الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (7)

وديع العبيدي

2013 / 12 / 30
الادب والفن


وديع العبيدي
احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (7)
ما الذي كان يمنع سعدي أن يكون فرنسيا أو انجليزيا أو أمريكيا أو سويديا أو ايطاليا أو اسبانيا أو يونانيا أو مندمجا في أية هوية وجواز سفر أجنبي، ويودع سحنته ولكنته ويستبدل ثياب قصيدته ودماءها وملامح وجهها بما يحرره من اجترار تبعات هوية مهزومة وثقافة لا تكف عن التراجع، وجماعة بشرية كتب التاريخ عليها أن لا يكون لها مكان فوق الأرض.
المنفيون
يحبون ملابسهم
ونباتات الزينة والقطط
****
المنفيون
يحبون اللغة الأخرى
وقطارات مواعيد الليل
/ قصيدة (المنفيون)

لماذا استمر سعدي يكتب باللغة العربية والهمّ العربي ستة عقود متصلة وهو المترجم وصاحب اللغات الأوربية المتعددة.. ألم يكن أجدر به الكتابة بلغة أخرى تكسبه من الشهرة والجاه والمال والجوائز الغربية شأن كثير من أدباء هنود وروس وجنوب أميركان وعرب.. أولئك الأقل منه شاعرية ومكنة لغوية كتبوا واخترقوا اللغات الأوربية، أدباء كثيرون من أميركا اللاتينية وأوربا الشرقية وشرق آسيا كتبوا باللغات الأسبانية والفرنسية والألمانية والانجليزية وحصلوا على مراكز متقدمة في الأدب العالمي، بينما سعدي يروّض ألفاظ هذه اللغة ومفاهيمها، ويحفر في لا وعيها الثقافي ليصنع منها لغة تحمل الهم العالمي.. لكي يعيد لهذه اللغة كرامتها التي أهدرها الاستجداء والاستخذاء والعولمة..

To Dostena Lavergn
If we went deep in the sea
At dawn
What we will loose but our heavy fetters?
Let us be along Aegean shores
Night
And day.
So to dip our fingers in the Greek wine
Night is free
We tasted it with our fingers.
I said: I love you!
You didn’t laugh.
You didn’t say: I love you.
*
Then, I believed that went so deep!
London 01.08.2011

