الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار يتجاهل موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان العراقي

عزيز الحاج

2002 / 11 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 
إيلاف: الجمعة 15 نوفمبر 2002 17:14

يتفق معظم المعلقين على كون القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن يضع النظام العراقي في قفص محكم ويفنح طريق استبداله القريب حربا أو سلما. صحيح أن إمكانية المناورة لا تزال مفتوحا أمام النظام [ربما بتواطؤ روسي]، ولكنها اليوم أضيق من أي وقت مضى.
ولا شك في أن موضوع أسلحة الدمار الشاملة [التي يواصل النظام تكثيف جهوده وموارده لتعزيزها باستمرار] تهم قضية الأمن الدولي كله وجيران العراق، وأن نزعها الكامل والحقيقي من النظام يعني تجريده من أهم مقومات قدراته وخطر ابتزازه وتهديداته، إلا أن هذه القضية لا تبرر أمام قطاعات غربية واسعة هدف إزاحة النظام بعمل عسكري خارجي. وإذا كانت الأكثرية العظمى من الشعب العراقي وقواه السياسية تستهدف إسقاط النظام باعتباره العدو المباشر والحقيقي للشعب وحريته ولسيادة العراق، فإن قرار مجلس الأمن قد تجاهل الشعب العراقي ومعاناته . فالقرار 1441 قد أسقط من القضية العراقية موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق والذي كان محور القرار رقم 688 الصادر مباشرة بعد القرار687 في نيسان 1991 . صحيح أنه قرار لم يصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وذلك خلافا لجميع القرارات الأخرى حول العراق، غير أنه كان يجب أن يظل محورا رئيسيا في الجهود الإعلامية والسياسية للمعارضة العراقية واتصالاتها الدولية لجعل القضية ساخنة دوما. فقضية طبيعة النظام وما ارتكبه ولا يزال من انتهاكات واسعة وحملات إبادة وتطهير عرقي يمكن أن تحرك القطاعات الشعبية الغربية التي تضللها الشعارات المعادية لأمريكا، والأفكار الخاطئة عن سيادة الدول وحيث يتماهى البلد في نظامه وحكامه. ولو كان موضوع العراق أمام مجلس الأمن يشمل موضوعي التسلح والطغيان الدموي وجرائم الحرب ، لأمكن محاصرة النظام تماما وفي الحال . وكانت الفرصة أمام المعارضة العراقية أكثر سنوحا بعد أن ألقى بوش سلسلة خطب ركزت على موضوع المعاناة العراقية تحت القمع والرعب. وبالطبع فلأمريكا حساباتها وكذلك الأمر بالنسبة للدول الكبرى الأخرى. غير أنه كان من واجب المعارضة أن تستغل لأقصى الحدود كل مناسبة وفرصة لتوعية الرأي العام الغربي بتفاصيل الجحيم والحصار الداخليين في العراق وتعبئة اكثر الموارد المالية والإمكانيات الإعلامية لمخاطبة الرأي العام وصناع القرار في الغرب. ولدي شخصيا حدس، [ مجرد حدس وشعور ]، بكون الخارجية الأمريكية قد لعبت دورا سلبيا في تمييع هذا الموضوع الذي كان بوش من أكثر المسؤولين الأمريكان إثارة له في خطبه وتصريحاته قبل أسابيع. ولو كان الموضوع جزءا من قرار مجلس الأمن لكانت المعارضة العراقية في وضع أقوى لتلعب دورها الفعال في عملية تغيير النظام في حالة قيام عمل عسكري دولي لإزاحة النظام العراقي، ولكان مستقبل العراق أكثر وضوحا مما هو عليه الآن. ولكن صفوف المعارضة العراقية منشغلة في انقساماتها ما بين معارضين بقوة للحوار مع أمريكا [ سيدة الموضوع العراقي على الساحة الدولية]وبين القوى السياسية التي ترى أن المصلحة الوطنية تقتضي انتهاز الفرصة لتحقيق هدف الشعب الذي لا يمكن تحقيقه بقواه الخاصة في هذه المرحلة. وجرت وتجري حملة إصدار بيانات وتنظيم ندوات تحت شعار" الخطر الأمريكي" أولا، وبطريقة يبدو معها خطر النظام جانبيا!؟ [ ربما ليس هذا في النوايا ولكن العبرة في الموقف لا في حسن النية !]. كما أن في صفوف المعارضة هذه الأيام مشاكسات ومبارزات وتحركات ومناورات حول موضوع المؤتمر القادم للمعارضة وكأنما أصبحت " الكعكة " جاهزة للقضم والتوزيع !! والواقع أن أي مؤتمر مجد وإيجابي للمعارضة يشترط فيه حسن تمثيل القوى والأطياف العراقية وصواب القرارات التي ستتخذ وليس كثرة عدد قد تحول المؤتمر إلى مهرجان خطابي . ومع أي مهرجان خطابي فلابد من مستلزماته من قرع طبول ودق الصنج ورفع الرايات وقراءة أناشيد النصر. أعتقد أن المعارضة العراقية تبرهن على كونها أقل شعورا بالمسؤولية من أطراف المعارضة الأفغانية سابقا. ورغم أن القضية الأفغانية لم تنته بعد، فإن القوى المعارضة لنظام طالبان استطاعت التجمع والاتفاق قبل التحرك لإسقاطه ـ علما بأنها كانت تتحارب بالسلاح قبل الاتفاق. وهذا الوضع المؤسف للمعارضة العراقية هو الذي يجعلها هدفا مستمرا لاستخفاف أوساط فاعلة في الإدارة الأمريكية ذاتها، وهو الذي يغري بعض الخبراء الأمريكان المتطرفين بإثارة خيار حاكم عسكري أمريكي للعراق بعد سقوط نظامه، وهو الخيار المدان عراقيا والذي لا يبدو أن الإدارة الأمريكية تفضله على الخيارات الأخرى التي تحسب حسابا لقوى الشعب العراقي نفسه. وقد كتب أمير طاهري مؤخرا مقالا ذكيا عن تباين الحالة العراقية عن حالتي اليابان وألمانيا بعد سقوط الفاشية والنازية وتشابه حالتنا مع الحالة الإيطالية من حيث أنه كانت في إيطاليا مقاومة شعبية ضد نظام موسوليني وقوى سياسية ذات شعبية واسعة. وهذه أيضا كانت حالة فرنسا حين تحريرها من نظام فيشي والجيوش الهتلرية.
إن القوى السياسية العراقية الساعية حقا لقيام نظام ديمقراطي نيابي تعددي [ مع فيدرالية في كردستان ] على أنقاض النظام الشمولي، لابد أن ترتفع جميعا لمستوى دقة الوضع ومتطلباته من مرونة في التعامل وحرص على الاتفاق، وذلك قبل أن تجرفها الأحداث!؟

خاص بأصداء

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