحة ذليلة.
وإذا كانت معركة العرب اليوم، هي معركة الفكر والحرية، فالمنظمات والجمعيات الثقافية والأكادمية اليوم تتحمل المسؤولية الأكبر في الانتصار للعقل والحرية.. وإذا لم تتصرف اليوم. وتقم بدورها. فمتى!
على المجتمع الدولي ومؤسساته المعنية بحقوق الانسان والتربية والثقافة والعلوم، اتخاذ موقف حقيقي جاد وحازم من ممارسات الاضطهاد والارهاب الفكري الرجعي اليميني المتزايدة في البلاد العربية، ضد الكتاب والباحثين والأدباء. ومن المؤسف حالة الصمم والخرس التي يتظاهر بها المجتمع العالمي والعربي إزاء قرارات حظر الكتب ومقاطعة المفكرات واعتقالهم ونفيهم واغتيالهم، واجراءات محاكم التفتيش العربية بسبب كلمة أو فكرة أو اسم أو قصيدة، مصادرين حريات التأليف والتعبير والتفسير والتأويل والتوظيف التراثي والاجتماعي والثقافي.
فكم من شاعر معتقل بسبب قصيدة تغضب الحكومة، أو كتاب أساء الواعظ الديني فهمه، وكم من مؤلف تعرض للنفي أو التكفير وتطليق زوجته بسبب فكره، أما عدد الذي جرى اغتيالهم وتصفيتهم جسديا من الأدباء والمفكرين والصحفيين والفنانين فهم بالآلاف. في بلدان الهجرة واللجوء يقيم آلاف الأدباء والمفكرين والفنانين العرب الأحرار، هربا من واقع الارهاب الفكري وانعدام الحريات في بلدانهم الأصلية. فلما يتجاهل الغرب كلّ هذه الحقائق والأرقام؟!! ولما نتجاهل نحن ونستمر في الصمت وخيانة رفاق الكلمة وأصدقاء الفكر والحرية؟!! وإلى متى..!
ان حياة وحريات كثير من الأدباء والمفكرين مهددة بالخطر..
وأن كثيرا من كتاباتهم تتعرض للحصار والمقاطعة من الناشرين ووسائل الاعلام..
وسواء في داخل البلاد العربية، أو المهاجر، أعداد كبيرة من الأدباء والمفكرين والمثقفين، يدفنون أحياء..
أما الولايات المتحدة، -راعية الانحطاط الثقافي واليمين الرجعي- والتي سخرت الفكر الديني لتصف البلدان المستقلة والرافضة لسياساتها الاستعمارية والامبريالية بمحور الشر، فقد كان أحرى بها التنديد بدول العار التي تعلن الوصاية على الحريات الفردية والفكرية. ولطالما استخدمت الولايات المتحدة شعارات الحرية وحقوق الانسان غطاء لنشر خطابها الامبريالي، وقد افتضحت اليوم، بحلفها غير المقدس بين الاستعمار والقوى الرجعية والدينية العربية.
على الأمم المتحدة وأدعياء منظمات المجتمع المدني وشعارات الحقوق والحريات، أن لا يغمضوا عيونهم أكثر، عن حقيقة وجود بلدان كثيرة –وهي في تزايد-، تحظر فيها الموسيقى والفنون وبعض الرياضات البدنية، وهي تسعى لحظر الآداب والنشاطات العقلية الحرة، وفي المقدمة من هذه ايران والسعودية وأفغانستان والعراق الأميركي. كثير من العرب كانوا يصفون بلدانهم بأنها سجون كبيرة، ولكنها اليوم، أكثر من سجون، أنها معتقلات عبودية!
ان الفكر العربي والعقل العربي هو فكر شجاع وعقل شجاع، أنه فكر ابن سينا والرازي، عقل ابن رشد وابن خلدون ، وانه لم يكن ذليلا وجبانا يوما ما كما هو اليوم، عندما ربط مصيره بالبترودولار أولا، والخطاب السلفي الوهابي ثانيا. هؤلاء الذي يتظاهرون بالوصاية على الثقافة والفكر، على الكاتب والأديب الحرّ، الجمعيات الأدبية والفنية الجادة، انما يفضحون أنفسهم، ويدينونها شرّ إدانة، - كثير من تلك الأسماء عملت أو ما زالت تعتاش في السعودية وبلدان الخليج- فليس في عالم الفكر والثقافة قمع ووصاية. وكلّ من يستخدم أساليب الوصاية والقمع والاضطهاد هو دكتاتور متخلف- ارهابي- معاد لنهوض الأمة.
انتهى زمن القيود والضوابط المدرسية، ولا مكان لحكم وعاظ السلاطين وجندرمة الفكر والثقافة.
لطالما كانت الأصوات ترتفع ضد بعض البلدان العسكرية والدكتاتورية سابقا، عندما يتعرض كاتب أو كتاب للمحاكمة والمنع، فأين هي أصوات الاحتجاج اليوم، في زمن العولمة والدمقراطية الأميركية وعصر ما بعد الحداثة.
أم أننا حقا وحقيقة، في زمن انحطاط ورذيلة، زمن سيء يفيض قيحا..
زمن يجري فيه تقزيم الرجال واذلال الناس.. ومسح وجودهم على حيطان الدين زورا..
لننتصر للحربة والكلمة الحرة والأدباء المبدعين الأحرار والشرفاء..
والخزي والعار لقوى القمع والارهاب والوصاية .. المرعوبين من حرية الانسان الذي استخلفه الله حرا ومبدعا.. والله ليس إله عبيد وانما إله أحرار، الله ليس إله ظلمات، أنما إله نور ومحبة!..
انتصروا للحرية.. انتصروا للانسان.. فلا حياة بلا كرامة!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يسعى لتخطي صعوبات حملته الانتخابية بعد أدائه -الكارثي-


.. أوربان يجري محادثات مع بوتين بموسكو ندد بها واحتج عليها الات




.. القناةُ الثانيةَ عشْرةَ الإسرائيلية: أحد ضباط الوحدة 8200 أر


.. تعديلات حماس لتحريك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسط




.. عبارات على جدران مركز ثقافي بريطاني في تونس تندد بالحرب الإس