الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقاطعات بين الجبهة الشعبية ونداء تونس

حزب الكادحين في تونس

2013 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



منذ تأسيسها سارت الجبهة الشعبية التونسية في طريق الانتهازية وهو ما عكسته أرضيتها السياسية التي تحدثت عن زوال النظام السابق وثورة 14 جانفي واتباع طريق التحول الديمقراطي و التهليل للعدالة الانتقالية وحياد الإدارة والأمن الجمهوري وما شابه ذلك من الأوهام التي روجتها في صفوف الشعب وقد شاركت مكوناتها في انتخابات 23 اكتوبر واعترفت بنتائجها وانخرطت في المجلس التاسيسي وأقرت بشرعية المؤسسات المنبثقة عنه وساهمت بذلك بقسط في تركيز سلطة الانقلاب على انتفاضة 17 ديسمبر .
ورغم الفشل الذريع في تلك الانتخابات وما كشف عنه مسار المجلس التأسيسي من مآسي و كوارث حتى الآن واصلت الجبهة الشعبية التى شكلتها تلك المكونات السير في نفس الطريق وهي تستعد لتكرار نفس السيناريو السابق، ولأجل ذلك عمدت الى الحشد و بناء التحالفات متّجهة رئيسيّا الى اليمين الليبرالي في نسخته الدستورية فكان أوّل نشاط لها التنديد باغتيال أحد عناصر حركة نداء تونس:لطفي نقّض ملتقية باحتشام في البداية مع النداء في مسيرة واحدة بهذه المناسبة في نفس الزمان ونفس المكان.
ولم تحرّك الجبهة الشعبية ساكنا في اليوم التالي اى يوم 23 اكتوبر 2012 عندما انتهت "صلاحية " المجلس التأسيسي" القانونية" وما انبثق عنه من مؤسّسات (رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية) بل انها التزمت بمبادرة مؤتمر الحوار الوطني التي اطلقتها البيروقراطية النقابية والتي ينص أحد بنودها على الاعتراف بشرعية انتخابات 23 أكتوبر 2011 والتمديد في هذه الشرعية وهو المؤتمر الذي رفضت الترويكا الحاكمة حضوره بتعلّة مشاركة حركة نداء تونس فيه.
وأمام فشل مؤتمر الحوار الوطني في جولته الأولى شعرت الجبهة الشعبية بحالة من التذمّر لدى الكثير من قواعدها التي صدقت أنها تمثل بديلا شعبيا للنهضة والنداء وعوض التراجع وتقديم النقد الذاتي والمراهنة على القواعد واصلت قيادتها الهرولة نحو الرجعية الليبرالية منحازة إلى حركة نداء تونس ذات المرجعية الدستورية ووريثة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وسعت إلى إقناع قواعدها بما أطلقت عليه تاكتيك التقاطعات الظرفية مع هذه القوة السياسية .
وفي نفس الوقت وجّهت سهام غضبها ضد من حذّروا من مغبّة هذا الالتقاء المشبوه والانحدار باتّجاه اليمين، وشيئا فشيئا بدأت رحلة الانعطاف الى اليمين الرجعي وبدل السير في طريق الثورة سارت في طريق الاستسلام وصولا الى تأسيس جبهة الانقاذ الوطني والعمل يدا بيد مع الأمين العام للتجمع الدستورى محمد الغريانى الذي أصبح من أركان حركة نداء تونس وانحدرت بسرعة الى مجرّد رقم غير ذي قيمة عدا تزيين الواجهة كاستقبال سفراء الدول الامبريالية و الاستماع إلى تقييماتهم وملاءمتها مع مقتضيات الحال التي لم يعد يمسك بها غير سدنة حزب الدستور في لونه الجديد.
وعندما فشل مؤتمر الحوار الوطني في نسخته الأولى واستنفذ مقوّمات وجوده أُعلن عن بعث الحياة في جثته مجددا تحت مسمى "الحوار الوطني" في سابقة غريبة في تاريخ تونس تحت رعاية رباعية بين منظّمتيْ الأعراف والشغّالين وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان وجوهر هذا الحوار اعتبار السلطة الحاكمة شرعية وبحث التوافق معها حول تشكيل حكومة "كفاءات محايدة" ترضي جميع الأطراف المشاركة في هذه الرحلة الجديدة المتجدّدة نحو الانتخابات القادمة .
غير أنّ جولات الحوار هذه كشفت عن مناورات وصفقات عديدة تمثّلت في انّ كلاّ من حركة نداء تونس وحركة النهضة هما الطرفان الأساسيان في اقامة ايّة معادلة أو اتّفاق اما البقية وخاصة الجبهة الشعبية فهي اما ان تبارك مساعي طرفيْ الرجعية (اليمين الديني ممثلا بحركة النهضة وتوابعها واليمين الليبرالي ممثّلا بحركة نداء تونس ومن اصطفّ معها) أو ان تظلّ تغرّد خارج السّرب .
واليوم فإنّ ما اصطلح التونسيون على تسميته بالحمار الوطنى كلما رام التحرّك إلاّ واعترضته عقبة شيخ الدين بمنعرجات فتاويه فيتوقّف مسارعا الى تناول أعلاف من الشيخ الليبرالي كمضادّات حيويّة حتّى تنهضه مؤقّتا من كبوته، هذه المضادّات التي مازال البعض في الجبهة الشعبية يعتبرها من مقتضيات المرحلة وراهنيّتها.
لقد بدأت حركة نداء تونس وفيّة لأطروحاتها اليمينية الليبرالية الواعدة بإعادة البلاد الى ما كانت عليه من "استقرار" زمن بورقيبة و بن علي مستندة في ذلك الى دعم مراكز القرار الامبريالية الدافعة باتجاه تحقيق توازن بينها وبين حركة النهضة فماذا جنت الجبهة الشعبية من الحليف الظرفي الذي تقاطعت معه فمزّقها وجرها الى المستنقع ثم تخلّى عنها وتركها تتخبّط في الأوحال معلنا صراحة أنّه لا مجال لرئيس حكومة لا يحظى بموافقة حركة النهضة وانّ النهضة حليف وشريك استراتيجي لا غنى عنه ممّا يستدعي معاضدتها لا معارضتها ؟
إنّ الدرس الذي يمكن استخلاصه بالنسبة إلى كفاح الشعب هو ان الرجعية تكتسب في ظل تفشى الورم الانتهازي القدرة على دقّ اسفين في خاصرة الحركة الثورية وبالتالي قطع الطريق امام الثورة فالانتهازية تزرع الاوهام بين الجماهير وتحرفها عن النضال الفعلي والرجعية تجني الأرباح. وبالتأكيد فان الانتهازية لا تفعل ذلك دون مقابل فهي تريد من وراء إسداء تلك الخدمات التموقع في السلطة وبالتالي الفوز بنصيبها من ثروة الشعب و لو كان ذلك عن طريق جمع فتات موائد أسيادها أما الثوريون فيحتاجون إلى جهد متعاظم لمحاربة تأثير الانتهازية والقضاء نهائيا عليه إذا أرادوا فتح طريق الثورة.
طريق الثورة / ديسمبر 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم