الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم ومضامينه

ميلاد سليمان

2013 / 12 / 30
الطب , والعلوم


العلم ومضامينه


بين العلم والدين، كانت ولاتزال وستبقى، علاقة مستمرة لا تنفك، يظن البعض أنهما حليفان، يدعم أحدهما الآخر، ويقوي سُبله ويؤكد حججه، بل ويدافع عنه إن لزم الأمر. ويظن البعض أنهما عدوان لدودان، في صراعٍ مستمر. ويظن ثالث إنهما نسقان كل منهما قائم بذاته لا علاقة بينهما، ولو من بعيد.

الدين إطار مُجرد نسقي نظري، ولكن تظهر في طريقه تلك الادعاءات كمحاولة يائسة لكي يشمل العلم بشقيّه، النظري والعملي، والذي يبدو إنه يعمل بكفاءة، وفي قفزات تطورية، يريد البعض من أصحاب المعتقدات توظيفها وتحييدها لتخدم معتقداتهم. بينما العلم يحتوي على؛ جانب نظري صوري من المقدمات والفرضيات المبرهنة، أو التي يُسلم ببداهتها مؤقتًا للبرهنة، منها وبها، على غيرها في إطار معملي أغلبه، ليخرج لنا بقوانين ونظريات. وجانب عملي هو التجليات التكنولوجية الحداثية التطبيقية، التي تمس حياة الناس، وتؤثر في واقعهم بشكل مباشر.

العلم لا يهتم بالتدخل في الدين والروحيات، فهذه القضايا سواء في جانب النفي أو الإيجاب، تظل خارج سياقه بفرعيّه وشقيّه (النظري والعملي). ولكن هذا لا يعني إنه ليس مفيدًا في البحث في هذا الموضوع، ولكن بشكل نقدي تفكيكي؛ من خلال أن تُعرض عليه المنتجات الفكرية العقيدية الشرائعية، الخاصة بالأديان، سواء إبراهيمية أو غيرها، وأيً كان تصنيفها. ليُعمل فيها أدواته الدقيقة، ومناهجه المحكمة، ونظرياته الرصينة. العديد من القضايا والظواهر والطلاسم التي حيّرت الشعوب طوال التاريخ، فسرها العِلم وأوضح علاتها وأسبابها، وقد كانت قديمًا مِدعاة للإيمان بوجود قوى غيبية، عبدها الإنسان إتقاءًا لشرها، وطلبًا لخيرها وعطفها.

اعتقد أن العِلم والدين غير متناقضين، كلاهما له نقطة إنطلاق، ومقدمات ونتائج تختلف عن الآخر تمامًا، حتى الأدوات المستخدمة في كلاهما غير متشابهة بأي شكل. بالتالي نقطة الصدام -دائمًا- تنشأ من محاولة الدين إكتساب مصداقية على حساب العِلم بإعتبار أن العِلم يعيش عصره الذهبي من الاكتشافات، في ظل التفوق النظري والتطبيقي والتكنولوجي. بينما الدين يفشل رجاله في تطويره وبلورته وتأويله، بما يتناسب مع مستجدات الأمور، وروح العصر الحديث.

العِلم لا يحارب الدين، ولا يهدف للقضاء على الدين، العِلم لا يستطيع أن يخبرك أن الله موجود أو غير موجود، ولكن يمكن أن يُخبرك، أن كافة الظواهر التي تم ربطها بوجود وتدخل ومشيئة هذا الإله، لها تفسيرات علمية، يمكن بيانها، ولها قوانينها المتحكمة فيها، والموضحة لسيرها.

وعادًة، لو تم إثبات فشل ونسبية خطأ نظرية علمية ما، يلهث أتباع الأديان للشماتة، والإلتفاف للخلف، عائدين إلى حُضن الدين، الملاذ الآمن الهادئ المستقر الراكد، بل ويأكدون أن هذه الظاهرة حدثت بتدخل إلهي، وحتمًا سيكون إله دينهم وحدهم!!؟. بينما لو تم إثبات صحة أي نظرية، وحققت نجاحات متكررة، يحاولون لي عنق أي نص ليتفق مع هذا المُنجز. بيد أن العِلم من البداية، قدّم نفسه بإعتباره "تراكمي مرحلي غير يقيني"، بالتالي دحض نظرية أو استبعاد فرضية، لا يعني أن نقيضها هو الصواب، أو أنه في صالح الدين أو أي معتقد!!؟.

العِالم يدخل معمله، أو المكتب الخاص به، محمّل بإنسانيته فقط، وفي عقله إثراء وخير البشرية جمعاء، بغض النظر عن أي دين أو عرق أو جنس، من سيتوجه لهم بمنجَزه. دون أي مضماين تُثقل عقله وذهنه، يتوجه بشكل قسري لدحضها والتغلب عليها، في تنافسية صبيابية هو بالفعل تجاوزها من زمن بعيد. ومن مضحكات الأمور، ذلك الربط السطحي الغير مبرر، بين مشاهير قطاع معيّن، سواء علمي أو أدبي، وبين مرجعيتهم الفكرية والعقيدية، بل وتوجهاتهم الجنسية أيضًا!؟.. فتجد أحدهم يقدم لك فيديو أو مقال أو دراسة، أن هناك عظماء مثليين مثل دافنشي والإسكندر، رغم أن المثلية لم تؤدِ لإبداعهما سواء بزيادة أو نقصان!!؟. أو علماء مسلمين مثلا مثل الفارابي والرازي والخوارزمي، وكأن تقدمهم راجع لسرٍ في دينهم وتقواهم!؟. نفس الحال فيمن ينشرون هذه البيانات عن علماء ملحدين!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع


.. بعد تشخيص إصابته بالسرطان.. قصر باكنغهام: الملك تشارلز يعود




.. ازدحام شديد للحصول على مياه الشرب في مخيم للنازحين غرب دير ا


.. مش مصدقين التكنولوجيا هتودينا فين..خالد أبو بكر عن مشروعات ش




.. في تشيلي.. صحراء أتاكاما مكب نفايات للملابس العالمية!! • فرا