الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما وراء -أُفْق الكون-!

جواد البشيتي

2013 / 12 / 28
الطب , والعلوم


جواد البشيتي
ثمَّة "أُفْقٌ" للكون؛ لكن، هل من شيء يَكْمُن "وراء" هذا "الأُفْق"؟
كَوْننا قد يكون هو "الكون كله"، فلا كَوْن غيره؛ وقد يكون كَوْناً من أكوان؛ ومع ذلك، يَعْتَقِد علماء الكون، أو معظمهم، أنْ لا "معلومة" يمكن أنْ تَخْرُج من كوننا، أو تأتي إليه؛ فهو لا يُرْسِل، ولا يَسْتَقْبِل.
وفي (أيْ ضِمْن) كوننا نفسه، نَفْتَرِض وجود أجزاء (وأجزاء واسعة) منه، "تَسْتَقْبِل"، ولا "تُرْسِل"؛ وبعض هذه الأجزاء هو من نوع "الثقب الأسود" Black Hole.
"أُفْق الكون" مبني على فرضية كوزمولوجية كبرى، مؤدَّاها أنَّ عُمْر كوننا 14 بليون سنة تقريباً؛ فهو، وبحسب نظرية "الانفجار الكبير" Big Bang، وُلِدَ قبل نحو 14 بليون سنة؛ فإذا رَأَيْنا نجماً (أو جسماً) يبعد عن كرتنا الأرضية 13.5 بليون سنة (مثلاً) فهذا النجم يمكن النَّظَر إليه على أنَّه "أُفْق الكون".
الجسم الذي يُمَثِّل "أُفْق الكون" يجب أنْ يكون "مضيئاً"، أو "مُرْسِلاً لمعلومة"؛ وهذه "المعلومة" تشبه "رسالة" ضِمْن "مغلَّف"، هو "الضوء (المنطلق من هذا الجسم)"؛ ولا بدَّ لهذه "المعلومة" من السَّيْر في الفضاء الكوني بسرعة الضوء (300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة تقريباً).
وهذا الجسم (أو النجم) هو الأبعد في الكون، أيْ هو الأبعد عنَّا نحن سكَّان الكوكب الأرضي؛ وهو نفسه الأسرع في ابتعاده (أو ارتداده) عنَّا؛ وهو نفسه الأقدم وجوداً؛ وهو نفسه الذي نراه ضئيل اللمعان، شديد الاحمرار.
والنجم، على ما نَعْلَم، ينتمي إلى "مجرَّة"، تنتمي إلى "عنقود مجرَّات"؛ و"العنقود" يتحرَّك مع الفضاء، ولا يتحرَّك فيه؛ فالفضاء بين "العناقيد" يتمدَّد في استمرار، وبسرعة متزايدة، فنرى، من ثمَّ، النجوم في مجرَّاتها تبتعد عنَّا (عن أرضنا، وعن شمسنا، وعن مجرَّتنا) في استمرار، وبسرعة متزايدة.
ونَعْلَم، أيضاً، أنَّ الكون قَبْل تَكَوُّن النجوم والمجرَّات كان أصغر حجماً، وكان الفضاء الكوني (الأصغر حجماً) مليئاً بالجسيمات (إلكترونات وبروتونات ونيوترونات) وبنوى ذرَّات الهيليوم، وبالفوتونات، وبجسيمات أخرى؛ وفي رَحْم هذا "الكون الجسيمي" تكوَّنت النجوم مع مجرَّاتها، فاتُّخِذَت جسيمات الذرَّة مواد أوَّلية، منها تكوَّنت النجوم.
وهذا إنَّما يعني أنَّنا لن نرى شيئاً من ذلك الطَّوْر الكوني؛ فالنَّجْم، أو ما يشبهه، هو وحده ما يُمثِّل "أُفْق الكون".
قُلْنا إنَّ نجماً رَأَيْناه الآن، وُلِدَ قبل نحو 13.5 بليون سنة، ويبعد عنَّا نحو 13.5 بليون سنة ضوئية، هو ما يمكن أنْ يمثِّل "أُفْق الكون"؛ فما معنى ذلك؟
المعنى الأوَّل، هو أنَّ هذا النجم، الذي نراه الآن، هو "معلومة" نُقِلِتَ (ووصَلَت) إلينا على متن ضوءٍ انطلق من النجم نفسه قبل نحو 13.5 بليون سنة، أي قَبْل نشوء كوكب الأرض؛ ولقد قَطَعَت هذه "المعلومة"، في رحلتها الكونية، مسافة 13.5 سنة ضوئية (إنَّها مسافة قَطَعَتْها فعلاً).
المعنى الثاني، هو أنَّ هذا النجم، وفي الهيئة التي نراه عليها الآن، لم يكن يُرى، مِنْ قَبْل، من كوكب الأرض، أو من مجرَّتنا.
المعنى الثالث، هو أنَّ هذا النجم، وفي الهيئة التي نراه عليها الآن، كان يمكن أنْ يُرى من كوكب الأرض، أو من مجرَّتنا، قبل بلايين السنين، لو لم يكن الفضاء الكوني يتمدَّد؛ فتمدُّد الفضاء هو ما أطال المسافة التي قَطَعَتْها (فعلاً) تلك "المعلومة".
المعنى الرابع، هو أنَّ هذا النجم، وإذا ما كان "الآن" على قيد الحياة، يُبْعُد عن كوكب الأرض أكثر كثيراً من 13.5 بليون سنة ضوئية؛ وقد يراه سكَّان الأرض، في الهيئة التي هو عليها "الآن"، إذا ما بقي، وإذا ما بَقَت الأرض نفسها، بعد 22 بليون سنة (مثلاً). وعندئذٍ، سيقولون إنَّ "أُفْق الكون" يَقَع على بُعْد (أيْ يَبْعُد عن الأرض) 22 بليون سنة ضوئية.
المعنى الخامس، هو أنَّ علماء الكون يمكنهم، في استمرار، إعادة النَّظَر في "عُمْر الكون"، مع الاحتفاظ بجوهر نظريتهم الكوزمولوجية؛ فلو اكتشفوا، بعد سنة، أو سنتين، وجود نجم يبعد عن الأرض 18 بليون سنة ضوئية (مثلاً) يقولون: لقد أَخْطَأنا في تقدير "عُمْر الكون" إذْ قُلْنا إنَّه نحو 14 بليون سنة؛ والآن، تبيَّن لنا أنَّ عُمْره 19 بليون سنة، وأنَّ هذا النجم الجديد المُكْتَشَف الآن هو ما يُمثِّل "أُفْق الكون". وهذا إنَّما يعني أنَّ نظريتهم الكوزمولوجية تَكْمُن فيها "طاقة احتيال (فيزيائي)" لا تنضب!
وَهُمْ يكفي أنْ يُعَرِّفوا "الكون" على أنَّه كل ما وُجِد، من قَبْل، وكل ما يُوْجَد، حاضراً ومستقبلاً، أو كل ما اكتُشِفَ، من قَبْل، وكل ما يُكْتَشَف، حاضراً ومستقبلاً، حتى يَسْهُل عليهم، نظرياً، "مَطَّ" عُمْر الكون، و"مَطَّ" أُفْق الكون، معاً!
إنَّ الاختبار العملي لهذه النَّظَرية غير ممكن أبداً؛ وهذا الاختبار هو "السَّيْر في مسارٍ مستقيم، وبسرعة تقارِب سرعة الضوء، في أيِّ بُعْد من أبعاد المكان الثلاثة".
نظرياً، وبما يُوافِق جوهر هذه النَّظَرية، يكفي أنْ تسير في مسارٍ مستقيم (من وجهة نظركَ) وبسرعة تُقارِب سرعة الضوء، وفي أيِّ بُعْدٍ من أبعاد المكان الثلاثة، حتى تعود إلى النقطة التي منها بدأ سَيْركَ. من وجهة نظر المراقبين في تلك النقطة، أنتَ عُدتَّ بعد بلايين وبلايين السنين؛ أمَّا من وجهة نظركَ أنتَ، فقد عُدتَّ بعد دقائق، أو بعد ساعات، من بدء رحلتكَ الكونية، التي فيها قَطَعْتَ الكون كله، عائداً، في آخر المطاف، إلى النقطة التي منها ابتدأتَ.
إنَّكَ ستعود، حتماً، إلى نقطة انطلاقكَ؛ ولن تغادِر أبداً الكون إلاَّ إذا (وهذا افتراض آخر) ساَفَرْتَ (في طريقة ما) في "البُعْد الرابع (Hyperspace)" للمكان؛ وما أدراك ما "البُعْد الرابع"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نفاد الوقود.. انقطاع التيار الكهربائي في مجمع ناصر الطب


.. وسائل التواصل الاجتماعي أدت لأزمة في الصحة العقلية بين الشبا




.. جمال الطبيعة ورهبتها في آخر ثوران لبركان إتنا


.. تفاعلكم | مفاجأة.. هذه عمليات التجميل التي أجراها بايدن وترا




.. أوكرانيا تعلن نجاحها في مراقبة وتتبع وضرب القوات الروسية من