مفارقة اللغة عند سعدي إشكالية ملغزة حقا.. وهو الشاعر الأممي الذي يمتدّ حبه وفكره وشعره عبر الحدود.. ولا يقف لدى لون أو لغة أو هوية قومية.. هل هو ينتظر أن يأتي إليه العالم وينقله إلى لغاته، كما نقل هو عن لغاته لبني جلدته؟. ألا تقدم الترجمات والأعمال المسرحية المأخوذة من شعره، حافزا لاختراق حاجز اللغة والموانع الثقافية، وهو يعيش داخل الحاضنة الأوربية؟.
المسألة الأخرى الي تستحق ادراجها في باب الاشكاليات، هي علاقته المبكرة بوالت ويتمان [1819- 1892م]، والمتمثلة بترجمة ديوانه شبه الوحيد (أوراق العشب) للعربية. فقد بقي الشعر الانجليزي أولا، والشعر الفرنسي ثانيا، مصدرا للشعر العربي الحديث، وسعدي هو أول من فتح الباب في وقت غير متأخر (1979) للتعرف إلى الشعر الأمريكي. ويتمان نفسه له وضع خاص في الشعر الأميركي والشعر الغربي عموما. وترجمته لا تخلو من مجازفة. وفي نفس الوقت، شعر ويتمان هو الشعر الوحيد الذي ينطبق عليه اصطلاح [Free Verse]. هذا الشعر الحرّ لم يتحقق عربيا في تجارب الرواد، واستخدامه لوصف تجاربهم يخلو من الدقة، بما فيه كتاب نازلك الملائكة [1923- 2007م] الأكاديمي في التنظير له. وربما تم تسويغ التساهل فيه على ذمة التعبير الانجليزي. كما أن لفظة (الحرية) قاصرة في اللغة العربية، عن تحقيق معناها –كما سلف القول لدى سعدي-. نازك الملائكة أضافت بحرا لبحور الشعر، والبحر العروضي قيد يغلّ لغة القصيدة، بدل اطلاق حريته.
لكن الملاحظة ان شعر سعدي يوسف ما يزال خاضعا للتفعيلة العروضية ولا يتنكر لايقاع موسيقاه.. ورغم تنوع شعره وانفتاحه شكلا ومضمونا، لم تتحرر لغة الشاعر من ذلك حتى في شعره "المدوّر" أو القصصي حسب تصنيفات النقاد. لقد نوّع كثيرا في موضوعاته وادخل موضوعات لم يكن في الشعر العربي أثر لها، وتفرد في كثير منها وانفرد، ولكن التفعيلة والايقاع بقيت تغلغل لغته الشعرية.
من الممكن القول ان ترجمته ويتمان لا شأن لها بالتأثر الشعري الذي يخلخل التجربة، أو ربما كان لويتمان أثر في انفتاح تجربة سعدي على الطبيعة والشجر والماء. وهو أمر متروك للدراسات. فسعدي المترجم نقل نصوصا أخرى –ربما في نفس الفترة- لريتسوس وكافافي وسواهم...[ تأثير يانيس ريتسوس في الشﱢ-;-عر العربيّ الحديث: سعدي يوسف نموذجًا- بقلم: مفلح الحويطات- مجلة جامعة النجاح للأبحاث والعلوم الانسانية/ مج 2011]
ان التجديد الأوسع في شعر سعدي هو في خانة الاسلوب وحجم وطبيعة الموضوعات والمواد الداخلة في القصيدة. ومرد ذلك كثرة اطلاع الشاعر وتثاقفه في الأدب العالمي، إلى جانب نزعته المنفتحة أدبيا على التجارب والحالات التي يتعرفها. فهو لا يكتفي بالنص، وانما يذهب ما وراء النص المتعلق بالحيثية التاريخية والفكرية، أو استغوار سيرة الشاعر. ففي تاريخ الأدب الغربي، يتعمق الباحث للظروف والعوامل الحاضنة للنص الشعري أو الروائي، وتفاصيل سيرة الشاعر خلال الكتابة وما قبلها. وهي أمور غير واردة في النقد العربي لعدم الاهتمام بفن السيرة الذاتية وفقر جانب التأليف التاريخي والاجتماعي، ناهيك عن احجام كثير من الشخصيات الاجتماعية والثقافية عن تدوين مذكراتهم وسيرهم، وافتقاد الصدق والصراحة والشفافية، إلى جانب عوامل الخجل والخوف ومزاعم التواضع.
وفي الأدب الغربي باحثون يتخصصون في تدوين سيرة الأديب وفق أسس منهجية اكادمية، والالمام بدراسة أدبه وجمع آثاره، مما يشكل مرجعا دراسيا حول الأديب ومرحلته التاريخية والسياسية. وهو قطاع ما زال غائبا عند العرب.
وهذا يقود إلى سؤال عن سبب افتقاد سيرة تفصيلية لحياة سعدي يوسف حتى الآن، رغم بلوغه الثمانين من العمر، وانعكاسات هذا النقص على دراسات شعره وفهم كثير من مواقفه وأفكاره وظروفه التي تبقى، في كنف الغموض، بدون توفر النص السيري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكينج والهضبة والقيصر أبرز نجوم الغناء.. 8 أسابيع من البهجة


.. بهذه الرقصة المميزة والأغنية المؤثرة... مسرح الزمن الجميل يس




.. المخرج عادل عوض يكشف كواليس زفاف ابنته جميلة عوض: اتفاجئت بع


.. غوغل تضيف اللغة الأمازيغية لخدمة الترجمة




.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي