الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابين الحلم واللاحلم

نعمة ياسين عكظ

2013 / 12 / 27
الادب والفن


مابين الحلم واللاحلم
الهواء المار باسلاك الكهرباء الخالية من اية حياة منذ ساعات يصدر دويا موحشا .. وضوء الشمعة الذي يتراقص مع بعض الهواء الداخل للغرفة من خلال زجاج النافذة المكسور من زمن طويل دون ان افكر باصلاحها يحاول ان يبدد جزءا بسيطا من ظلام الغرفة الدامس. مؤشر الساعة المعلقة قبالتي تشير لساعة متاخرة من الليل ودقات الثواني تذكرني بقطرات الماء البارد الساقطة على راسي ايام التعذيب في اجهزة الامن ، أحاول الانكماش اكثر فاكثر في احد الاركان ساندا راسي على ركبتي .. وضاغطا براحتي عليه. سحبت اللحاف القريب مني لاغطي اكبر جزءا من جسدي لزيادة الدفء في هذا الجو الشتائي البارد ، النعاس اخذ ماخذه من جفوني التي تنطبق على بعضها دون ارادتي لكن النوم يابى ان يستمر فيهما فاجفل بين لحظة واخرى على هاجس ورؤى اللقاء بها ... هذه الهواجس التي اصبحت جزءا من كياني منذ رحيلها الا انها اصبحت اكثر قربا للتحقيق حسب ما حدثتني نفسي به .. رسمت لي الكثير من اشكال وكيفية اللقاء وصار في قناعتي ان ليس هناك شيئا اسمه المستحيل .. امس لا ادري هل كنت نائما حينها او لا ، كانت تحدثنى عن اللقاء وتسالني في اي مكان ومتى سنلتقي .. حديثها مازال عالقا في تفكيري هل فعلا هي من حدثني ام هي مجرد اضغاث احلام ... قلبت نظري في ارجاء الغرفة التي نادرا ماكنت ادخلها بعد ان غادرتها مَن كنت اسميها ملكتها فتضحك كثيرا فرحة بهذا اللقب ... لم احاول التغيير بها فقد بقت كما هي منذ اخر مرة عدلت افرشتها قبل سنين طويلة فقط مجرد تنظيف بين وقت واخر .. فلنا ذكريات في كل انحائها والتعديل قد يمحو بعضها ، هناك كانت القبلة الاولى ، وهنا تحدثنا عن الحب وهنا وهناك الكثير والكثير من الذكريات الجميلة ...الشمعة شارفت على الانتهاء لكنها مازالت تنشر ضوئها بين الظلام ، وحديث الامس معها يتغلغل في تفكيري هل حقا انها تأتي هل فعلا اننا سنلتقي ؟ ام هو مجرد حلم مثل سابقاته .. ارتسمت ابتسامة على شفتي وخجلت من نفسي ، هل انا على حافة الجنون ام جننت فعلا ؟ المقبرة بعيدة والليل غادر منتصفه ... هل ستاتي مشيا ام تركب حافلة ؟ وكيف لها الحصول عليها في مقبرة معزولة ؟ .
يبدو انني جننت فعلا فالاقتناع باللامعقول هو جنون ... ما هذا الهراء الذي احدث نفسي فيه ؟ خف ضوء الشمعة نهضت متثاقلا لغرض استبدالها باخرى الا ان اشتعال المصباح المعلق على الحائط اشار الى سريان التيار ليطرد من الغرفة كل بقايا الظلام ومعه خفت كل الاوهام التي علقت في ذهني . وضعت راسي على الوسادة مستسلما لقوة النعاس ... لكن طرقات على الباب أنهضتني مذعورا وانا اصيح بدون وعي انها هي ، لقد جاءت ... مسرعا فتحت الباب كانت واقفة مبتسمة بملابس النوم التي كانت ترتديها يوم وفاتها قالت جئتك حبيبي قلت بارتباك من فرط الدهشة:
هل حقا ان.. ان ..ان ..اننننت ..
جلست قبالتها انظر لها بشوق
هل حقا ما ارى انك الان امامي -
نعم هو كذلك -
وهذه السنوات الطويلة اين كنت لماذا لم تذكريني -
كنت في القبر كما تعرف وانت من وضع التراب على جسدي -
ولماذا تركتيني وحيدا وانت تعلمين مدى الحب الذي احمله لك؟-
ليس في يدي ياحبيبي انها ارادة الموت كما تعرف -
- نعم انها فعلا ارادته ليس في يدك ما تفعلينه ولكني يبدو انا من كان عليه فعل اشياء ليمنع الموت لم افعلها انا من ارتكب الذنب انا استحق كل الذي جرى
- لا حبيبي لاتلم نفسك فكلانا له دور لاننا استسلمنا ولم نصارع الموت وكان بامكاننا دحره .
- لنترك العتاب حبيبتي فها انت بين احضاني فلا تتركيني هذه غرفتك انت ملكتها هل نسيت؟
- لم انسى انني اشتاق لها ولكن لا استطيع فقد تسللت بدون علم الحراس هناك.. سابقى لفترة عشرين دقيقة فقط واغادر
وجودها جنبي بعث الدفء في ارجاء الغرفة وضوء المصباح مازال يبدد اي اثر للظلام داخلها والدقائق تتسارع... تنهض تودعني بابتسامتها المعهودة أبقى ممسكا بيدها تسحبها برفق تخرج من باب الغرفة ويمتزج جسدها مع سواد الليل الموحش خارجها .. أسحب اللحاف ليغطي جسدي بالكامل بعد ان شعرت بالبرودة تسري في اوصال جسدي المتعب......









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل