الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسـألة الوطنية ودورها في وحدة قوى اليسار والديمقراطية

عادل أحمد

2005 / 6 / 17
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


المسألة الوطنية ودورها في وحدة قوى اليسار والديمقراطية
( 1 ) - ليس لأية مقاربة لهذا الموضوع أن تكون دقيقة وشافية طالما هي تأتي من شخص غير عراقي أو مقيم خارج العراق .
لذلك ، فان من واجب العراقيين أنفسهم – وخاصة أولئك الذين لم تجرفهم أهواء السياسة ودنس السلطة أية كانت هذه السلطة – أن يقوموا بهذه المقاربة ، وبدراسة هذه التجربة واستخلاص دروسها ونتائجها .
مع ذلك ، ورغم الإدانة التامة للاحتلال وللسياسة الأمريكية عموما ، فانه يمكن القول ، أن العراق بعد الاحتلال هو غير العراق قبل الاحتلال ، الإنسان العراقي هو غيره ، إن سنتين من عمر هذا الاحتلال قد وفرت أمرين اثنين على علاقة مباشرة بموضوعنا وهما :
أولا = رغم خسارة الوطن والثروة والاستقلال ، فان الإنسان العراقي قد أصبح حرا في التعبير عن نفسه ، ورغم كل السلبيات والملاحظات والمآخذ ، ومن خلال التجربة التي عاشها وامتلاك الشعور بالحرية ، كان الوصول إلى امتلاك الإرادة الحرة والموقف والحكم على الأشياء واتخاذ موقف منها ، هو واحد من أهم الأمور التي حصلت على أرض الواقع .
ثانيا = ولأنه – العراقي – اكتوى بنار الاحتلال ، وعايش الممارسات الجديدة لأهل السلطة والأحزاب والقوى المتواجدة على الأرض ، ولأنه اختبر كل السياسات والأطروحات على أرض الواقع / بدءا من ممارسات الاحتلال وصولا إلى الأساليب الهمجية التي تمت وتتم تحت لواء المقاومة والجهاد / أصبح قادرا باعتقادي على إدراك أن الإنسان هو القيمة العليا التي يجب الحفاظ عليها ، وعلى الأرض التي تمد هذا الإنسان بأسباب الحياة وعوامل استمرارها ، وعلى الرابط بينهما ، ونعني فكرة الوطن ، ومعنى أن يكون وطنا حرا ومستقلا .
هذه الأفكار ، الإنسان أولا ، الوطن الجامع ثانيا ، الحرية ثالثا ، هي ما ينبغي أن يتوحد أهل الرأي والسياسة عليها ، وهي التي يمكن أن تضم بين جوانبها الإنسان العراقي أيا كان عرقه أو دينه .
وقوى اليسار والديمقراطية هي المعنية أكثر من غيرها بهذه القضية ، لأنها تدرك جيدا أنها هي التي ستقود إلى عراق حر موحد ديمقراطي ومستقل . ما يؤكد على ذلك هو أن الشعب العراقي الذي عاش بين سندان الاحتلال ومطرقة الإرهاب أو الجهاد كما يسميه بعضهم ، يدرك ومعه كل أنصار الحرية والحق في العالم أن المقاومة أية مقاومة، ينبغي لها أن تقوم على أساس برنامج سياسي معلن وواضح ، مقاومة تتجه نحو الهدف ، نحو الموضوع الذي يكسب هذه المقاومة شرعيتها ، لأن هذا هو ما يوفر لها التربة المناسبة لتحركها ، ويوفر البيئة الشعبية الداعمة لها ، وليس على طرا ز ما جرى ويجري من ضرب عشوائي وبأساليب مرفوضة تفتت هذه التربة ، وتمنع من تشكل البيئة الشعبية الداعمة، طرز وأساليب القتل والخطف وجز الرؤوس وتفجير السيارات والمنازل بشكل عشوائي يحصد من أرواح العراقيين والأبرياء أضعاف أضعاف ما يحصده من عناصر الاحتلال والمتعاونين والعملاء ، بحيث تفرق ولا توحد ، تفتت البنية الاجتماعية والسياسية وتدفعها إلى الاقتتال فيما بينها ، مضحية بالهدف الأساس ألا وهو طرد المحتل وتحقيق الاستقلال والحرية ، وشكل الإقبال على المشاركة في الانتخابات الأخيرة دليلا على هذا الاتجاه .
هذا المدخل ، هو الذي يجب على القوى الوطنية واليسارية معالجته ، هذه المعالجة التي ستؤدي بدورها إلى مقاربة واقعية لمسألة صياغة دستور علماني وديمقراطي . إن صياغة دستور علماني تقتضي بدورها مقاربة لعلاقة الدين بالسياسة والدين بالدولة وأهمية فصلهما آخذين بعين الاعتبار دور الدين الإسلامي في المجتمع ساعين لدمجه أي الدين في عصرنا الذي نعيش فيه بعيدا عن التزمت والمحافظة .
( 2) - ويجب الاعتراف من خلال الوضع الراهن في العراق ، أن الهدف الأساس المتمثل بحرية العراق ووحدته واستقلاله يجد تعبيرات مختلفة في المسعى لتحقيقه . ومع الإقرار بأهمية العمل السياسي السلمي والديمقراطي من أجل ذلك ، إلا أنه ينبغي الإقرار كذلك بأن مثل هذا النهج لا يتعارض ، ولا يضره قط بل هو ضرورة لتقويته ، أن يكون له تعبيرات مقاومة مسلحة لكن وطنية أولا ، وهو الأمر الذي أغفلته قوى اليسار عموما والمرجعيات الدينية الشيعية خصوصا ، وكذلك القوى التي تحالفت مع المحتل ثالثا .
ويشكل تحالف القوى الديمقراطية واليسارية هنا عاملا هاما ليس فقط لكونه يدفع إلى التقارب وربما التوحد ( الذي تتوفر أسبابه وتقل المبررات السياسية والاجتماعية وحتى الفكرية التي تمنع حدوثه ) بل وكذلك لأنه يدفع بالقوى الأخرى والمكونات المختلفة على مراجعة الذات والتقدم خطوة إلى الأمام باتجاه تأطير العمل السياسي ووضعه في سياق ديمقراطي علماني يتماشى مع المرحلة والعصر ، ويقوي من إمكانية تخطي الواقع الطائفي والعرقي السائد في البلاد .
وإذا ما حدث هذا ، وهو قابل للحدوث ، بسبب من أنه على الضد من الواقع القائم في البلدان المجاورة ، حيث تغيب السياسة عن المجتمع ، والمواطن فيها بعيد عن الاهتمام بالعمل السياسي بله المشاركة فيه ، ويشكل هذا الحضور للسياسة ، والاهتمام الآخذ بالتزايد للمواطن بها وبقضاياه عامة ، يشكل الدافع الأول والعامل المساعد الهام في تخطي هذا الواقع القائم المتمثل بالانقسامات العمودية في المجتمع ، والتي يجب أن تتحول إلى انقسامات / وكلما تحولت إلى تباينات فقط كان أفضل / أفقية . وهو الأمر الذي يقود إلى غرس روح المواطنة وتغليب فكرة الوطن والوطنية على كل ما عداها .
( 3 ) - وفي رأس المهمات التي يمكن أن تشكل أساسا صالحا للتحالفات تقع المهمة الوطنية . ويعود السبب في هذا إلى أن الأمن أصبح الآن المطلب الأول والأخير لكل عراقي ، ولكي يتحقق هذا الأمن ، لا بد من وقفة واحدة شجاعة ومبدئية ووطنية في وقت معا ضد كل العوامل التي قادت إلى حالة فقدان الأمن هذا ، ونعني الاحتلال أولا والأعمال الإرهابية ثانيا وكل الأساليب الضارة بأهداف المقاومة الوطنية ثالثا .
إن النجاح في هذه المهمة من شأنه أن يفتح آفاق عراق المستقبل ووحدة قواه الوطنية على الأهداف العريضة لعراق حر سيد مستقل وديمقراطي .

عادل أحمد 16 / 6 / 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا


.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR




.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي