الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقلاب السحر على الساحر

لبنى حسن

2005 / 6 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أصبحت الحكومة تعانى من تفاقم المشكلات و ازدياد الضغوط منذ يوم الأعلان عن تعديل الدستور و الذى لم يكن مراد به سوى الأستعراض امام العالم و الضحك على الذقون و وهم الجميع بسراب الأصلاح و خطوات الديموقراطية , و حتى القدر بات يعاند بأصرار حكومة الحزب الوطنى التى اصبحت محاصرة من جميع الجهات فالداخل محتقن و الخارج ينتظر و يرصد و يراقب, فكلما خطط الحزب و دبر لتحسين صورة النظام او تلميع الرئيس واسرته, يحدث ما لم يكن فى الحسبان و ينقلب السحر على الساحر فتصب تكتيكاتهم وافعالهم فى صالح المعارضة, و كأن الأرادة السماوية تأبى ان يسود الظلم أو يخفت صوت الحق, لقد أصبحت حكومة الرئيس البارك على أنفاس الشعب تعيش فوق صفيح ساخن, فلا تكاد تعالج تداعيات حدث ما, حتى تفاجأ باخر لتتحول من التفرغ لدور المهاجم المتسلط للمتوتر والمدافع.

فالمتابع للأحداث الجارية على الساحة المصرية سيلحظ بسهولة ان كل مؤامرات الحكومة على المواطن الصابر سرعان ما تنقلب بقدره قادر الى باعث على الأمل و الخير للشعب والأنهيار والهلاك و الفضحية للنظام.

فمثلا, بالغ التلفزيون المصرى بقنواته المحلية و الفضائية فى التفخيم فى شخص الرئيس و التضخيم فى انجازته و التغنى بحسن صفاته ( أغنيات من عينة أول طلعة جوية و أختارناك) و أضفاء صفات الألوهية عليه وحصارالمشاهد باخبار عن مكالماته التليفونية و زياراته المكوكية و استقبالاته و عبارته, و بدلا من ان يؤدى هذا الى النتيجة المرجوه و يعمق تغييب الشعب و ايهامه ببطولة قائده " المختار" بدأ الشعب ينصرف عن الأعلام المصرى, بل ايضا فقد جسر الثقة و لم يعد المواطن يصدق أعلام الحكومة سواء المرئى او المسموع او المقروء, فصار الأعلام من احدى اهم عوامل استفزاز الشعب و كراهيته للنظام.

و عندما حاولت الحكومة التسلطية ارهاب عامة الشعب بقمع المعارضة و تشويه رموزها و التشويش على تحركاتها و التسفية من شأن مسانديها و اعتقال أعضاءها, أملا فى تفريق صفوفهم و تلقينهم درسا فى كيفية التعامل مع - من ظنوا انفسهم - اسيادهم و أصحاب الفضل عليهم, كانت النتيجة ارتفاع أسهم رموز المعارضة ,و ازدياد ألتفاف الشعب حولهم ليوفر الدعم و التأيد, فأنضمت لكفاية بعض الأحزاب و تزايدت الحركات المطالبة بالتغيير لتصبح هناك ألف كفاية فى و جه السلطان الجائر, بل و توحدت القوى فأعلنت جماعة الاخوان المسلمين تأسيس جبهة وطنية مع أحزاب وقوى سياسية أخرى، و بدأت حركات غير حزبية سلسلة اجتماعات تهدف الى دعم التعاون بين قوى المعارضة للدفاع عن مصالح الجماهير والتمسك بقضايا الإصلاح.

و حتى مظاهرات البلطجية و أرباب السجون التى اعدها الحزب الوطنى و تجلت يوم الأستفتاء فى محاولة للتأكيد على تواجد أنصار للحزب فى الشارع و أظهار قوته و قدرته على جمع مؤيدة - لو فرضنا ان لهم وجود اصلا - جاءت بعكس النتيجة المرغوبة, بل أصبحت من أهم أسباب فضيحة النظام و وصول صيتها لكل انحاء العالم لدرجة تصل الى تعاطف الشعب الكورى و تحركه فى مظاهرة مهيبة لمناصرة الشعب المصرى, و لتندد الصحافة الأجنبية و منظمات حقوق الأنسان و المجتمع المدنى , و لتتدخل الأدارة الأمريكية اكثر من مرة فتحرج النظام و تظهر تصدعه و ضعفه و تخبطه.

اما على الصعيد المحلى فمظاهرات الحكومة لم تؤدى الا الى مزيد من الغضب و السخط بل و السخرية حيث اقتصرت مظاهرات البلطجة على غالبية من الأميين فأستطاع شباب كفاية لصق شعار كفاية الأصفر الشهير على صوره الرئيس التى حملها البلطجية و ظلوا يرددوا.. مبارك.. مبارك دون ان يفهموا سر ضحكات اعضاء كفاية الذين فرحوا بهم لانهم اصبحوا جزء من مظاهرة المعارضة دون ان يدروا!!!

و حتى عندما اراد احد المآجورين من محدودى التعليم تعظيم الرئيس والمبالغة فى الأحتفال به فرفع صوره مبارك و هو يهتف و كتب عليها " عرص الديموقراطية" و طبعا كان المقصود "عرس" و لكن أستبدال السين بالصاد ادى الى مزيد من الكوميديا و الأساءة للرئيس ,اما سيدات المناطق العشوائية من ضحايا النظام المآجورات فكانوا اكبر من ساهم فى الأساءه لتظاهرات الموالاه للحكومة, فبالتأكيد لم يدركن معنى العمل السياسى او التظاهر السلمى للتعبير, فراحوا يطبلوا و يطلقوا الزغاريد و يرقصوا على واحدة و نص و هم يحملوا صور الرئيس فى مشهد اشبه بحفلة طهور او زفة فى حارة شعبية لعروسة ليلة هروب عريسها.

هذا الى جانب تداعيات مهزلة يوم الأستفتاء التى ادت الى ازدياد الأنقسامات بين صفوف الحكومة بعد الطلب الأمريكى بأقالة وزير الداخلية حبيب العادلى, فكوادر الحزب الوطنى التى اشرفت على جمع و تنظيم و ارشاد البلطجية و صرف المعلوم لهم سواء فى صورة اموال نقدية او وجبات غذائية, سارعت بألقاء اللوم على أجهزة الأمن و اتهمتها بأنها هى التى وقفت تتفرج, اما وزارة الداخلية و على رأسها الوزير ,الذى اصبح يشعر انه يعد ليكون كبش فداء, فقد حملت مسؤولية انتهاكات يوم الأستفتاء لكوادر الحزب الوطنى و أكدت على ان تدخلها هو ما حال دون ازدياد ضحايا المجزرة التى قام بها بلطجية الحزب .

لقد افتضحت كل حيل و ألاعيب و تمثيليات النظام الغير محبوكة, ليصيب الحكومة النحس و سوء الحظ فى كل تصرف او قرار , بعد ان كانت على يقين انها ممسكة بزمام الأمور و بالعصى السحرية التى تمكنها من ان تقول للشىء كن فيكون دون معارضة او حتى مراجعة, لقد ارتفعت قوة الأصوات الرافضة للتمديد و ازداد الحراك السياسى و تفاقمت الأزمة لتصبح الحكومة فى مأزق و وضع حرج يهدد بأنهيارها و تحرير الشعب من قوى الظلام و الأستبداد التى أستباحت الأعراض و طغت فى البلاد و نشرت فيها الفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم