الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب ماكس بوت -جيوش خفية-

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2013 / 12 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


استعرض الكاتب جوستن غرين بتقرير له في الديلي بيست كتاب المؤرخ ماكس بوت "جيوش خفية"، الذي يقول فيه إنّ حرب العصابات "هي الحرب الكونية للضعفاء". فالحرب غير المنتظمة تلك التي تمارسها مجموعات مسلحة منذ العصر الآشوري وصولاً إلى الثوار اليهود في القرن الاول حتى عصرنا الحالي وما فيه من جماعات كحماس وحزب الله، توفر للمقاومات الشعبية القدرة على مقارعة أعتى الجيوش التقليدية.

ويستذكر الكتاب في ذلك ما فعلته الميليشيات الأفغانية بالجيش الأحمر إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان في الثمانينات، حيث ينقل عن أحد الجنود قوله إنّ الكثير من أفراد القوات السوفياتية أدمنوا الكحول والمخدرات ليهربوا من رائحة الدم، حتى أنّ بعض المزودين الأفغان كانوا يقدمون الحشيش لهم مجاناً عن طيب خاطر فقط لإفسادهم.

وفي ذلك يتمحور تساؤل كتاب "الجيوش الخفية" لماكس بوت الرئيسي: كيف يمكن لجيش عظيم هزم هتلر كالجيش الأحمر أن يتلقى الهزيمة من بعض الرعاع في أفغانستان؟ كما أنّ هنالك إشارة إلى عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على إنهاء وجود مقاومات شعبية كحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، وخضوعه لها في بعض الأحيان، كانسحابه من لبنان عام 2000 ومن غزة عام 2005، وعدم قدرته على حسم المعركة في حرب عام 2006 في لبنان و2009 و2012 في غزة.

ويستغرب الكاتب كيف أنّ أمماً لا تملك أكثر من شعب ضئيل العدد نسبياً، كفرنسا وإنكلترا القرن الخامس عشر، خاضت حروباً لمئات السنين. ويشير إلى أنّ الجواب بحسب الكتاب هو أنّ مثل هذه الحروب لم تقدم إلاّ نادراً معارك ضخمة تزهق فيها أرواح كثيرة، ومع ذلك تلفت انتباهاً تاريخياً بسبب المكانة السياسية.

وفي إشارة إلى حرب الإستقلال الأميركية يتطرق الكاتب إلى فيلم ميل غيبسون "ذا باتريوت" الذي جسد تلك المرحلة والتقط حقيقة رئيسية؛ هي أنّه وبالرغم من كسب عدة معارك فإنّ الجيوش البريطانية كانت غير قادرة على تدمير القوات الأميركية. كما أظهرت الثورة الأميركية بشكل واضح القدرة المحدود للجيوش الكبرى على قمع الحركات الشعبية.

أما ما جلب الإستقلال فعلياً لأميركا فقد كان التحول في وجهة النظر البريطانية الداخلية حيال الحرب. فرئيس الوزراء اللورد نورث خسر عمله خلال الحرب، واستقال عام 1782 بعد تصويت البرلمان لصالح إنهاء العمليات الهجومية في المستعمرات.

ويشير الكاتب كذلك إلى أنّ تحدياً آخر يلازم القوات النظامية المعاصرة في جهود مكافحة التمرد هو الحاجة إلى القوة من دون خرق معايير حقوق الإنسان والقواعد الدولية للحرب. ويقارن المؤلف بين ما فعله الفرنسيون في جزر الهند الصينية (1945-1954) وما فعله البريطانيون في ملايو (1848-1960). فالفرنسيون عاملوا المدنيين معاملة سيئة كالإغتصاب والضرب والتعذيب والتدمير الكامل للبلدات. أما البريطانيون فقد فتحوا المدارس والمستشفيات للمدنيين وساعدوا الناس. وفي سبيل ضرب التهديد الشيوعي وعدوا الملاويين بالإستقلال "في الوقت المناسب". كما أعطوا الجنسية المالوية لأكثر من مليون هندي وصيني ما عزز هوية البلاد.

ويشير المؤلف إلى أنّ ما فشل السوفيات في فهمه بأفغانستان هو أنّ التمرد النامي وطنياً والتوهج الديني سوف يقهر أيّ قوة خارجية. ويقول كاتب التقرير إنّ بوت يحاول في كتابه المؤلف من 550 صفحة أن يشرح لنا لما تتطلب استراتيجيات مكافحة التمرد حرباً غير تقليدية كحال الجيوش الخفية التي تواجهها كما كان الحال عليه مع القوات الأميركية في غزوها للعراق وأفغانستان وانسحابها من الأول، وانسحابها المرتقب من الثانية.

ويتابع الكاتب أنّه يريد استفساراً من بوت حول استخدام الأميركيين للطائرات من دون طيار في ضرب البلدان "المارقة" وما تأثير ذلك على السكان المحليين. فهل يخلق هذا الأسلوب أجيالاً مستقبلية من "المتمردين"؟ وهل يختلف استخدام الطائرات من دون طيار من جانب أميركا في باكستان عمّا ارتكبته القوات الفرنسية في الهند الصينية وفيتنام؟

ويختم بالقول: إنّ مثل هذا التساؤل الأخلاقي تُرك جانباً في كتاب "الجيوش الخفية"، ومع أنّه لا يؤثر في الإنجاز التاريخي لعمل بوت الملفت بشكل كبير، فإنّني أطمح للمزيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار