الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهل الكف

برهان المفتي

2014 / 1 / 2
الادب والفن


ترقى في مهنته سريعاً، فمنذ طفولته يملك كفاً عريضة، ومهنته لا تتطلب – في شروط ممارستها – غير كف عريضة، وشيئاً من جرأة مواجهة حشود من الناس.
كان ضمن جوقة غنائية، وكان عليه التصفيق لإعلاء حماس الحشود. ومن مواهبه، أنه يستطيع التصفيق مع الألحان كلها مهما كانت صعبة، وبمختلف النغمات. ولم تمضِ غير فترة قصيرة إلا وكان هو صاحب جوقة من المصفقين، إلا أنه أضاف شروطاً جديدة لمَن يرغب الإنتماء إلى جوقته، ومن ضمنها، أن يكون الراغب صاحب كرش مكور، ولم يصرح سبب هذا الشرط إلا في فترة لاحقة.
ولأن هذه المهنة مربحة – بعد أن كثر الذين يطربون لصوت التصفيق – فقد تدافع الناس لتسجيل أسمائهم كراغبين في ممارستها. وكان عليهم أن ينفخوا بطونهم في يوم التقديم لكي تبدو ككروش مكورة، وكانت خدعة بارعة.
الناس يتدافعون، ولم يبقَ بيت لم يبعث بمَن يمثله في هذه الجوقة. وكنت تسمع حينما يلقي - الخطيب الأكبر – كلمة دوياً يهز الأركان جميعها من كثر المشاركين في التصفيق، حتى أن في فترة لاحقة، كان صاحب الكلمة لا يذكر من خطابه غير البدايات ليبدأ دوي التصفيق الذي لا ينقطع صداه حتى بعد انتهاء الكلمة.
حتى الأمهات، أصبحن ينجبن – بطريقة لم نعرف سرها – أطفالاً تغطي أكفهم أجسامهم الصغيرة، وذات كروش مكورة. وكان منظرهم كأنهم كرات متحركة على عتلات هي أكفهم.
وبعد أن كسب الناس كلهم لهذه المهنة، ألقى كبير الجوقة وصاحبها عليهم كلمة عن تأثير صوت الطبل في النفوس، ولكي يبرهن للمستمعين صدق أقواله، أمر الجوقة المختارة أن يصطفوا بقربه، وأن يضربوا بأكفهم على كروشهم بنغمات مختارة بدهاء، وكان صوتاً رقص الجميع على إيقاعه، ولم يتوقفوا إلا عندما تمزق كرش أحد أعضاء الجوقة من كثر الضرب بحماس.
صارت تلك القرية تُعرف من بُعد أميال بسبب دوي مصفقيها وطباليها. واستمرت الحال كتلك زمناً منسياً، حتى جاءهم شخص غريب من خارج قريتهم. كان شكله غريباً والأغرب كفَاه، إذ كان يغطيهما قفازان سميكان كعازلين أو كانا كذلك، وكان سبباً كي يجتمع الناس حوله. وفي استراحة الجوقة وكبيرها، أخبر الحشود المتجمهرة حوله ما فائدة القفازين، وأن القفاز يساعد من يلبسه على فهم حقيقة الكلام!! ونامت القرية في تلك الليلة لتستيقظ على نهار لم يلحقه نهار.
فكعادته اليومية.. اقترب كبير الجوقة ليقف خلف الخطيب الأكبر، وفي لحظة التصفيق لم يسمع شيئاً. كان أفراد الجوقة كلهم بقفازات عازلة، وفقدت الأكف مهمتها ولم تطلق أي صوت، وبان صوت الخطيب نشازاً.. فحاول كبير الجوقة وصاحبها إسعاف الموقف، فضرب بكفيه على بطنه بقوة.. أطلق صوتاً عالياً.. إلا أن الناس قد تدافعوا إليه لأنه أربك سكونهم.. وعندما وقفوا عند الخطيب الأكبر وصاحب الجوقة.. فتحوا بطونهم بأكفهم القوية.. وكان طوفاناً أغرق الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا