الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاء لذاكرة حبلى بداء -عمر-...*

الدير عبد الرزاق

2013 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ما كان الموت الأحادي الوجهة سيخطئ "عمر" الحلم قبل 38 سنة، فالعظماء ينجبهم الألم و تلفقهم المأساة، و يأتيهم خنجر الغدر من كل ظلام عميق في دروب النضال الطويل، و يحاصرهم وجع الصوت الإنساني الكامن في ذوات المظلومين في هذا الكون الصغير، فيتواضع الخوف في حضور فكرهم المٌعَبَر عنه صوتا أو كتابة أو حتى حضورا رمزيا في عالم موبوء، لن نستوقف الذاكرة من أجل أجوبة ميتافيزيقية: من؟ و متى؟ و كيف؟ و لكن سنفتح الذاكرة بكل جراحها و آلامها الأبية استحضارا لروح شهيد ليس ككل الشهداء، صاحب مبادئ و قناعات قادته لمثواه الأخير على نعش زمن أبى إلا أن يستمر بدون جسد "عمر"، و لكن استمرت روحه تبحث في أزقة حاضر عدمي رديء عن من يسمع صوته المبحوح لوطن يمتد من الإنسان المظلوم و المقهور إلى فضاءات أرحب تعبر عن الكينونة الإنسانية حيث لفعلêtre امتداد إنساني في ماهيته و أنساقه المغيبة قسرا عن الوجود الأنطولوجي لزمن منفتح يتشكل في وعي إنساني يستقي أسسه و مقوماته و جوهريته من الذات ، و لا مجال لفعلavoir حيث الآلة تسحق الآلة، و لا إنسان يحطم لا إنسان و الظلم سيد و العدل عبد، و الكل مستلب شيئا من لا شيء، و العلاقة الجدلية تطبخ للتاريخ وجبة من شواء أجساد طرية و شراب من دم مدام في عرس تنكر للمبادئ و القيم الإنسانية الثابتة، و سيزف إليها الوطن غصبا عنه يوم تكلم زرادشت.
في صمت مطبق رحل عن قريتنا الصغيرة الشهيد "عمر" تاركا وراءه فكرا سينضج يوما على نار أحلام الملايين المقهورين و التواقين إلى غد ليس كالأمس و لا اليوم، هو "عمر" المستقبل، أي أمة نحن؟ نغتال كل قمر أضاء ليالينا الحالكة، ندمر كل مناعتنا لأننا مرضى بداء "عمر"، أتدرون ما داء "عمر"؟؟؟ داء "عمر" هو الوجع الوجودي و الظمأ الأخلاقي و الوسواس الماهوي الإنساني، لم يستوعب وجود الظلم و القهر و الاستغلال في عالم يحيا داخله، رفع درجة النضال إلى ما لا نهاية ، فكان لا بد أن يدفع الثمن في زمن بطيء يمشي على الجراح، كانت لعمر حكايات و قصص مع الربيع، فكلما حل شهر مارس بعنفوانه إلا و مارس عليه النقيض، حيث صوت التهديد و الاغتيال يحاول إخراس مشروعه الإنساني و الاجتماعي و السياسي و الإعلامي و النقابي الذي وضع لبنته و هو يصارع الموت، آملا في أجيال ستنفض المأساة لتحطم أوثانا طالما هدمها بفأسه الصغير حتى انقضى جهده و أجله...
قبل 38 سنة و روح "عمر" تحاكمنا في أصوات الطبقة العاملة و الفقراء و المحرومين و دعاء كل من ضاقت بهم الدنيا و الأفاق و الأحداق، فهل يعرفون أن "عمر" مات من أجل أحلامهم؟ هو "عمر" الحلم و التجلي الإنساني بكينونته و ذاتيته فاعلا في التاريخ، لكن هناك من كانت تضايقهم هذه الأحلام و سعوا جاهدين لاستئصالها قبل أن تصبح واقعا يهدد وجودهم، فتواطأ الظلام على قتل الصباح فكان الضحية "عمر"، حيث له موعدا مع الغياب ينتظره خارج عالمنا الكئيب...
"عمر" ذاكرة محفوظة في سجلات الحضور في كل نسيم أحلامنا تأبى أن تفارق واقعنا البئيس، له معنا موعد كل يوم و ساعة و لحظة نذكره وفاء لذاكرة حبلى بداء "عمر".

* هو عمر بنجلون المحامي و السياسي و النقابي اليساري المغربي و العضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي المغربي، بمناسبة الذكرى 38 لاغتياله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع