الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثالوث جنس مقدس 8

فرهاد عزيز

2013 / 12 / 27
الادب والفن


الثالوث جنس مقدس
8


لكني وكي اعود الى حالتنا ، نجد ان هناك وعند الذروة عند الطرفين المتجانسين ، ان هناك بويضة مخصبة واحدة وهي ملكة الحالة ، يخترقها اذكي الحيامن واكثرها نشاطا وحركه ليتفاعل معها ، ويكون الناتج انساننا هذا ، صاحب كل مايجري على الارض وفضائه ، تخيلوا لو كان الحيمن المخترق للبويضة هو اغبى الحيامن واكسلها ، لكانت البشرية في كارثة ، وهناك في حالات التشريح اكثر من حيمن يتفاعل مع البويضة ، اما اذا كان هناك خلل في التفاعل يؤدي الى حالة خنثية لاتنتمي الى جنسي البشر ، كما هي حالات التلاقح في النباتات التي تكون منتمية الى عالمي الذكر والانثى ، لكننا كواعين لا نلاحظ اي عيب في النباتات ، ولكننا نركز ونعتبران الحالة غير طبيعية وانتقاص في حالة البشر ، وبالتالي هناك نوع من الوعي هو الذي يحدد طبيعة التعامل مع هذه الحالات الثالثوية في الجنس البشري ، والتعامل معها تعتمد على المدارس الفكرية المختلفة ، من حيث تفهمها او ادانتها ، المدرسة التشريحية العلمية تعرفها وتدافع عن تصحيحها ومدارس الخلق الفكرية تدينها وتخالف تصحيحها وتعتبرها مساسا بعمل الخالق، ولا تعرف بانها بهذه الطريقة تدين خلق الخالق الذي جاءت افكارهم منه ، فهم يدينون ايضا عمليات النسخ التي يحاول الانسان استثمار ذكائه في حالات علاجية لامراض قد ينجح بمعالجتها مستقبلا ، او ربما ايضا يستثمر الانسان في تحسين خلق الخالق على مدى الاجيال القادمة ، طالما كانت معضلة البشرية هي التسامي فوق الامراض ومحاولة العلاج ، والا كيف للانسان ان يأتي على معالجة انواع البكتريا التي هي ايضا في تطور مستمر ولا حدود لتطورها ويبقى سعي العقل البشري ، للحد من سرعة ونوعية تطورها .
ولكي نعود الى حالتنا هنا ، هناك مدارس مختلفة تتعامل مع هذه الحالة من منطلقات مختلفة وربما مدارس نفسية مختلفة ، فهناك من يتعامل مع الماضي من خلال سرد المريض لماضية ومحاولة المعالج لترتيب ادوات فهم ا لماضي لدى المريض ، وكثيرا مانشبهها بمكتبة تبعثرت كتبها على الارض ، يقوم الانسان بترتيب هذه المكتبة وفقا لمناهج الترتيب كي يسهل على القارئ التعامل مع الكتاب ، وبالتالي يسهل على المريض التعامل مع حالته في ترتيب حالته الفكرية ، وهناك من يتعامل مع الحالة على مساعدة المريض على ترتيب حالته الذهنية الفكرية بوعي للآن والمستقبل ومحاولة تشذيب تأثير الماضي باعاقة الانسان للتوجه نحو المستقبل .
اما في الحالة التي نحن فيها فهي حالة قد لاتنتمي الى مدارسنا النفسية ، وهي حالة عصيان الوعي وتسنم اللاوعي لدوره الملغي في عالمنا ، وكلما كان المحيط قاسيا ، كلما لجأ ممارسنا في اقسى الحالات الى تسليم القيادة الى اللاوعي واللجوء الى الباطن ، وانا شخصيا اعتبرها حالة صحية من قبل الانسان الواعي هذا للحفاظ على نفسه في حالات اغترابه الانساني ، اذ يكون هكذا انسان عائش بيننا لكنه غير منتم الى حالتنا الاجتماعية او حالة الوعي السائده ، فهو بذلك يحاول البقاء والتواصل مع باطنه ، لأن تفاعل الوعي وباستمرار مع قساوة الحياة تعرض الانسان الى الاجهاد المستمر الذي يؤدي الى الجلطة التي نعرف آثار دمارها ان ضربت الدماغ .
اما اؤلئك الذين يلجأون الى الطيران ايضا فهم حالات نادرة جدا ، وهي طريقة نادرة في ان تسمو بنفسك عن الهم الارضي البسيط مندمجا بالاكوان والافلاك ، وان تتغيب الى الاعماق بعيدا عن ممارسة الانسان العادي ، وهي اشبه بحالة اهل الكهف في القرآن يوم غيبهم الله تعالي في وعيهم وهم في الكهف وظهروا فيما بعد في عصر غير عصرهم وزمن غير زمنهم ، وهي حالة انزواء يختارها الانسان بوعي مسلما اموره للعقل الباطن ، هناك من ينزوي متفاعلا مع العقل الباطن مستفيدا من هذا التفاعل كي ينتج ابداعا ، بعد ان يكون العقل الواعي خزن وحلل المحيط وكل مايدور ، لكنه وكحالة تمرد ينزوي ليتأمل وهناك الكثيرون ممن ابدعوا بانزوائهم وعادة ما يصاحب الابداع هذا نوع من التعرق والرجفة من شدة الرهبة الداخلية لما يصل اليه الانسان من خوف داخلي واكتشافه اللامعقول ، وهي حالتين متناقضتين متتاليتين ، وقد ابدع الكثيرون في التاريخ الانساني منهم كونفوشيوس ، كريشنا ، فان كوخ ونيتشه وهم كثر ، وفي هذه الحالات ينشأ تفاعل مع العالم الباطني ليستفيد العقل الباطن من مشاهدات وتحليلات العقل الواعي ، كي يعينه على ايجاد الحلول بابتكار اساليب المعالجة للحالات الظاهرية ، وذلك بترتيبها بافكار ومناهج تعالج تلك الظاهرات المجتمعية التي يكون الوعي قد عاصرها .
انا اكتفي بهذا القدر وان اردتم المزيد عليكم بتوجيه الاسئلة للممارس او فلنقل المريض الممارس لوعيه الباطن . والا ماهو رأيك يا عمر :
ـ الرأي رأيك ياايتها الرائعة ، فقد ركزت وشخصت وكأنك في داخلي ، بالمناسبة ، انا ايضا ممن يمارسون الطيران ، ولا اعرف لماذا سميتيني حالة نادرة ، فانا امارس حالاتي هذه منذ ان كنت طفلا ، كي ابتعد عن اذية بني الانسان واحمي نفسي من بطشه ، انانيته ، كراهيته ، حقده ، استغلاله ، سطوته ، استعلائه وكثيرا ما اتغابي ايضا لتلاشي الاصطدام بالكثير من هذه النماذج الغبية ، التي تربت ان تصل غاياتها بأية وسيلة كانت ، وتعتبر نفسها انها ذكية في استغلالها الاخر كي تصل الى مراميها .
ـ جميل ذلك وعليك ان توضح ذلك لهم ، لأنك فعلا تتسامى بممارستك للطيران وتتسامي ايضا بممارسة للغيبوبة ، وانا اعتقد بانني من القلائل الذين يفهمون حالتك ، لانني بنفسي نادرة جدا في عالمي .
كثرت اسئلة الطلبة واجبت قدر المستطاع وانا امني نفسي بمشاهدة صاحبة الصوت التي بحثت عنها كثيرا واعتقدني لمحتها في المعهد ، وانا متأكد بأني شاهدتها من قبل لكن اين ؟ هذا هو السؤال الذي حيرني ، وهاهي الفرصة كي استفيد من وجودها ، في المستشقى كي اسألها .
قالت وهي تودعني :
ـ انا افهم حالتك جيدا ، ولدي اجوبة على الكثير من الاسئلة التي في ذهنك ، وربما ليست هي الصدفة التي جمعتنا ، كي اجيب على اسئلتك ، لكنني الان بمعية الطلبة ، وارجو ان تراعي نفسك وتتماسك لتفتح عينك وتعود الى ممارسة الحياة ، فقد مضى على وجودك معنا في المستشفى اربعة شهور الأن ، وعليك بالتعاون معنا لاختصار الوقت ، وتعود الى مهامك في هذه الحياة .


بغداد
اواخر كانون الثاني 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامتك
ماجدة منصور ( 2013 / 12 / 28 - 06:37 )
سلامتك يا أستاذ...أعتقد بأنك من أعقل عقلاء هذا الزمن الساقط
لك احترامي

اخر الافلام

.. مباحث التمثيل قبضوا عليهم?? الكوميديا في مسلسل مين اللي صاحب


.. مؤلف فيلم السرب : تحضير الفيلم استغرق وقت طويل.. عمر عبد ال




.. لماذا قاطع طلاب خطاب الممثل جيري ساينفيلد؟ • فرانس 24 / FRAN


.. عادل إمام: أحب التمثيل جدا وعمرى ما اشتغلت بدراستى فى الهندس




.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8