الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا التاريخ والحاضر

جورج حزبون

2014 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا

حركة النهضة القومية العربية المعاصرة ، جاءت اثناء الحكم العثماني وردا على عمليات التتريك ، و مواجهة لتعسف حركة تركيا الفتاة تجاه العرب ، وتجهيلهم بالامية المستشرية والفقر المقع وتجنيدهم مادة لحروبها، و هذا الحراك أخذ تفاعله في بلاد الشام او سوريا ، و التي تعرضت فيه طلائعها الوطنية لنصب المشانق لثوارها في الساحات العامة .
وبعد الحرب العالمية الاولى ، و نتيجة لاتفاق الحسين بن علي مع البريطانين ، تحرك فيصل الاول و دخل دمشق في أكتوبر عام 1918 ، و هو لم يكن يعلم باتفاقية سايس بيكو ، مع ان البلاشفة بعد ثورة عام 1917 بقيادة ( لينين ) فضحت الاتفاقية ، لكن القيادات العربية رفضت تصديق ذلك و التشكيك في حليفتها بريطانيا ، و بالنتيجة طرد فيصل من دمشق بتواطئ بريطانيا بواسطة القوات الفرنسية التي قادها الجنرال ( غورو ) بتاريخ 25 تموز 1920 0
و كان واضحا امام حلفاء الحرب ان تمزيق سوريا ، هدف مهم لتمزيق نفوذ حركة الثورة العروبية ، حتى لا تقام دولة سوريا الكبرى، الذي كان شعار قومي عبر وحدة العراق و الشام ، و لقد برزت بعض القوى و الأحزاب تطالب بدولة الهلال الخصيب لضم ما ذكر ، و القوميون السوريون طالبوا أيضاً بضم قبرص للدولة العربية العتيدة 0
و حسب اتفاق الحلفاء ، أقام البريطانيون في العراق و الخليج ، و الفرنسيون في سوريا ، و التي كانت بها دولتي حلب و دمشق اللتان اتحدتا في دولة سوريا عام 1924 ، على طريق توحيد سوريا و بلاد الشام لتكون عاصمتها دمشق .
و تساوقا مع أهداف الحرب و مضامينها ، أعطت فرنسا سنجق الاسكندورون ليضم الى تركيا ، كما قامت بريطانيا باقتطاع اجزاء اخرى من سوريا الجنوبية و الشمالية لإقامة إمارة شرق الأردن و إرضاء الامير عبدالله الذي كان قادما لنجدة أخيه فيصل في دمشق ، و قامت بريطانيا بتتويج فيصل على العراق ، و بتاريخ 15 نيسان 1964 انسحب اخر جندي فرنسي في سوريا .
و بالنتيجة أصبحت سوريا مقسمة و ضعيفة ، و العراق تحت حكم فيصل يشرف عليه نوري السعيد رجل بريطانيا و الضابط التركي السابق ، و فلسطين تصارع من اجل البقاء في ظل تواطئ الحلفاء مع الهجرة الصهيونية و تسليح تلك العصابات التي امتلكت من التدريب و السلاح ما يؤهله كما تبين لاحقا لمحاربة جيوش المنطقة ، و قد شاركت القوات السورية بحرب 1948 و هي ضعيفة منهكة غير مؤهلة ، الا ان حضورها الوطني العروبي و القومي ظل متقداً ، مما عرضها لمخاطر من نوع جديد ، شاركت به أميركا و السعودية ، و ان بدأ عبر شركات النفط الا ان انقلاب حسني الزعيم جاء بطعم أميركي ، ثم جاء انقلاب 13 أب 1949 بقيادة سامي الحناوي ، و بعده جاء انقلاب أديب الشيشكلي في 19 ديسمبر 1949 ، و هو نفسه قاد انقلاب اخر على حكومة هاشم الأتاسي ، رافضا لمشروع الفيدرالية مع العراق و ذلك في 13 أب 1949 و بدعم من المملكة السعودية المعادية لتلك الوحدة ، ثم جاء انقلاب الجنرال فيصل الأتاسي في 25 فبراير 1945 ليعيد الى السلطة و رئاسة الجمهورية هاشم الأتاسي .
و جاءت الى السلطة بالانتخابات دولة شكري القوتلي التي وقعت اتفاقية الوحدة مع مصر عبد الناصر، في محاولة لإنقاذ سوريا من أزمتها و ما يتهددها من كافة الاتجاهات ، و التمادي العدواني الاسرائيلي و التدخل السعودي و المماحكات التركية ، و مرة اخرى و بدعم سعودي قاد عبد الكريم النحلاوي في 28 ايلول 1961 الانقلاب على الوحدة، و حدث الانفصال و تم تنصيب مأمون الكزبري رئيس الشركة الخماسية و هي اكبر شركة للنسيج في سوريا و معروف بعلاقاته مع أميركا و السعودية ، و في 8 آذار 1963 قاد أمين حافظ انقلابا لصالح البعثيين، ثم جرى انقلاب عام 1966 بقيادة صلاح جديد ، و اخيراً قام حافظ الأسد بانقلاب داخلي لتصفية الجناح اليساري للبعث و دعى ذلك الانقلاب بالحركة التصحيحية 0
حتى لا تكون القرأة تقليدية ، فقد تم تجنب الدور الاسرائيلي و عدوانيته على سوريا و محاولاته المستمرة لضربها و تمزيقها و إضعافها ، اضافة الى المصلحة الأميركية في تدمير سوريا باستمرار ، الا ان مشاهدة التدخلات العدوانية من كافة الاتجاهات على هذا البلد ، تعطي صورة عن ان الامر لا يتعلق أبدا بالأشخاص و اسماء الحكام ، بل ان المطلوب ابتدأء هو تمزيق سوريا باعتبارها عنوانا عروبيا قوميا ، او انها قاعدة مركزية لكيان عربي قوي، سواء تحقق الأمس او لم يتحقق اليوم، الا انه يسير في نهاية الامر الى هذه الغابة بحكم طبائع الأمور و حتمية التاريخ 0
فمنذ الحرب الاولى و توجهاتها الإمبريالية ، وجدت في تلك البقعة الجغرافية خطرا على مشروعها للهيمنة على المنطقة ، و قسمتها من لبنان الى الاسكندرون الى الأردن ثم أقاموا اسرائيل ، و ترك الفلسطينيون حيث لا يزالوا يصارعون ، و بالنظر الى خريطة الانقلابات المتتالية في سوريا ، و حضور السعودية فيها مبكرا ، يظهر مدى و طبيعة هذا الدور المتأصل بالعدوانية على الفكر القومي العروبي ، و مدى تهديد هذا الفكر ذا النزعة السلفية الوهابية الحنبلية السعودية ، فقد مارس الوهابيون حقدهم منذ الثلاثينيات من القرن الماضي على الشام و أهله ، و لاحظ الأميركيون ذلك فالتقت المصالح التي تمت بالاتفاق او الوفاق لتخدم اسرائيل .
ليس الهدف من القول الدفاع عن النظام السوري الراهن ، فهذه ليس الغاية ، لكنها يمكن ان تغني البصيرة عن هدف المتدخلين الخارجين، بالقيادة السعودية ،خاصة عندما نقرا عن حركة ( داعش ) الإرهابية و توائمها من القاعدة، الى هذا النسق من شذاذ الآفاق ، حيث اجهضوا حركة الثورة السورية الديمقراطية ،مما يشير الى ان أهدافهم تدمير البلاد بذلك الهدف الذي سعوا له تاريخيا ، و هنا يتضح مدى استخدام الاسلام السياسي لخدمة تدمير الاوطان كطريقة مستخدمة في الثورة المضادة، و المعادية للعرب و الاسلام ووامال سلام و أمن الشعوب و استقرار المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل من الممكن
ماجدة منصور ( 2014 / 1 / 4 - 01:01 )
استاذنا الكبير..هل من الممكن أن تشرح لنا عن هذا الكره المتأصل من آل سعود للشعب السوري؟؟
لك احترامي

اخر الافلام

.. مالذي روته المجندات الإسرائيليات عن فترة الاحتجاز في قطاع غز


.. العملية العكسرية الإسرائيلية في جنين تُعرقل لقاء الاسر بالاس




.. صدمة في إسرائيل بعد ظهور عناصر من حماس ببنادق إسرائيلية خلال


.. حماس ومشهد تسليم المجندات.. هل تسعى الحركة لإسقاط نتنياهو وح




.. أسيرة فلسطينية محررة: الاحتلال أجبرنا على ترك بيوتنا في جنين