الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة

إحسان خليل

2013 / 12 / 29
الادب والفن


أخبرنى والدى انى و اختى معزومتان على الافطار عند عمتنا , و علينا الاستعداد فى التو و اللحظة , حتى نصل قبل آذان المغرب بساعة او على ألاقل بنصف ساعة , فهى تريد أن تستشيرنا فى امور تخصها .
بعد دقائق معدودة كنت جاهزة للخروج , اما اختى , فقد لاجظت أنها تتباطأ فى ارتداء ملابسها . عند وصولنا الى ميدان التحرير , تعجبت من انها تسمرت فى مكانها على الرصيف و لم تتجه الى موقف اتوبيس الهرم , و ابدت انشغالها و استغراقها فى التفكير , و طلبت منى الصمت لفترة حتى لا اقطع حبل أفكارها . و بعد فترة ليست بالقصيرة باغتتنى باننا سوف نذهب لصديقة لها , تسكن فى جاردن سيتى . و اننا سوف نذهب الى عمتنا على آدان المغرب أو بعده قليلا و ان هذا لا يهم , ثم أبلغتنى انها لن تخبر ابى بذلك .
_ و ايه المشكلة ان بابا يعرف , دى صحبتك و هو يعرفها و انا كمان معاكى !!!
_ انا حرة يا ستى مش عايزه اقول له
_ أمممممم طيب حاقول لك على فكرة كويسة , ايه رأيك أكسر كعب الصندل بتاعى و ندور على حد يصلحة , و طبعا الرجل مش حياخد فى تصليحة غير خمس دقائق , و بعدين نروح لصحبتك . علشان ما حسش انى بأكدب على بابا لما اقول له اننا كنا بنصلح الصندل , و كمان حاقول له اننا كنا قريبين من صاحبتك وانى اللى طلبت منك زيارتها .
_ ايه الهبل ده كله !! , طيب افرضى يا ناصحة اننا ما لقيناش حد فاتح دلوقتى يصلح لك الصندل . حتمشى لى حافية فى الشارع يعنى . اسمعى لو بابا ضغط عليكى اعترفى له بكل حاجة ,
_متخافيش أنا مش حأفتن عليك , و ح البس الموضوع لنفسى
ردت بامتعاض " ياستى قلت لك لو ضغط عليكى احكيله على كل حاجة , و علشان ما تتحرجيش حأعمل نفسى مش عارفه انك قلتى له .

فتحت صديقتها الباب لنا و سألتنى ان أغلقه خلفى و الحق بهما و بعد ان حدثتها اختى بصوت هامس , طلبت منى الصديقة أن انتظر فى مكانى , و عندما استدرت لم أجدهما , انتظرت عدة دقائق , ثم شعرت بالزهق و الضيق و ناديت عليهما , و لم يجيبنى أحد . تقدمت فى الطرقة و نظرت الى اول غرفة قابلتنى على اليسار , كانت والدة الصديقة مستلقية على جانبها فى السرير , و عندما تلاقت عينانا تهربت من النظر الى و استدارت على جنبها الآخر . فاجتزتها بسرعة و اكملت سيرى فى الطرقة متوجهة الى الغرفة التى فى آخرها . كانتا واقفتان تتحدثان بصوت خفيض فى حجرة شبه خالية من الآثاث , ليس فيها تقريبا غير منضدة صغيرة عليها مسجل الشرايط , و صورة كبيرة على الحائط لوجه والد الصديقة بشعره الرمادى الذى خطه الشيب . و خرجا و تركانى بالغرفة . بعد لحظة سمعتها فى الطرقة تقول لأختى " انا نفسى أقول لها ان الاوضة دى كانت المفروض تبقى اوضتها "
_ لأ لأ بلاش علشان خاطرى لحسن تعيط لنا , و تقعد فى أوضتك و ما ترضاش تخرج منها .
_ معقول تعمل كده ؟!!!
رجعت الصديقة بعد لحظة و شغلت لى المسجل على اغنية جميلة , و سألتنى اذا كانت الغرفة قد أعجبتنى أم لأ . اخبرتها ان غرفتها جميلة و لها قبول و شعرت معها بالألفة , ( لم اخبرها انى تعجبت من عدم وجود أى كرسى لكى استريح عليه ) .
_ احنا دلوقتى لوحدنا و عايزاكى تكلمينى بصراحة , انت كنت تتمنى ان الاوضه دى تبقى اوضتك , يعنى تكونى فيها بدالى لو قلتى آه حأديهالك .
_ لأ طبعا !!! اوضتك حلوة و مبروكة عليك , انا عمرى ما بصيت و لا شغلت نفسى بحاجة غيرى . ابديت اعجابى بالصوت الشجى للمطرب أخبرتنى ان اسمه محمد حمام .و اخذتنى و خرجت الى الصالة ثم اشارت لى على باب ينزلق او ستارة و سألتنى تعرفى ايه اللى ورا هنا ؟ . و فى اقل من ثانية أجبت هى غرفة مكتبة صغيرة و شكلها عامل زى كده ( رسمت بيدى فى الهواء نصف دائرة ) . بهتت الصديقة و بصوت عالى و كأنها تحدث نفسها " بعد كل السنين دى و هى لسة فاكرة " .. ردت اختى : لأ هى بس بتستنتج , هونى عليك يا صديقتى و حطى فى بطنك بطيخة صيفى .

بعد عدة أشهر من زيارتنا للصديقة , تذكرت ما حدث لى و انا طفلة صغيرة فى شقة جاردن ستى . فقد كانت عمتى تقيم بها و عندما ارادت ان تنتقل الى شقتها الجديدة بالهرم , تمنت ان يسكنها ابى من بعدها فهى كما اوضحت له أنه اخيها الكبير الذى تحبه و لن تجد من هو أغلى منه عندها و أعظم .
وافق أبى وقتها و استأذن عمتى فى ان تستضيف لمدة يومين زوجة صديق لهم , نفى أو فر خارج مصر لمواقفه السياسية المعارضة للنظام , لان ليس لها مكان تقيم فيه هى و ابنتها الصغيرة و أخبرها ايضا انه سوف يترك لزوجة الصديق شقة جاردن سيتى لمدة شهر او اكثر حتى ترتب أمورها , و سيتصل فى خلال اسبوع بزوجها و يسأله كيف سيوفر لزوجته و طفلته الصغيرة بيت . وافقت عمتى على مضض على استضافة زوجة صديق ابى و لم تسترح للفكرة , كانت تخشى أن تدخل هذه السيدة المنزل و لا تخرج منه ابدا الا بعد عمر طويل . و صدق حدس عمتى .

بعد يومين من زيارتنا لعمتى و انا طفلة صغيرة ذهبت مع ابى مرة اخرى لتفقد الشقة التى سوف نسكنها . انشغلت عمتى بالترحيب به و الحديث معه بصوت خافت بالقرب من باب الشقة فقد كانت لا تريد للضيفة ان تسمع كلامهما ( زوجة الصديق ) .أشارت لى زوجة الصديق من بعيد ثم أخذتنى الى تلك الحجرة , ونزلت بجسمها قرب الارض وبنظرة تهديد و وعيد , و وجه بارد و جامد , طلبت منى ان ابلغهم رفضى للسكن فى هذه الشقة و اردد لهم ان هذه الشقة لن ياتى لنا منها غير المشاكل و المصايب و ان ابكى و اجرى على السلم وارفض دخولها مرة اخرى , ثم أكملت شرها بان قالت " اذا شوفتك مرة تانية هنا فى الشقة دى مش بس حموتك من الضرب دا انا حاموتك بجد ". و كمان حتكونى السبب فى أذية ابوكى , و قامت بدفعى من امامها حتى أنفذ ما قالته لى .
تعجب والدى مما حدث منى , فقد كنت أبكى والدموع تنهمر بغزارة و اجذب يد والدى و اترجاه للذهاب بعيدا واجرى على السلم مذعورة و اردد ما حفظته لى تلك السيدة التى ليس فى قلبها أى ذرة رحمة . . تذكرت كل ما حدث منها , بعد زيارتى لصديقة اختى و انا كبيرة فى المرحلة الثانوية . و لم استطع ان أحكيها لابى الا بعد سنين طويلة , وقتها هز رأسه بحزن و هو يقول : " تبقى الست دى ضحكت عليك , تبقى عرفت تخدعنا بصحيح ".
فى الحقيقة عندما اتذكر ذلك ألان , لا أعرف هل ابى وقتها تشائم من الشقة فتركها بخاطره , أم زوجة الصديق استموتت و لبدت فيها .

كنا قد خرجنا من شقة الصديقة عندما ابلغتنى اختى ان الوقت قد تأخر جدا و لن نتمكن من الذهاب الى عمتنا على الافطار و سوف نعود الى المنزل . عند وصولنا همست هى فى أذن والدى ثم دخلت الى حجرتنا , اردت ان الحق بها , فاستوقفنى والدى و سالنى عن سبب تأخرنا
نظرت الى الارض و كان قلبى يدق بشدة لانى لم اتعود الكذب , و حكيت له موضوع الصندل الذى قطع . ورددت القصة عدة مرات , قال ابى : خلاص الصندل اتقطع ميت حته و الحمد لله , و الراجل ابن الحلال صلحه فى خمس دقائق ,رحتم فين تانى ؟
_ كنا جنب بيت صحبتها فطلبت من اختى انى ازورها
_ طيب اتفضلى انت على اوضتك و ابعتى لى اختك
_ اختى ماذنبهاش حاجة انا اللى اتحايلت عليها .

خرجت اختى و قربت فمها من اذن والدى و تكلما بصوت خفيض .
_ من فضلك يا بابا ما تضغطش عليا اكتر من كده , دول اصحابى أنا .. و انا اعرف مصلحتهم , وهى ما تنفعش خالص تيجى معانا .
_ خديها معاكم الغلبانه دى ينوبك فيها ثواب , يمكن تتعلم لها حاجة منكم بدل ما هىه مش عارفه حاجة فى الدنيا دى , و كمان يمكن تنفعكم بحاجة دى شخصيها مضحية .
_لا ما تنفعش خالص يا بابا , يعنى لو مرة مثلا كلفناها بحاجة زى انها تعلق مجلة حائط او توزع منشورات و جه بتاع الامن شافها و سلمها للضابط المسئول , حتنهار و اول ما الضابط يضغط عليها شوية حتألف له حاجات من عندها ما حصلتش اصلا و تودينا كلنا فى داهية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_