الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يحق للأكراد، ما يحق للآخرين

صبري المقدسي

2014 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا لا يحق للأكراد، ما يحق للآخرين
الكرد من الأقوام العريقة في الشرق الأوسط. وقد عاشوا لآلاف السنين في مناطقهم الأصلية التي تسمى كردستان. وتشمل كردستان اليوم، أجزاءً من تركيا وايران والعراق وسوريا و"آذربايجان الإيرانية" وأرمينيا.
ومن سوء الحظ أنه ليس هناك إحصائيات دقيقة عن عدد الأكراد في العالم؛ إلا ان التقديرات تشير إلى وجود ما يقرب من 35 الى 40 مليونا من الكرد في العالم. ويعيش نصفهم في تركيا، ويشكلون حوالي 20 - 25 % من مجموع السكان فيها. وأما العدد الباقي ينقسم إلى الدول الأخرى مثل ايران والعراق وسوريا. إضافة إلى أعداد كبيرة من الكرد، هاجروا الى اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ولبنان وروسيا، وذلك بسبب الأزمات السياسية والإضطهادات المُتكرّرة ضدهم في بلدانهم الأصلية.
ولقد عانى الشعب الكردي من القمع والإضطهاد في جميع دول الشرق الأوسط، مع أن معظم الشعوب في العالم، قد حصلت على مبتغاها، ونالت إستقلالها. ولكن الكرد لم يحصلوا على فرصتهم في تأسيس دولتهم المستقلة فيما عدا بعض الفترات الزمنية القصيرة، وفي بعض المناطق الجغرافية المحدودة، كما حدث في ما يسمى بجمهورية "مهاباد 1947 - 1946" في إيران.
ويُعد هذا حقاً طبيعياً، لا يُمكن رفضه أو الوقوف ضده. ولكن من المُدهش حقا أن يُحرم الشعب الكردي من هذا الحق، إذ كلما طالب الأكراد بحقهم في تأسيس دولتهم المُستقلة، نجد من يصرخ ويولول؛ وكأن الطلب بالحقوق المشروعة، حق للجميع وحرام للأكراد، أو هو من المُحرمات التي لا يمكن التفوه بها والتصريح بشأنها، مع أن الأمر نفسه يُعد مقبولا، بل ومحبذاً ومشجعاً عندما تُطالب به شعوب أخرى، كما في حالة "كوسوفو وتيمور الشرقية وجنوب السودان"، وغيرها من الشعوب التي لم تكن بعضها تملك حتى الأرض التي تعيش عليها، كما هي الحال في "كوسوفو"؛ ورغم ذلك أيدتها كل الدول العربية، ومعها جامعة الدول العربية ومؤتمر الدول الإسلامية.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن دوماً، لماذا يُعادي العرب الحُلم الكردي المشروع؛ وماذا لو كانت غالبية الشعب في العراق من الأكراد، ولا يشكل العرب سوى أقلية لا تتجاوز 10 - 15 % ؟!. ألم يكن العرب حينها يدعمون أخوانهم بإقامة دولتهم المستقلة، كما يدافعون ويدعمون اليوم بإقامة دولة خاصة للعرب في عربستان " أهواز - ايران".
ومن حسن الحظ إن الوضع في العالم قد تغير الآن، إذ أن زمن التمرد والعصيان لم يعد يفيد بقدر ما يُفيد كيفية طرح الأمور بالطرق الحضارية والمتمدنة. والخطر الذي كانت تشكله الحكومات والأنظمة الاستبدادية الغاشمة، لم يعد موجوداً، كما أن المحاولات الدنيئة التي كانت تحاول طمس الهوية الكردية وصبغها بالأفكار الملوثة، لم تعد موجودة أيضاً.
ولقد أصبح معروفا اليوم، أن إرادة الشعوب هي الغالبة وهي الأبقى والأقوى، وأن إرادتهم في الحياة وفي العيش بحرية وشرف وكرامة هي التي ستسود في النهاية. وأصبح كذلك من اليقينيات التي لا شك فيها لدى شعوب المنطقة من العرب والفرس والأتراك أن إرادة الشعب الكردي لا يمكن أن تُقهر، إذ أن للشعب قابلية عظيمة على الصمود والتأقلم وإدارة الأمور بطريقة أفضل بكثير من معظم الشعوب العربية. ولا نبالغ إذا قلنا أن إدارته توازي حتى بعض الشعوب المُتمدنة، ولا سيما في وجود الاستقرار السياسى والسلام الاجتماعي واستدامة النمو الاقتصادي.
فالحكومة في الأقليم حريصة كل الحرص على النهضة الأقتصادية؛ وتعمل جاهدة بكل الوسائل في هذا المضمار، وتثبت ومن دون شك في قدرتها على الصمود رغم التحديات الصعبة التي واجهتها داخلياً وخارجياً. ولذلك يتوقع الكثير من الاقتصاديين، وصول كردستان العراق إلى مصاف الأقاليم المُتمدّنة في العشر سنوات القادمة. ويُعزز هذا الهدف، الرؤية الإستراتيجية لكردستان العراق بحلول عام 2020 أن يكون إقليما متقدماً جداً (لو فرضنا بقاؤه داخل الدولة الفدرالية)، أو دولة متقدمة، كاملة التطور في مجالات التنمية بكامل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، وتحقيق المراتب المتقدمة بين شعوب المنطقة بخاصة في العدالة الاجتماعية والمثل المعنوية والاستقرار السياسي والمشاركة الشعبية وجودة الحياة ونزاهة الحكومة.
وما يدعو إلى التفاؤل في الحقيقة، وجود كميات هائلة من النفط والغاز في كردستان العراق. ويؤمل أن يستفيد الإقليم والدول المحيطة من هذه الإكتشافات. وارجو ان يستغلها الكرد في العراق بالمضي قدما في البناء والنهضة والنظر للمستقبل في كيفية صون كرامة الشعب الذي ضحى بالكثير من أجل هذا اليوم. وتبقى مسألة كركوك المتنازع عليها أمرا قابلا للمفاوضات بين الإقليم وبغداد، إذ كانت مدينة كركوك واحدة من نقاط الإحتكاك للصراع بين الطرفين في العقود الأخيرة. ولا نتوقع في طبيعة الحال أن تمر الأمور بيسر وسهولة؛ ولكن الحق كما هو معلوم، "يؤخذ ولا يُعطى".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا