الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تحول الربيع خريفاً في سوريا؟

إدريس نعسان

2013 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بدأ ربيع الثورات الشعبية في الدول العربية التي حظيت عقوداً من الزمن بحكم الطواغيت و المستبدين، فانتعشت معه آمال المستضعفين في الأرض بحرية و كرامة طال أمد أنتظارها، لكن ربيعاً كي يحقق أركانه يجب أن يلد في وقته و منبته المناسبين، و يجب ان ترافقه الظروف الملائمة لنضجه و كماله، و تلك الظروف أو الأجواء تبدأ بحالة الوعي الشعبي في الدول التي تهب فيها نسائم ذاك الربيع، فإن كان الوعي متقدماً أمكن التغلب على المخلفات و الآثار السيئة التي عمل النظام على غرسها في الشعب و إن كان الوعي غائباً أو ضعيفاً و قع الربيع فريسة لمصالح الجميع و تحول خريفاً قارساً و كارثةً على الوطن و الشعب، فمثلاً عدم قدرة السوريين على حذف سطوة الثقافة الطائفية التي أصطبغت مفرزات الحراك الثوري منذ الوهلة الأولى، كتسمية الكتائب و الألوية بتسميات طائفية أو عروبية، ولدت لدى المختلفين مقتاً و كراهية ممزوجيتن بالرهبة والخوف من قادم الأيام.

و ترافق ذلك بالتركيز على هوامش الأمور و بدع الدين الإسلامي الحنيف و الابتعاد عن الجوهر السمح المسالم للأديان السماوية، و فرض تلك البدع على مختلف المكونات مهما كانت انتماءاتها و معتقداتها الدينية و الفكرية (طبعاً زاد الطين بلة مع تنامي نفوذ الجماعات التكفيرية المتطرفة)، الأمر الذي أظهره في صورة بديل سيء جداً عن النظام البعثي الإقصائي، فبدأ الناس يأخذون جانب الحياد و التفرج أنطلاقاً من مقولة (فخار يكسر بعضه)، و كأنهم غير معنيين بما يدور حولهم سوى دفع فواتير ما يخربه و يدمره طرفي الصراع.

و هكذا غرس الربيع الغض في وحل سوريا و تضاريسها الوعرة، و طال انتظار الشعب إلى قطف ثماره، و هم يجنون ناراً و سعيراً يزداد يوماً بعد يوم، و ذلك لجملة من الاسباب التي استطاع النظام وحده الاستفادة منها:
1. عدم وجود قاعدة جماهيرية للمعارضة بشقيها السياسي و العسكري، أو انحصار المعارضة في طائفة دون سواها.
2. تحول الربيع الذي انتصر بسلميته في الدول السابقة إلى العسكرة و حرب أهلية و صراع بين مكونات الثورة.
3. رغبة دول الخليج ذات الانظمة الشمولية (الملكية و المشيخية) في تلقين إيران و حليفه السوري درساً كي لا يتماديا كما في البحرين و قصقصة أجنحة حزب الله حتى لا يبلغ سيناء مصر مجدداً، مع حرصهم على عدم انتصار الثورة السورية لتبقى بمنآى عنها.
4. نجاح النظام في جر فصائل المعارضة المسلحة إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية و تقليد ممارساته على بشاعتها.
5. تحول الدول الكبرى المؤيدة للثورة إلى فكرة إجراء عمليات تجميلية في النظام بدلاً من استئصاله و ذلك لسببين: الأول: عجز المعسكر الأمريكي عن تحييد الدب الروسي من طريق التدخل لصالح قوى الربيع، و الثاني: استبدال تغيير النظام بتجريده من مخالبه و أسلحته المهددة لإسرائيل و مصالح تلك الدول، و التخلي عن مفرزات غير قادرة على تجاوز عقبة الإرهاب، و خشيتهم من وصول المتطرفين الإسلاميين إلى سدة الحكم في سوريا الجديدة.

بسبب ما تقدم تحول الربيع السوري خريفاً و استطاع النظام إظهار نفسه على أنه الخيار الأفضل مقارنة مع هكذا معمعة و معارضة مشتتة الأجندات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -