الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لون الحب

مؤيد السعدي

2013 / 12 / 26
الادب والفن


لون الحب
كنت متردداً في كتابة هذا الموضوع، لأسباب كثيرة لعل من أهمها إننا قليلاً ما نكرم المبدعين ولو بعبارات شفافة، وفي بعض الاحيان نجرحهم من حيث لا ندري...
انه (الكاتب حامد المالكي) الذي تعرفت عليه وأنا أشاهد حلقات المسلسل التلفزيوني الحب والسلام. إستهواني كثيراً وانا أعيش في أجواء الصخب الاميركي والأضواء الساطعة، كنت أشاهده وأنا اشعر أنني اعيش احداثه المؤلمة هذا ما دفعني أن اكتب ورقة بحثية اطلع عليها طلبة جامعة تكساس في كلية الاتصال .. وكانت بعنوان " الصورة الذاتية للكاتب في النص الدرامي " مسلسل الحب والسلام " إنموذجاً .
ان البعد النفسي للكاتب والقدرة على التحليل السايكولوجي يجعل النص عاصفة ذهنية ومجالاً خصباً للصراع الذي إستطاع الكاتب أن يمزجه بإنفعالات نفسية ذاتية تعّبر عن صور راسخة في الذهن وعبارات ورموز توحي بحجم الألم ، الذي وظفه بمتغيرات ذاتية تجعل المتلقي يحاول ان يكتشف السر فعنصر التشويق لم يغب في النص ولازمه في كل حلقة ، وعلى الرغم من النمطية المستمرة في كل حلقة، برع كاتب النص بالمزاوجة بين الحكاية والراوي ، فمتغيرات الحكاية عند الراوي تفسر النزعة النفسية للكاتب بتصوير الذات من خلال الآخر وقد أختار الكاتب ان يصف ذاته (بالمجنون) الذي يعيش في عزلة عن العالم فجسده المريض يضم مأساة طويلة يمتد عمرها الى سنوات الحرب التي بصمت فيه عقدة العنف المبرر، حاول الكاتب ان يحاور ذاته كثيراً ولعله أراد ان يجلدها، وقد أقترن هذا النزاع المرير بين ذات الكاتب والراوي في إيجاد المبررات للحياة ، فهو لم يجد أي إشراقة تدفعه للعيش. فالجو يملئه اليأس والخوف، بل أنه ذهب بعيداً للخلاص منها بالانتحار وهو بذلك أراد ان يقتل ذلك الشيطان المقيت وينهي الامر لكنه يرجع الى الذاكرة ليتحسس المرأة التي تمثل عنصر الحب في أزمة الحياة، التي تمثل له نفق مظلم وحزين، أعرب الكاتب غير مرة عن رغبته بالصلح مع الشيطان لأنه عجز أن يحاوره كما عجز ان يصارعه مما قاده الى سلوك المراوغة فنجده مرة يرغب في بوح المكنون ومرة يحجب عن البوح وهو بذلك يستذكر قصة لا يريد أن يحكيها ولربما أراد ان يكشف ذلك اللغز بطريقة مغايرة، تتغير الصور وتعود الى ذات الكاتب لتحاور نساء كثيرات أراد ان يرمز للسلام بها . لم يكتفي بواحدة وكأنه شعر ان كل إمرأة هي مصباح لذلك النفق، وقد تردد كثيراً للخروج منه لانه يشعر ان الخروج لا يعني الخلاص، وقد جعل أغلب الصور الجميلة للبطل ممزوجة بالخوف والتردد، فهو يرى انه لا يملك، رغم أنه يحمل صفات كثيرة لكنها لا تمثل شيئاً أمام الموت، أنه يحاول ان ينهي الحياة لكنه يشعر انها ليست النهاية للصراع فعذاباته لايوقفها الموت ولا يرضيها الجلد، ولا المسائله، أنه لا يجد حلا لمشكلة وطن في ذات إنسان محطم ، يحمله هيكل خشبي تحرقه النيران دائما لكنه لم يتحول الى رماد، إنها ذكريات القسوة التي تبلورت في الذات، هدوء المحاور - الطبيب النفسي - كان عبارة عن الضمير الصامت للزمن الداعر الذي منح الذكريات صندوقاً اسوداً من لافتات الموت وعبارات التابوت وعويل النساء. لم يكن الحب في المسلسل الا مخرج لكل مشاكل وصراعات الذات ولم يكن السلام الا هدنة مشروطة بعبارات التهديد لكنها مقبولة عند ذاته المتمردة على مجتمع لم يمنحه سو رداء يلفه حول رقبته ويشم عطره أنه الوطن والارض التي تشعره بالانتماء أنها ذلك المقدس الذي يحمل على سطحه المجرمين والمارقين والكهان، ذلك الشيء الغريب الذي يخاطبه كل حين بدموع الرحمة وتوسلات لا تقف عند حدود المساحة فكل ربوعه تفوح منها رائحة البيت الكبير الذي كانت بابه الكبيرة تضم الجميع تحول في صدفة غبية الى بيوت كثيرة وابواب صغيرة تهرع لها الجرذان، الكاتب كان يبرر كل شي ويمسح بذلك الحب جراح ذلك الوطن ، العمق الاجتماعي للذات بدا واضحا وهو يخطو بحذر بعد غربة طويلة الى داره القديمة وولده الذي لم يراه ، كان يشعر إنه يستحق الجائزة ولا يكاد يصل البيت حتى يتذكر طيور الظلام يحاول الهرب مرة أخرى، لأنه وجدها نفسها بثوب أخر أنه بارع بإكتشاف الاقنعة المزيفة. يصف الكاتب ذاته في مراحل عديدة من النص وصور أقرب الى المراوغة في إيجاد الحلول مما زاد النص تشويقاً، وقف كثيرا وطويلاً ليجد حلا لكنه لم يستطع ان يبرر الجريمة ولم يوافق على مصافحة المجرم وأكتفى بالعزلة وحَجْرِ ذاته ثم ترك سطح الدارالى الابد في رحيل مجهول عمقه الزمن ، أنه يقدم عبارة جميلة يقول فيها ضمنا " الإنسان ليس حراً، الإنسان ليس عبداً، الإنسان (شبه حر) .
في كل بحث عن الحرية (نظرياً وبالشواهد الواقعية) سنظل نرى أن الإنسان لن يكون حراً مالم يعش مع أحرار ، أي إنك ستكون حراً بمقدار ماتعطي غيرك حريته .
ولو أصرّ كل واحد على حريته لما بقي حر واحد على وجه البسيطة (ويلسون) ، أو كما قال جون لاكريه : لقد تنازلنا عن حريات كثيرة لكي نكون أحراراً ، وهذا يتفق مع مقولة برتراند راسل عن الحرية السلبية ، أي إنك لن تكون حراً مالم تعط غيرك حريته ، وكلما حرمت غيرك تحولت إلى مستبد مع عبيد٠-;---;-----;---اننا نعيش عصر مسخ ليس له معنى غير اننا نصارع من اجل لاشيء إننا عشنا طويلا ونحن مستأجرين لاملاكنا .. متى نملك ماهو لنا .. ليس الخلاص ان نعيش فقط ولكن علينا ان نحب لنعيش بحرية وسلام " ..
مؤيد السعدي - تكساس











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال