الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الوطنية مشروع لمكافئة النظام

خالد صبيح

2002 / 11 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم يؤثر الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب العراقي منذ بدئه عام 1991 على النظام الحاكم الا بشكل محدود جدا بينما انعكست اثاره  بصورة مضاعفة على الفئات المسحوقة من الشعب العراقي تسندها اجرءات النظام القمعية ضد المواطنين من اجل تكريس سلطته وانتقاما من ابناء الشعب الدي قال كلمته ورايه في هذا النظام مرة واحدة والى الابد في انتفاضة اذار عام 1991. لكن بعد التبدل الملحوظ في توجهات السياسة الاميركية تجاه المنطقة عموما والعراق بشكل خاص، وبدافع من مطامح الهيمنة ونزوع السيطرة الكلية والمنفردة على العالم واعلانها العزم على اسقاط النظام العراقي، ضاق الميدان  على هذا النظام ولم يعد يتسع  بشكل كاف لمناوراته. وبديهي ان النظام العراقي، وبدافع من نزوعه المريض والهستيري للاحتفاظ بالحكم، وان كان على حساب مصير الوطن وابناء الشعب، يندفع في محاولة لان يستخدم كل الوسائل لاجل ان يبطل مسندات السياسة الاميركية لاسقاطه، فقبل اولا عودة المفتشين صاغرا وهاهو يحاول في ذات السياق ان يقترب من ملف حقوق الانسان والتغيير في الحياة السياسية والتحول الديمقراطي، المتضمنة في قرار الامم المتحدة 688،لانه من الملفات التي حاولت الادارة الاميركية التعكز عليه بعد ان كان معطلا ومنسيا طيلة السنوات الماضية منذ صدوره.
 ولان من طبائع الامور التحول والحراك التدريجي، فان النظام يحاول ان يقدم  صيغة المصالحة الوطنية كاجراء تمهيدي بزعم التوجه للتغيير في بنية السلطة تمهيدا للتحول (الدستوري) الملائم. وكارضية مناسبة لهذا التحول فان النظام بدا في التقرب من طروحات بعض المعارضة الوطنية- والتي يحرك بعض من قواها وعناصرها(ساسة ومثقفون)  مسؤوليةالحرص على الوطن- المرتبطة في فكرة المصالحة الوطنية كجهد سياسي لانقاذ الوطن من الكارثة المحدقة،  الحال الذي يفترض بالضرورة المنطقية نوع من التنازلات المتبادلة. لكن بوابة الحل الحقيقي هي استقالة النظام وتسليمه ادارة البلاد للمعارضة دون اية شروط، وهي خطوة مستحيلة  يعجز هذا النظام تلقائيا عن ادائها  بسبب من تركيبته والطبيعة الشخصية والاجتماعية والى حد ما السياسية لرؤوسه، باعتبارها خطوة انتحارية لافراد لاييطيقون ان يروا انفسهم خارج اطار القوة والبطش، ولاتنسجم كذلك مع التهويمات المريضة واحساس العظمة الفارغ والزائف الذي يغلف عقول رؤوسه. في هذا الخضم يسعى النظام، لانقاذ نفسه بغير اكتراث بالوطن، لتلقف وتبني فكرة المصالحة الوطنية محاولا استغلال حرص بعض اطراف المعارضة على مصالح الوطن وسيادته وكيانيته، كمدخل اكثر ملائمة لتخلصه من مازقه الذي تزجه به كل الظروف المحيطة به مجتمعة. وهكذا بدات بعض التلميحات والطروحات هنا وهناك للمصالحة، وبمستويات مختلفة، على خلفية الانقاذ للوطن . لكن هذه التوجهات في المعارضة تبدو وكانها تلغي خبرة التاريخ ومراكمة المعرفه في وعي الواقع من خلال تغاضيها عن التحليل لجوهر بنية هذا النظام بالاستدلال من خلال طروحاته الايدلوجية والسياسية وقبل هذا وذاك من كامل ممارساته السياسية واشكال ادارته للحكم، للكشف عن دوافعه وتطلعاته وبالتالي الخروج باستنتاجات واحكام سليمة حول اهلية هذا النظام ودوره في اي مشروع وطني او للعب اي دور في قضايا الوطن وقضايا الديمقراطية. ولان منهج التجريب الاعتباطي في التجربة والخطا استنفد امكاناته تماما في التعامل مع هذا النظام، فمن غير المعقول ماان يعلن هذا النظام، حين يختنق بازماته،استعداده لقبول الحوار والقبول بدور للمعارضة- سيكون بالتاكيد ولذات الاسباب هامشي وتجميلي  لوجه النظام- تتهافت بعض الاطراف والاشخاص في القبول، بحجة انقاذ الوطن متغاضين عن ان النظام هو المهدد الاول والحقيقي لهذا الوطن، الذي هو ليس بالدرجة الاولى الارض والكيان والحضور المعنوي في الوجدان، بل هو بالضبط الانسان الذي فيه. ودور وموقف وتعامل النظام مع هذا الانسان اكثر من معروف وسيكون الحديث فيه مرهقا ومؤلما. من هذا السياق فان موضوع المصالحة الوطنية غير مجدي وهو طريق يطرقه النظام لفك عزلته ولتعديل موقفه  ليعاود لعبة احتكار السلطة واعدام الحياة السياسية  وكل شيء حي في المجتمع، النهج الذي بدأه النظام ولم ينته منه بعد، حيث يبدو وكانه مرتبط  ارتباطاعضويا بمشروعه القائم على التحكم المطلق في المجتمع على خلفية هوس رئيسه وجنونه الايدلوجي في  دور< يتلبس التاريخ ويعانقه>.
ولكي لاتبدو الامور محصورة في زاوية ضيقة فان اعادة تاهيل المعارضة امر تفرضه الضرورات الموضوعية وعلى مستويات بنيوية شاملة، لكن قوى المعارضة على كل مافيها من تقعرات فان بعضها قابل للحياة وللتجديد ولاعادة التاهيل.  لكن النظام ومن راسه، بكل هلوساته عن الدور التاريخي لعظمته في قيادة (نهضة) العراق والامة العربية، وحتى اصغر عضو في الحزب الحاكم او مؤسسات الحكم بكل تكويناتهم ومآلاتهم، حتى الذين اقتنصوا الفرصة ولبسوا لبوس المعارضة وجلباب الوطنية والديمقراطية مؤخرا، هم غير مؤهلين للعب اي دور في اي تحول اجتماعي وسياسي ولاسباب ثاوية بالضبط في بنيتهم الايدلوجية وخلفياتهم الفكرية وبناهم النفسية التي بناها وغذاها امتلاكهم واحتكارهم وممارساتهم الهوجاء للسلطة.، والتي جعلتهم يمتلكون تصورا مشوها وزائفا عن انفسهم وعن الواقع يلامس الحالة المرضية المستعصية، الامر الذي جعلهم يرون انفسهم فوق المجتمع واعلى من ارادته بل هم الارادة الوحيدة والكيان الحقيقي والوحيد الذي يحق له الوجود..
في ظل هكذا صورة لايمكن لهذا النظام ان يمتلك اي قدرة على التحول ولعب دور في عملية التغيير. وتبدو فكرة ان يكون هذا النظام،كما يدعو لذلك الدكتور<سعد الرفيعي > وبشخص رئيسه، النرجسي المهووس المشحون بخرافة العملقة، كحام للدستور وضامنا للتحولات، اكثر من مضحكة!. فهذه الشخصية بالذات، المترهلة بالعقد، هي التي انتهكت وبشكل فظ، كل القيم وكل شكل من اشكال وجود الدولة والكيان الاجتماعي  وليس الدستور، <المخفي في جوف الحمار> فقط، والذي تحولت فقراته الى اختزالا  كاركاتيريا سمجا للارادة المريضة< للقائد الضرورة> وصار شكله ومضمونه المائع لايتضمن سوى سلسلة طويلة من العقوبات لقهر الارادة والاستعباد  ولفرض الطاعة على المواطنين للارادة العليا <للقائد>.
 لاتتطلب هذه الدعوات النقاش  حول تفاصيل  طروحاتها لانها اصلا غير قابلة للحياة من حيث الجوهر، لذا لااعتقد ان لعبة <حيلة> المصالحة ستنطلي على قوى المعارضة بتيارها الوطني لاسيما في هذه الظروف المشحونة بالاحتمالات..
تبدو هذه المحاولات من قبل اطراف المعارضة وكانها مكافئة وتكريم للنظام على جرائمه من خلال القبول بفكرة التصالح معه!
وكخاتمة اتوجه بسؤال بسيط لاصحاب هذه الدعوات: اين سيكون مكان ومصير المجرمين الكبار بحق الشعب من امثال< كيمياوي> وسلسلة طويلة من امثاله يعف القلم عن خط اسمائهم،هذا اذا استثنينا راس النظام وابنائه والحثالة المحيطة بهم؟.

السويد
16-11-2002 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله