الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- هولاند بن عبد العزيز-

سعيدي المولودي

2013 / 12 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


(هولاند بن عبد العزيز)
يبدو أن جانب هذا التاريخ العتي لا يؤتمن على الإطلاق ، فهو مجبول على التقلب، وفصوله تتوالى تباعا بين الصعود والهبوط والشدة واللين، ويرسم خطواته في كل مرة بشكل مخيف، ومن فتوحاته اليوم أن يجمع بين الأضداد ويؤالف بين ما لا يأتلف، وأن يصالح بين الماء والنار، ويرصف سطح الليل بالنهار، ويزرع الود في قش الأعداء لترعى الذئاب الأحمال في ريعانه، ويسرح النور في مهد الظلمات.إنه يعيد نفسه تحت قاعدة الشبيه، حيث يستوي الأبيض بالأسود، والعجمي بالعربي ولا تكون التقوى إلا زادا لدفع الثمن وشراء الذمم، واغتيال الأحلام اليانعة التي لاتدين بدين الهتافات البغيضة والأحقاد المدججة بالظلمات العتيدة وصفير النفط البهيج.
حقا إن العالم جميل، ولكنه يبدو مخيفا، وسخيفا وساقطا حين يرعاه الخونة، باعة الأوطان وخفافيش الظلام ولصوص الأنواء الذين يتداولون إمارات القهر والبطش والعهر الروحي، ويمرحون في معابره الشاردة. ومنذ فترة تبدو رقصة الرئيس الفرنسي "هولاند" – الاشتراكي بالقوة – مثيرة لغبار القرف والاشمئزاز، فقد ساق اختياراته نحو الهاوية ليستعيد تاريخ الاستعباد والزيف والعداءات الفورية وتراكمات ثقافة الانتداب والعادات الاستعمارية المقيتة، وشهوة الحروب المستديمة التي يتوكأ على عصاها ويهش بها على الأوضاع ليبني أمجاد فرنسا، ويكرس من جديد صورتها كسيدة لإفريقيا السوداء، و ما يلي البحار.
في طلقته الطائشة الأولى أطلق عنان جنده الغزاة في برية "مالي" ليغرق فجرها في الطين، ويغتصب صحراءها الغافية، ويلقي بها في سراديب من حروب لا يعرف فيها القاتل من القتيل، لينفخ الحياة في "السودان الفرنسي" ويلبس فرنسا أزياءها الجديدة من زبد الدماء الإفريقية البريئة.
وفي الطلقة الثانية يرمي بوسط إفريقيا في مهب القتل الصراح، ويستعجل خصب الدماء ليمتلك هوس الريادة، وشعار "فرنسا الملهمة" التي ينام سؤددها على رهبة الأفارقة الزنوج الذين سيرغمهم التاريخ على اعتبار أنفسهم جزءا طبيعيا من فرنسا الغازية.
ولا نعتقد أن "هولاند"، في كلا الوضعين، يحمل نوعا جديدا من التفكير أو مباديء إنسانية جديدة، بل يواصل بعنف سياسة فرنسا الاستعمارية التي اندحرت في القرن الماضي، ويسارع إلى خلق آليات جديدة للضغط العسكري والاقتصادي والثقافي، واللجوء إلى أقصى أساليب وأنواع العنف، من أجل ضمان ولاء المستعمرات القديمة.
وفي مشهد آخر لافت، يكشف التاريخ عن مهاراته البئيسة، إذ يجمع بين ثقافة "هولاند" المشبعة ،افتراضا، بقيم العقلانية والتنوير والاشتراكية والثورات.. وثقافة آل سعود المتخلفة التي تقتات من الظلام وتعتاش على القيم القبلية البدائية المتحجرة التي تدير ظهرها للعصر، وتركض بعيدا عنه. وهذا الالتقاء الهجين، في الواقع، ليس معزولا بل هو نتاج الوضع العالمي الجديد الذي ترسم ملامحه الدول الكبرى وتشيد معالمه بمعيار المصالح العليا والبحث عن مناطق النفوذ الاقتصادية والثقافية، واستنزاف موارد الشعوب وثرواتها وخيراتها العاجلة والآجلة، ولكنه يضع وعي فرنسا السياسي والتاريخي، تحت أقدام الصحراء العربية الجرداء، لتكون المستعمرات القديمة الرهان، ورغبة استعادة زمام المبادرة وحبالها.
إن مغريات هذا الوضع واضحة ومكشوفة تماما، فقد وافق "شن" هولاند "طبقة " آل سعود، ونضج لديهما الوعي بالمصير المشترك: موقف عدواني واحد تجاه إيران النووية وغير النووية، وتواطؤ على توزيع الأدوار في لبنان وتأجيج جبهات النعرات والولاء و دولة الطوائف، وموقف موحد من أجل دعم وتسليح الجهاديين الأوغاد المرتزقة العابرين للقارات في سوريا... ومن صلب هذا التوجه يغدو الحزب الاشتراكي الفرنسي سُنيا بامتياز، ووهابيا بأقصى الوضوح الممكن، ويهدي هذا التاريخ الأعمى قبيلة آل سعود أميرا وابنا بارا لم تلده أمهم، هو:" هولاند بن عبد العزيز".
سعيدي المولودي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خداع
شاهين ( 2014 / 1 / 1 - 11:12 )
العالم لا يعرف الاخلاق ولا المبادئ الحسنة وخاصة الاقوياء منهم والدين يدعون الديمقراطية

اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس