الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبحانه الثلج! مراثي (بهْنس) الباسفيكيِّة

أسامة الخوّاض
(Osama Elkhawad)

2013 / 12 / 31
الادب والفن


سبحانه الثلج! مراثي "بهنس" الباسفيكيّة

________________________________________________________________________

شبحٌ يتجوَّل في الساحل الباسفيكيِّ،

متّشحاً بكآبتهِ،

لابساً معْطفاً حائلاً بائساً،

شَعْرهُ راستا فاري،

يَبيْنُ و يخْفى،

و يعزف مقطوعةً لمفاتن "راحيلَ"،

يقرأ "معْطفَ" غوغولَ،

ثمّ يشكِّل بالضوءِ و الحرْفِ خبْزاً،

و بيتاً صغيراً،

و نظْرة عطْفٍ على واجهات المنازلِ،

*من أنتَ،

يا سيِّدي؟

- طينةٌ عُجنتْ من أنين الذين قضتْ عبقرياتهم تحت جلْد السياطِ،

*لماذا احتجبتَ سريعاً،

وروحكَ واعدةٌ بالأناقةِ؟

-لم يسألوا عن غيابي،

و لم يرسلوا-حين كان جنوني- يعْبر "طلْعت حربٍ"،

و لو قُبْةً في الهواءْ

لم أجدْ أحداً كي يمايلني من وراء الغيابِ،

و لم يكتبوا كلْمةً عن شرودي

لم أجدْ في بلادي- كسْرة خبْزٍ،

و ماءً،

و مأوى،

و كلْمة حُبٍّ،

فقلتُ،

مع القائلين "اهبطوا مصرَ"،

في رحْلة المتنبي الأخيرةِ،

عفْتُ البلادَ التي اغتصبتْ عاشقيها،

البلادَ التي عشقتْ غاصبيها من البدْوِ،

و الفقهاءِ،

و "أسيادها" الطائفيّينَ،
...............
................................

هم أودعوني غياهب نسيانهم،

و سلوني،

كأنَّ قميصي- قَدْ قُدَّ من قُبُلٍ،

و أحبّونني هامداً،

و أفاضوا المديح على جثّتي

فسبْحانه "الثلج"،

أحْيا عظام نصوصي| و هْي رميمْ

لا معزَّينَ لي

سوى "أصدقائي" الذين قد استُنْسِخُوا فجأةً في الأسافيرِ،

كلّتْ من الدمْع و النوْح عينايَ،

هذي المدينةُ،

قالوا،

كمالُ الجمال،

فيا نفْسُ،

في الليلِ،

في أوّل الهزْعِ،

فلْتسْكبي،

كمياهٍ،

دموعي قبالة وجْه المدينةِ،

أحْسنتُ بالعُشْب ظنّي،

لأنَّ مراحمهُ لا تزولُ،

اضطجعتُ على كَنَبات الميادينِ،

ظهْري تقرّح منها

فصرتُ لشعبي- أغنيةً لهم اليوم كلّهْ

"فباتوا يجرّون ضاف الدمقْسِ،

وبتُّ أجرْجر أسْماليهْ"

ولو كان لي عِلْم ما في غدٍ" (1)

لما جئتُ مصرَ،

تلطّختُ بالعارِ،

لم يسْتطبْ أحدٌ أنْ يمسَّ ثيابي،

و لم أشتكِ من قصاص خطايايَ،

أعطيتُ خدِّي لضاربهِ،

في الشوارع تهْتُ كأعمى

كان يمشي ورائي الذهولُ،

و سلُّ "التجانيْ" (2)

حين أصرخُ،

أو استغيثُ،

تُصدُّ صلاتي،

فرُحْتُ أغنِّي:

"مِصرُ يا أخت اكتئابي يا شقيّة
يا مَنافٍ،مرّة الطَعْمِ ،قميئةْ"

بينما نسْمةٌ من وراء المقابرِ تهْذي:

"رعي الله مِصْر فكم للأديب بها ثمّ من عيشةٍ راضيهْ" (3)
........................................
....................................
*و آخرُ دعْواكَ،

يا سيِّدي-شبحي -"بهنس" الباسفيكيّ؟

- آخرُ دعْوايَ،

يا صاحبي:

"لعن الله من جلبوا المطبعةْ

من ديار النصارى،

و من وزَّعوا كتب الشعرِ،

و السرْدِ،

و الفنِّ ،

و الفكْرِ،

و السّموطيقا ،

و عِلْم الجَمالْ


سامح الربُّ آباءنا في الكتابةِ،

و الفنِّ،

إذْ أنّهم أخْطاوا،

حين شقّوا دروب الخيالْ


فها نحن نحْمل آثامهم،

ثمّ نصْعدُ نحو الصليبِ،

نكفِّرُ عن مُوبقات الحداثةْ
_______________________________________________
29 ديسمبر 2013،مونتري-كاليفورنيا
_____________________________________________

*هامشان:

(1) و (3) من أشعار محمد سعيد العبّاسي.

(2) الشاعر التجاني يوسف بشير.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تكتب رؤانا يا أسامة ...
جابر حسين ( 2013 / 12 / 31 - 06:55 )
تماما ، مثلما قال شلي : - أغنياتنا العذبة تنطق بأكثر الأفكار تعاسة - ! كنت في مثل رؤاك التي أملت عليك قصيدتك الرائعة في شأن ضياع بهنس ومماته ، كنت أفكر لأكتب أن العصافير قد غدت مجرحة وتفر عن أشجار / والأغاني مرهقة / والأناشيد أزهقت روحها / تكاثر عليها المدائحيون ... ، لكنك ، الآن رائعنا ، قلت بما في رؤانا / وجعنا الذي غدا مناحات بعد وفاته ، قلتنا ! من أجمل ما قرأت عن حال بهنس وموته / حالنا ، بوركت أيها المبدع الكبير ، ضميرنا ووجه شعبنا ، كن بخير ووجهنا يا أسامة ، وإليك السلام ...

اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض