الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على من يكون الرهان؟

محمد السعدنى

2013 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هل يكون رهاننا اليوم على الأشخاص، أم السياسات والبرامج والأفكار؟ ربما هو سؤال اللحظة ومأزقها، ولقد جاءتنا الإجابات الواضحة من جماهير شعبنا العظيم حين عز ذلك وألغز على النخبة الحائرة المترددة.
على من يكون الرهان إذن؟ كان عنواناً لمقال سابق فى الفكر والسياسة إبان احتدام أحداث مابعد 25 يناير، وجاء قبله فى مقال"مشهد مأزموم وانتلجنسيا حائرة" عندما رأيت حضور الجماهير حين غابت النخبة وألتبس عليها الأمر وكانت أسيرة طموحاتها وأطماعها. كانت الإجابة قبل 25 يناير هى الرهان على الشعب وقواه الحية الواعية الفاعلة، ما تأكد فى 30 يونيو، وعندما تبدى فى الأفق الاستحقاق الرئاسى كان شاغل الناس، هو الرهان على شخص يحقق شروط القيادة والتجرد والوطنية، تتماهى أفعاله ومواقفه وتصوراته مع آمال الناس وأشواقهم للعدل والحق والتقدم والحرية، واختار الناس بفطرتهم ومخزوج ثقافى عميق، الرهان على زعيم ملهم كانت صورة السيسى ومواقفه وأفكاره نموذجاً له، ومع أعمال لجنة الخمسين لوضع الدستور بدأ الناس مع تعلقهم بالسيسى يعيدون إكتشاف عمرو موسى وقدراته وطاقته وشبابه، لقد أثبت ذلك الثعلب العجوز أنه لايزال شاباً قادراً على المبادرة والفعل والتخطيط والتدبير والحسم، وسادت فى أرجاء الوطن قناعة مستقرة فى ضميرنا الجمعى، أن الرجلين: السيسى وموسى لاغنى عنهما لتحقيق طموحات الوطن وأهداف ثورتيه ووضع مصر على طريق المستقبل. وأدهشنى ذلك الوعى الجمعى الذى اختار السيسى ليكون رئيساً ومعه عمرو موسى رئيساً للوزراء.
لقد كان من المفترض بعد تجربة شعب لثورتين فى خلال أقل من ثلاثة أعوام أن يتحول ارتباط الناس ورهانهم على السياسات والبرامج والمؤسسات، لا على الشخوص، فقد ولى عصر الأبطال والعالم كله يعيش عصر الجماهير والمؤسسات، لكن حكمة هذا الشعب وقراءته السياسية للمشهد العام رأت عكس ذلك، ومن واقع خبرتنا مع الشعب المصرى الذى قال عنه جمال عبد الناصر، إنه القائد والمعلم، أثبتت أن رؤيته أسبق وتصوراته أفضل وانحيازاته أصلح وقراءاته أعمق.
ولا تنسى أن الجماهير التى تعلقت ببطولة السيسى وأعادت إكتشاف عمرو موسى لاتزال تؤمن بقيمة العلم وقدراته على صنع واقع جديد لوطن يثور وينتفض ويتقدم. على الأقل هذا ماوصلنى من خلال التواصل التفاعلى مع القراء ومن مجمل الندوات العامة واللقاءات المباشرة مع الناس فى الشارع المصرى الذى لمست أنه فقد الثقة فى النخبة جراء انتهازيتها وأنانيتها وضعفها، وصبية السياسة ونزق أفكارهم وتسطح ممارساتهم، ووكلاء الخارج ومؤسساته ومؤامراتهم، فوضعوا كل رهانهم على الرجلين: الفريق السيسى والسيد عمرو موسى ليقودا معاً وطن تتناوشه الأحداث وتحاك له الأفاعيل من الخارج كما من مغامرى الداخل، ولقد سمعت بنفسى هذا فى لقاءات جامعية وشبابية وجماهيرية، يستنكر فيها المواطنون غباء القوى العظمى ومحاولاتها المكشوفة فى الإصرار على إدماج قوى الإرهاب فى صلب العملية السياسية فى بلادنا، بينما هم يحاربون كل من تحوم حوله هذه الشبهة فى بلادهم بكل قسوة.
أليس الغرب هو من رفض تولى "جرت هيدر" وحزبه اليمينى ذو الجذور النازية رئاسة حكومة النمسا فى التسعينيات رغم فوزه فى الانتخابات، أليست أمريكا هى التى حظرت منظمة وتشكيلات "الكوكس كلان" الإرهابية، وهى التى لاتزال تتجسس على قرابة مائة وعشرين مكالمة وبريد إليكترونى فى مصر وحدها، ناهيك عن التجسس على قادة العالم ودوله من أجل تأمين أمريكا ضد الإرهاب، وماذا فعلوا فى جوانتانامو، ولوس أنجلوس، وسياتل، ونيويورك ضد مظاهرات جمعيات مدنية رافضة لظلم العولمة ولم تكن مسلحة أو تمارس الإرهاب، وماذا فعل البوليس الأمريكى مع سيدة جنحت بها سيارتها لتصطدم بأسوار الكونجرس؟ فلم يترددوا بإمطارها بوابل من الرصاص الحى القاتل، ماذا فعلوا فى مظاهرات "وول ستريت" والعنف المفرط من قبل الشرطة الأمريكية، ثم لماذا يحاولون إدماج الإرهاب فى حياتنا السياسية؟ إذن هى محاولة لإستعادة الإخوان الإرهابيين وقوى الإسلام السياسى لمخططاتهم لإعادة رسم خرائط المنطقة، وتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى وجهت إليه مصر ضربة قاسمة فى 3 يوليو. وألحقتها بضربة موجعة بإنهاء أى احتمال لإعتماد الولايات المتحدة وحلفائها للإخوان الإرهابيين بديلاً لنظام الثورة بقرارها الجرئ الذى تأخر طويلاً باعتبار الإخوان تنظيم إرهابى. نحن أدرى بمصالح بلادنا، وعليهم أن يفهموا هذا، ولن نكف عن إعطائهم الدرس تلو الآخر حتى يتوقفوا عن دس أنوفهم فى شئوننا الداخلية.
ولقد تنبه الناس إلى أننا أمام مواجهة صعبة مع غرب منحاز غير برئ لايفتأ أن يفتى فى شأننا الداخلى وكأنه وصى علينا، ومازال صبية السياسة عندهم يعطوننا إرشادات كيف تكون خارطة المستقبل والديمقراطية والعمل السياسى العام فى بلادنا، ولن يقطع ألسنتهم إلا رئيس قوى يلتحم مع الجماهير ويحوز ثقتها وأيمانها بوطنيته، وسياسى مخضرم ذو قدرات خاصة لرجل دولة يعرف أولويات أجندة الحكومة التى عليها تحقيق حلم الناس فى وطن حداثى ديمقراطى محترم ومتقدم.
إنهما السيسى وعمرو موسى بما لهما من رصيد لدى الشعب المصرى وبما يحوزانه من احترام وتقدير فى دوائرنا العربية والإقليمية وما يستطيعانه من قيادة وطن نحو استقلال القرار وعدالة الحكم الرشيد، وهكذا أجابت الجماهير سؤال اللحظة: على من يكون الرهان؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل