الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدخيل

جوزفين كوركيس البوتاني

2013 / 12 / 28
الادب والفن


ترى من يحكم الدار؟ تسائل الغريب الطارق على بابها.. قف يا أيها الغريب. كف عن طرق الباب فلن يفتح أحد لك! مالك تطرق بإصرار طرقة تلو الأخرى، ثم تريح يدك فقط لتعاود الطرق مجددًا؟! ألم أقل لك بأن لا أحد في البيت؟ فصاحب الدار ترك الدار هاربًا في منتصف الليل، ولا أحد منا يعرف ممن هرب ولماذا وكيف! لكنه غادر تاركًا خلفه كل شيء كما هو.. حتى فراشه لم يتسنى له ترتيبه وكأن هناك من ينتظر مغادرته بفارغ الصبر. نسي ان ياخذ معه حتى اوراقه الثبوتية، ومنذ ان غادر، انقطعت اخباره وجيرانه الذين كانوا يعرفون عنه اتفه التفاصيل تراهم اليوم يتحاشون السؤال عنه خوفًا من المتطفلين والسائلين والمتسائلين، ولكن الغريب الطارق لم يستمع لكل هذا وتراه مستمر في الطرق على الباب، وهذه المرة بقوة تكاد تكسره! فهو يطرق كمن يكون في عجلة من أمره لكأنه جاء في مهمة وليس من مجيب..
وعاد الرجل ابن المنطقة الذي كان يريد معرفة مبتغى الغريب وقال للأخير: إن كنت جئت لتأخذ شيئًا ما، فخذه وامضي في سبيلك حيث لا أحد هنا. فصاحب الدار رحل ولم يأخذ معه سوى همه وخوفه ودفتر الصحة الذي لم يعد يجدي نفعًا، فهو كما تعلم كان يعاني من أمراض القلب والسكر وضغط الدم، هذا ناهيك عن سوء التغذية. فتوقف الغريب لبرهة ثم التفت إلى الرجل بعد ان التفت يمينًا ويسارًا، ثم أمعن النظر في محدثه وقال: وأنت، ماذا يقرب لك صاحب الدار؟ هيا أخبرني!
فتلعثم الرجل وأجاب بتردد: إنه ابن منطقتي.
فقال الغريب: ولماذا تحاول إيقافي؟ لما تقف بوجهي وتحاول إبعادي بشتى الطرق؟
فقال الرجل: لأنه كما قلت ابن منطقتي وأنت غريب ومن حقي ان اعرف من انت وماذا تريد. أم انك لست معي...
فقاطعه الغريب قائلاً: كيف تعرف بانه ليس في البيت وكل الدلائل تشير بأنه موجود؟
فأجاب الرجل المدافع عن منطقته: انظر جيدًا إلى الحديقة كيف يبست كل اشجارها ولم يتبقى منها سوى تلك النخلة في منتصف الحديقة، فهي الوحيدة التي نجت ولم تهتم بغياب أهل الدار.. وكأنها على علم تام بأنه سيعود يومًا ما. تأمل معي النوافذ المغلقة باحكام والنور المطفى، فما بالك تصر على طرق الباب؟
فنظر الغريب إلى الرجل ثم أشهر سلاحه وأخذ يهدده وقال: أسمع يا أبن المنطقة! لا تتدخل بما لا يعنيك وإلا ستلحق به أنت أيضًا. أنا اعرف جيدًا بأن لا أحد في الدار لأنني أنا من قمت بتشريده، ولكنني هنا لأتأكد بأن أحد لم يسبقني في الأستيلاء على الدار! والآن بات البيت من حقي أنا وحدي!
فابتعد ابن المنطقة مهددًا ومجبرًا ودخل الغريب إلى البيت، بعد تأكده من أن احد لم يسبقه إلى غنيمته، وأشعل الأنوار ووضع الأوراق الثبوتية لصاحب الدار في جيبه وبين ليلة وضحاها أصبح هو صاحب الدار ولم يعد أحد يسأل لا عن الدار ولا عن صاحبها وعجبي...

كتبت بتاريخ العاشر من آذار 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك