الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن أية مكتسبات يتكلم الإخوة -الحقوقيون-..!

مصطفى بن صالح

2014 / 1 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عن أية مكتسبات يتكلم الإخوة "الحقوقيون"..!
تضامنا مع السجناء المضربين عن الطعام، بسجن بوركايز بفاس، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ المكتب المركزي ـ بيانا حذّرت فيه السلطات من مضاعفات الإضراب الذي تجاوزت مدّته الأربعين يوما ـ و"الله أعلم" ـ في محاولة منها لإنقاذ أرواح هؤلاء السجناء المحسوبين على تيارات السلفية الجهادية، والذين سبق وأن أدينوا بتهم تتعلق بالإرهاب، دعوة وتحريضا وتخطيطا وفعلا..الخ
ما أثارني في البيان الحقوقي الذي حاول، وكما العادة، مدبّجه أن يكون إنسانيا أكثر من اللازم، مدافعا بدون هوادة عن الحق في الحياة لهؤلاء السجناء في إطار من الحياد والإنسانية..! هي الإشارة التي أوردها كمطلب باسم الجمعية، وهو أن يتم احترام "المكتسبات التي راكموها منذ سنوات، هؤلاء المضربون"!!
وهو الموقف الذي ينسجم تماما مع تقديرات الجمعية، وهي تقديرات سياسية بالمعنى الانتهازي النفعي للكلمة، وليست لها أية علاقة بالدعاية الإنسانية المجردة.. بأن تصنف هذا النوع من السجناء، في خانة المعتقلين السياسيين أو معتقلي الرأي.. والحال أن هذه العينة من الإرهابيين والظلاميين، تعتبر من أشرس المحاربين للرأي المخالف، بل يمكن أن تصادر حياة المعارضين لآرائها ولتوجهاتها وبما فيها حياة الحقوقيين نفسهم ـ حالة المختار لغزيوي وإدريس لشكر مؤخرا ـ دون أن ننسى الشهداء من ضحايا هؤلاء المتعصبين التكفيريين أمثال بن جلون، وبوملي وأيت الجيد، وفي بلدان أخرى مهدي عامل وحسين مروة وفرج فودة ونجيب محفوظ الذي كاد أن يدخل اللائحة لولا الخطأ في التنفيذ.
فعن أية مكتسبات يتكلم بيان "الهايج"؟ والتي يندى لها الجبين، حين تُقدر وتُنصف من طرف "الحقوقيين" على أنها مكتسبات وجب الدفاع عنها.! والحال أنها رشوة وعبارة عن امتيازات قدمت لهؤلاء السجناء لغايات في نفس يعقوب، امتيازات مفضوحة ومشبوهة، مُدانة يمقتها العام والخاص من السجناء، سواء المصنفون كمعتقلين سياسيين أو عامة سجناء الحق العام.. حيث كان من اللازم على "الهايج" وجمعيته أن يتقصوا الحقائق قبل إصدار الأحكام وترك الكلام على عواهنه حتى لا يعاكس التيار، وحتى يكون مقبولا من طرف الجهات المهتمة ببيانات وتقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأخواتها.
فلا يمكن لأي كان، التذرع بنقص المصادر لاستجلاء حقيقة هذه المكتسبات/الامتيازات التي منحت وتمنح بسخاء لسجناء السلفية، تمييزا لهم، ليس عن عامة السجناء، بل عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الحركات الاحتجاجية والحركة الطلابية.. أيضا.
إذا كانت الجمعية جاهلة بهذا ـ والحقيقة أنها تتجاهل ـ فيكفي الاتصال بأي معتقل سياسي سابق، أو أي سجين، أو أي فرد من عائلات السجناء عامة، لكي تقف على ما يصدم من حقائق تثير الحقد والاشمئزاز والحيف الصارخ.. حقائق السمسرة، والوساطة، والمتاجرة الجشعة في أي شيء يتعلق بفضاء السجن ووسائل عيش السجناء واحتياجاتهم، أبطالها سجناء السلفية. ابتداءا من السيولة النقدية والهواتف النقالة ولوازم الطبخ.. إلى الكيف والمتعة..الخ
تجد على يد السلفيين أماكن النوم للبيع، وزنازن فردية للبيع، وهواتف نقالة وتعبئات عن كل شركات الاتصال، بل رخص التعبئة وكأن السجين يتعامل مع مخدع هاتفي مرخص له.. تجد الأفران الكهربائية وجميع أنواع السكاكين والأطباق وطنجرات الضغط والكؤوس الزجاجية..الخ تجد المخدرات وأفلام الجنس.. وأحيانا تتحول العنابر إلى "قيساريات"، والساحات إلى "سويقات" ـ بكل ما في الكلمة من معنى ـ تفرش السلع بمرأى ومسمع وترخيص من الإدارة، و"على عينك يا بن عدّي".. تباع كل الممنوعات نقدا، مع العلم أن السجين لا يسمح له بأزيد من 70 درهم كسيولة.
كل هذه الامتيازات المشبوهة التي حوّلها بيان "الهايج" إلى مكتسبات، لم تفعل سوى أن ألـّبت عليهم جميع السجناء وأصدقائهم وأهاليهم الذين يلاحظون الحيف في الزيارة وفي التعامل مع القفـّة وأمور أخرى، وأصبح الجميع حاقد ومستنكر لهذا التمييز العنصري، ولهذا الحرمان والابتزاز المزدوج الذي يتعرض له السجناء وأهاليهم، على يد الموظفين والحراس وعلى يد سجناء السلفية. ويمكن أن تتخيل ثمن السكين الذي لا يتجاوز درهمين أن يصل لعشرين درهم، وكأس عادي بأربعين درهما، ومطرحا للنوم بعيدا عن المرحاض، من ألف إلى عشرة ألاف درهم، وخمس مائة درهم كاقتطاع من كل ألفين درهم تدخل على يد السلفيين..الخ
تصور أن يستحوذ السلفيون على جميع ثلاجات السجن بالإضافة لثلاجاتهم الخاصة، ليبقى السجناء جميعهم عرضة للجوع والعطش، خصوصا أيام الحر، حيث لا ماء ولا أكل سوى ما يطبخه طباخ السجن حيث يستحيل أن يأكله هو نفسه الذي طبخه.. تصور أن تصل الوقاحة لحد أن يستقرّ أحدهم بقاعة مكيفة خاصة بمرضى السل، بها تلفاز وثلاجة وسرير طبي، قاعة بمساحة ستة أمتار على أربعة، يحتلها لوحده دون أن يكون به أي مرض يذكر.!
تصور أن بعضهم لا تقفل عليه الزنزانة إلا وقتما يريد، بل إنه يصول ويجول من بهو لآخر ومن حي لآخر "والكاميرا شاعلة".. تصور أن بعضهم يستفيد من الحمام لوحده، ليلا ونهارا سيان، يشعل السخان أو يكلف من يوقد النار بالحطب، وأحيانا يكلف أحد الموظفين بذلك.. تصور أن يخصص السجن غرفة واحدة للخلوة، وأن يستولي عليها "السلفيون" لوحدهم، ليتم حرمان المئات من حقهم في الخلوة..الخ تخيل أن يستفيد أحدهم من رخصة إدارية للبيع بالتجوال على الزنازن والعنابر، من حي لحي حتى منتصف الليل، يبيع الماء المعدني والسندويشات واللبن ومشتقاته..الخ تصور أن أحدهم فتح محلبة بالسجن ويشغل السجناء بدون أجر مقابل الحق في التجوال وما يصاحبه من بيع للسجائر وأوراق التلفيف وحشوة التلفيف، طبعا!..الخ
هذا جزء مما عشته وعاينته في ثلاثة سجون على الأقل بمعية أعضاء مسؤولين بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. هي ذي الامتيازات المكتسبة، وهي ذي حقيقة أوضاع سجناء التيار السلفي الذي عاينتهم، وهي لا تختلف في الجوهر عمّا سمعته من أفواه سجناء ومعتقلين عاينوا تجارب أخرى في سجون أخرى.. حيث لا يمكن إنكار تفاوت الحالات من سجن لآخر.. لكن الحقيقة هي أن ما اعتبرتموه مكتسبات هي في الحقيقة امتيازات الغرض منها تطويع وتدجين واستقطاب عناصر السلفية وليس إلا، هذه الامتيازات التي لم تزد الأوضاع السجنية إلا استفحالا وبؤسا جرّاء هذه العنصرية التي لم تولـّد سوى الحقد ضد أصحاب الامتيازات..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا