الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا كنا ... وهكذا نحن ... وهكذا سنكون

زاهر نصرت

2013 / 12 / 27
حقوق الانسان


لا يخفى على احد ان التطور الحضاري للأمم يرتبط بتقدمها العلمي والتقني ، وللعلماء والمفكرين دائماً لهم الدور البارز في تكوين المعرفة التي تسهم في بناء حضارة بلدانهم وتبعاً لذلك في بناء الحضارة الإنسانية . على هذا الأساس ما زالت حضارة وادي الرافدين رغم الآف السنين تمثل تحدياً حقيقياً في إنجازاتها العلمية التي لم يعرف اسرار الكثير منها بعد ، فالتطور الصناعي التقني العالمي قد ارتكز على تلك الإنجازات من خلال اختراع الكتابة وسيلة التوثيق ونقل الأفكار واكتشاف الزراعة واختراع العجلة ... الخ . وفي عهد الحضارة العربية الإسلامية لعب العلماء والمفكرون والفلاسفة دوراً بارزاً في ازدهار الحضارة من جديد فكانت بغداد " دار السلام " خاصة في عهدي الرشيد والمأمون مركز اشعاع علمي وثقافي يلجأ اليها العلماء من مختلف انحاء العالم لنهل العلم والمعرفة منها ، فبرز الكثير من علماء العرب وتطورت اسهاماتهم وانجازاتهم في مختلف أطياف العلوم الأساسية والطب والهندسة والزراعة والفلسفة والمنطق وغيرها ... واشتهر علماءها الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الإنسانية لتنير الطريق امام الاوربيين وستظل أسماء مثل الكندي والرازي والخوارزمي وابن حيان وابن الهيثم وابن سينا وابن البيطار وغيرهم من الأسماء عالقة في الاذهان لامعة في تاريخ العلوم تتلألأ كالنجوم الساطعة في سماء وادي الرافدين الصافية لما قدمته من أفكار وآراء سديدة واعمال جليلة للإنسانية جمعاء .

اذن لا نستغرب للحدث الجلل الذي لحق بهذه الأرض وبسكانها من خلال الحقد الدفين الذي ترجم الى تدمير لكل مفاصل الحياة وقبل هذا التدمير كان مفروضاً حصاراً جائراً من قبل دولة تدعي انها احد بناة ( عالم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان ) ، ان هذا الفعل من أعداء الله والإنسانية يهدف الى ذبح الانسان وقتل روح الخير والمحبة في داخله لتطغي روح الشر فتستباح أعماق الذات قبل استباحة ما هو خارج عنها . هذه اليد التي فعلت وتفعل بهذا البلد وتتشدق علينا وعلى العالم بحقوق الانسان والقانون الدولي وتتباكى في المحافل الدولية على الانسان المقهور او المظلوم !!! أهناك في تاريخ الشعوب والأمم ظُلمٌ وقهرٌ واعتداءٌ سافرٌ اكثر من هذا الذي يتعرض له بلدنا بأطفاله ونساءه وشيوخه وشبابه بفعل ممن ينصبون انفسهم اوصياء على بناء النظام الجديد ؟ او يجعلون من المنظمة الدولية ومجلس الامن العوبة او دمية بين أيديهم .

لقد سجل التاريخ لهم سجلاً حافلاً بأكاذيبهم وقد يعيد لنا هذا التاريخ نفسه عبر ولادات متكررة ، فبعد التدخل الأمريكي في فيتنام اعلن " مكنمارا " وزير الدفاع الأسبق في وقتها ان هذا التدخل كان خطأً كبيراً ومتى كان هذا التصريح ، كان بعد مرور ثلاثين عاماً ولا نستبعد ان يطل علينا احداً من الإدارة الامريكية التي احتلت العراق بحربها سنة 2003 وما سببته لهذا البلد لاحقاً من فوضى وتدمير لا زال يعيش تحت متونها ويعلن على الملأ ان هذا التدخل كان خطأً كبيراً ايضاً وهكذا بكل بساطة .

اذا كانت مأساة فيتنام في أمريكا ومأساة أمريكا في فيتنام ما زالت حية حتى الان يحصد اثارها المجتمع الأمريكي والفيتنامي على حدٍ سواء ، واذا كانت مأساة اليابان في هيروشيما وناكازاكي من جراء التفجير النووي الأمريكي ما زالت اثارها الجبانة حتى الان في سكان المدينتين فان لعنة أبناء العراق المشردين والمهجرين والمقتولين والذين ينتظرون اجلهم من التشريد والتهجير والقتل ، ستبقى تلاحق اقزام الإدارات الامريكية جيلاً بعد جيل وهذا فعلهم سيغدو وصمة عار في جبين الامة الامريكية لا يمحوها في المستقبل البعيد او القريب اسفٌ او اعتذار او لوم او شعور بالذنب بقدر ما انتجته حروبهم وافكارهم الاستعمارية القذرة من تخريب وتدمير .

أقول وكلي تفاءل من خلال تاريخنا المجيد ان هذا البلد بعون الله سيقوم من تحت الرماد بسواعد ابناءه والعراقي تاريخه حافل بنكوصه ونهضته واصالته نادرة وتراثه خالد وروحه تستطيع ان تعالج النفس وتغذي العقل وتتحول في داخله الى نفس صلبة رصينة قوية صابرة مؤمنة لا تنال منها احقاد الأعداء وان طالت او كثرت .

هكذا كنا ... وهكذا نحنُ ... وهكذا سنكون .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين


.. السودان.. طوابير من النازحين في انتظار المساعدات بولاية القض




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا