الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كسبنا البزّاز وكسبتم القاعدة

سليم سوزه

2014 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة مقتضبة وصلتني على صفحتي في الفيسبوك، يقول لي صاحبها شامتاً "لقد انتصر عليكم المالكي بذكائه فكسب قناة الشرقية وبزّازها وانتم كسبتم القاعدة والخراب في محافظاتكم". يظنني سنّيّ المذهب، ربما لأني ادافع عن المعتصمين السلميين واهاجم سياسات المالكي واداءه. لست اعبأ لما قال ولا يهمني ان انتقل البزاز من معسكر "المعارضة" الى معسكر "السلطة" في الاحداث الانبارية الاخيرة. ما يهمني فعلاً هي الطريقة التي يفكّر بها بعضنا. خنادق تتمترس فيها جماعة لمواجهة اخرى. كلهم عراقيون جَمَعَهم القدر في دولة واحدة وفرّقَهم السياسي الى جماعات.

قد يكون هناك انشطار افقي طبقي في الدولة الحديثة سببه الاقتصاد، او بالاحرى انشطارات تقسّم بنية المجتمع الى طبقات عدة، غنية وفقيرة ومتوسطة ومعدمة، هذا امر منطقي ومفهوم في الدولة الوطنية الواحدة.
انشطارنا نحن في العراق انشطار عمودي قسّم البلد الى طوائف وقوميات. هو التهديد الاخطرالذي يواجه اي دولة وطنية، فقد علّمتنا تجارب الامم السابقة إنّ انشطاراً كهذا ينتهي بالتقسيم لا محالة، وهآنحنذا نعيش التقسيم الاجتماعي في عقولنا بانتظار لحظة تقسيم التراب. كيف لا وسياسة الخنادق تحتل ادمغة عوامنا قبل سياسيينا. "لنا البزاز ولكم القاعدة"! تلك لعمري قسمة ضيزى فلا البزاز ولا القاعدة نصرٌ مقابل جزء الوطن المفقود. كلاهما اقل من ان يساوم عليهم احدنا وطنه.

علينا ان نعي جيداً بأن مفهوم الدولة اوسع من الطائفة واكبر من القومية. هي وعاء تنصهر فيه الهويات الفرعية كلها، لكننا في العراق نعاني انصهار الدولة في الهوية الفرعية. نحن نؤسس لدولة "الطائفة" بدلاً من دولة "الوطن". كلنا نريدها دولة واحدة لكننا نفضّلها مرتدية عقال طائفتنا نحن لا طائفة الآخر.

امامنا خياران لا ثالث لهما. اما المضي في خيار دولة الطائفة او الانقلاب عليها لصالح دولة الوطن. وطن بلا قومية او طائفة او انتماء سوى الانتماء الى دستوره وقانونه. لا اعني الغاء الطوائف او القوميات فليس ثمّة عاقل يقول بهذا سيما وانا لست الذي يقررها وينشؤها بل اعني حصر الطائفة والقومية في حدودها الشخصية وابعادها عن حكم البلاد.
الخيار الاول هو خيار اللاستقرار الى حين انتصار الاقوى ورسم هوية الدولة وفق ارادة المنتصر. ربما ينتهي بالتقسيم قبل ذلك. اما الخيار الثاني خيار لا يتم الّا بالحكم المدني. حكم سياسي مدني علماني يستوعب كل الطوائف والقوميات والاديان ويبعد الدين عن دفة السياسة.
الدين الذي اختلف في تأويله الاوّلون وحاربوا بعضهم بعضاً على متشابهاته ومحكماته. فكيف لنا نحن الآخرون ان نحكم به؟

حتى يرتفع منسوب الوعي لدينا جميعاً، وحتى يتقبّل كل ابناء شعبنا فكرة الانتقال المقدّس من دولة "الطائفة" الى دولة "الوطن"، سيبقى البزّاز والقاعدة شعارنا الاوحد، نتسلّى بهما في الحروب ونتبادل التهاني بتبادل ادوارهما ومراكزهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة