الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطر مجددا ... لماذا؟

حاتم الشلغمي

2013 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بعد انكشاف دورها التآمري على الدولة السورية و القضية الفلسطينية و الأوطان العربية ذات التاريخ و النفوذ في عهد أميرها السابق "حمد", الذي أراد تقديم المنطقة العربية – و كأنه مالك للأرض و لمفاتيح خزائنها- على طبق من ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لينقذ هيمنتها على العالم بعد أن أوهنها المستنقع العراقي, و فشلها في إسقاط آخر قلاع العروبة و الممانعة في سوريا , تعمل إمارة قطر "الجديدة بعد بيعة تميم بن حمد" على إتباع خطوات تهدف إلى "إصلاح ما كان" و التراجع "التدريجي" عن كل ما اقترفه النظام الأميري السابق.
فبعد تولي الأمير الشاب مقاليد حكم دويلة قطر الغنية بنفطها, اثر عملية شبه انقلابية أطاحت بحكم أبيه و معاونيه, عمل على إظهار نيّة الدخول في مرحلة جديدة مغايرة تماما لعهد والده من خلال التعامل بانفتاح مع الواقع السياسي في المنطقة على أسس التوازنات القائمة. هذه النية لا تختلف كثيرا عن أولى مراحل سياسة "حمد" الذي أبدى أيضا إرادته "القوية" في التقارب مع وجهة النظر السورية في الممانعة ودعم للمقاومة اللبنانية و الفلسطينية. فساعدت قطر آنذاك على فتح قنوات التعاون و التقارب مع دمشق و ركبت قطار دعم المقاومة الفلسطينية (حماس على وجه الخصوص) و اتخاذ "مواقف إدانة ضد الكيان الصهيوني(رغم أنّ أراضيها تحمل قواعد عسكرية تعمل لصالح هذا الكيان), ليتبيّن في ما بعد مدى سذاجة هذه المشاهد المسرحية الهزلية وليكشف عن الوجه الحقيقي للسياسة القطرية المتصهينة التي اتضحت خيوط مؤامرتها التي تستهدف الشعب الفلسطيني قضيته و نضالاته و كل من يدعمه من جماعات و دول من حزب الله إلى إيران مرورا بسوريا قلب العروبة النابض.
بعد تولي تميم الحكم في قطر عمل على بحث سبل لإعادة أقنية التواصل المباشر مع دمشق من خلال البعث بالوساطات الإيرانية و الفلسطينية و صولا إلى استغلال مكانة "حزب الله" -الحليف الأكبر- لدى القيادة السورية بهدف مدّ جسر الحوار الغير مباشر مع دمشق رغم تجميد العلاقة بين قطر و حزب الله منذ بدء الأزمة في سوريا على خلفية تباين الموقفين بين مؤيد للحل السياسي و داعم للدولة السورية كحزب الله و بين مؤيد للخيار العسكري عبر تمويل و تسليح الجماعات المعارضة كقطر التي تحاول جاهدة إزالة الجليد بينها و بين الدولة السورية المنتصرة سياسيا و عسكريا على الإرهاب التكفيري "الديمقراطي", محاولة اخذ هامش سياسي في اللعبة الجيوبوليتيكية الجديدة مستغلّة فشل السعودية (ضرّتها اللدود) في إدارة مخطط إسقاط الدولة السورية في براثن الامبريالية الصهيونية المتلهّفة إلى الاستحواذ على مقدّرات الدول و مقوّمات الشعوب.
لم ينكر أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله عبر مقابلته مع قناة Otv بتاريخ 3-12-2013 حدوث تواصل لقاءات جرت بين قيادات سياسية من حزب الله و شخصيات دبلوماسية قطرية بطلب من قطر ذاتها و هذا يعكس تغيرها بخصوص سورية لأن موقف حزب الله ثابت لم يتغيّر منذ بدء الأزمة إلى الآن في دعم الدولة السورية و مقاومة الإرهاب التكفيري الذي كانت تدعمه قطر و تسانده إعلاميا ماليا و عسكريا عبر جهاز ثابت اعلن عنه وزير خارجيتها السابق (حمد بن جاسم) و أفضى حتى الى تدخّل عناصر من حزب الله لحماية الشريط الحدودي بين سوريا و لبنان و الذي حسم معركة القصير إلى صالح الجيش العربي السوري.
فاللقاء العلني (الأول بعد الأزمة) الذي جمع السيد نعيم القاسم نائب الأمين العام لحزب الله و علي بن حمد المري سفير قطر في لبنان, لا يعدّ لقاء تعارف أو لقاء تصالح بعد التباعد الذي جرى على خلفية الأزمة في سوريا, بل هو حدث هامّ يحمل مضمونا سياسيا يعكس الواقع الجيوسياسي في المنطقة, نزعم انه إقرار بصمود سوريا و إعلان عن نيّة ترميم ما تصدّع, و الخضوع إلى مسايرة الرأي العام الشعبي السوري و العربي بخصوص مشروع "الربيع العربي" و مسايرة مواقف اغلب الدول في التعاطي الجديد مع الأزمة السورية على كونها تحارب إرهابا منظّما. ففي عالم السياسة كلّ أمر ممكن ما دامت المصالح قائمة, فهذا اللقاء يشير إلى مواصلة قطر في بعث الرسائل إلى القيادة السياسية السورية علنا عبر حزب الله الذي لم يرفض لعب هذا الدور الوسائطي خدمة للتهدئة الشاملة في المنطقة التي ستخدم بدورها جملة التسويات و التفاهمات حول الشرق الأوسط حتى عقد مؤتمر جينيف.
السؤال الذي يبقى قائما الآن هل أن قرار قطر "الجديد" بكسر الجليد مع محور المقاومة بدءا بحزب الله, هو قرار انفرادي تلقائي جاء بعد عملية نقد ذاتي مرن و متّزن مدرك للفشل و مستعدّ تمام الاستعداد للتعويض و المساهمة في حقن الدماء و الدفع نحو الاستقرار و إعادة الاعمار, أم أنّ قطر تلعب دورا جديدا ممنوحا لها من طرف دوائر المخابرات الأمريكية على حساب الهزيمة السعودية (الأمريكية غير المعلنة) و فشلها في تكريس فرضية تعديل موازين القوى العسكرية في سوريا و السياسة في لبنان قبل جينيف؟
لا شكّ إن التسليم بأنّ كل من حزب الله و قطر يلعبان دورا في الحرب الدائرة في سوريا و أن حزب الله القوة الإقليمية التي لا يمكن تحجيمها و لا تجاهلها أصبح مفتاحا لباب دمشق تعمل قطر و من ورائها تركيا –لارتباط مصالحهما و علاقاتهما المتواصلة في دعم الإخوان المسلمين في المنطقة العربية- على استغلاله بغية إعادة إحياء العلاقات تمهيدا للدور السياسي الذي سيلعبه جينيف من خلال الاعتراف بنصر الدولة السورية على إرهاب بات يهدّد أمن عالم بأسره.
خلاصة القول لماذا قطر من جديد؟ ببساطة, لأن الدور السعودي أصابه الفشل و أخذته الهستيريا و الجنون, و لأن قطر لم يزل لديها هامش سياسي لتلعبه. فكما ساهمت في دعم الإرهاب و تمويله ستعمل على دعم الحل السياسي و تقريب وجهات النظر في جينيف, أما عن علاقتها بدمشق فقد أشار الرئيس بشار الأسد في لقائه مع قناة الميادين أن دمشق تتلقى رسائل قطر و لكن الذي يقرّر إعادة العلاقات مع الشعب القطري هو الشعب السوري فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال