الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصاد عام: رؤية ائتلاف اليسار وأخطاؤه

عديد نصار

2014 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ائتلاف اليسار السوري

تشبث اليسار الجذري في سورية بموقعه في الثورة الشعبية التي اندلعت في منتصف آذار 2011. إذ أعاد التأكيد على أن ما يحصل في سورية هو ثورة شعبية ضد نظام ناهب، يحمي نهبه، وسياساته الليبرالية الجديدة وسيطرته، بشمولية عز نظيرها، دمرت البلاد وقتلت السوريين، وفرضت حصاراً مميتاً على أغلب المناطق الخارجة عن سيطرته، وغيبت مئات ألاف المعتقلين، وهجرت ملايين السكان داخل سورية وخارجها.

لم يجد ائتلاف اليسار السوري أي "حل سياسي" إلا عبر تطوير الثورة ذاتها، فعمل على التموضع فيها، وانتقاد الجوانب السلبية فيها، وفضح قوى الثورة المضادة التي ازداد ثقلها يوماً بعد آخر.

عمل ائتلاف اليسار على فضح قوى المعارضة السورية التي امتازت على مدار سنوات الثورة بانتهازيتها وتبعيتها وضحالة عقلها السياسي، بالرغم من كل الإمكانيات التي وضعت بين أيديها بوصفها المعارضة المكرسة والمعترف بها دولياً وعربياً. فبدلاً من أن تأخذ بيد الثورة، وتساعدها على تحقيق أهدافها، اكتفت بالنواح والشتائم على شاشات الإعلام، وهو ما جعل الثورة تسير بدون عقل، ويسود العمل العفوي كافة أوجهها. فرغم التقدم الكبير في تنظيم العمل العسكري وتعاظم قوته، لكنه مرّ منذ نحو عام بحالة من المراوحة العسكرية والارتداد للدفاع، فضلاَ عن الخسارة الكبرى التي تتمثل بالتوهان السياسي والوطني الذي بات يطبع معظم التشكيلات المسلحة.

لقد راهنت قوى المعارضة إما على التدخل الخارجي من اجل إنهاء النظام والوصول للسلطة، أو على استجداء اتفاق سياسي مع النظام، سمته حلاً سياسياً، في وقت بدا فيه النظام منشدّاً ومنغمساً بالسحق العسكري لقوى الثورة وحواضنها الشعبية. تجاهل البعض الظرف الدولي والإقليمي الذي يدفع باتجاه عدم التدخل العسكري، هذا من الناحية الشكلية، فيما وفي جوهر المسألة فإن المراهنة على تدخل عسكري لحل قضية وطنية بامتياز، هي الثورة الشعبية، لم يكن إلا خيانة للثورة ولأهدافها وإمعاناً في التبعية والانحطاط السياسي والتنظيمي. وعلى المقلب الآخر دعت بعض قوى المعارضة إلى "الحل السياسي" وحملت "جميع الأطراف" مسؤولية منعه عن السوريين.
تجاهلت تلك القوى عن قصد أو عن سوء فهم فادح أن بنية النظام السوري في بداية الثورة لم تسمح له بالرضوخ لأي حل، وقد كان من الضروري تحطيمها أو تهشيمها وهو ما حصل بالفعل. ذلك ما منع تحقق الحل السياسي في المبادرات العربية والدولية التي طرحت في العام الأول للثورة، وهو ما فتح الباب اليوم لقبول مبادرات مشابهة رفضها النظام وحلفاؤه سابقاً.
الحل بالنسبة لائتلاف اليسار كان يكمن بالتحديد في الاندماج بالثورة وانتقاد مشكلاتها، بشكل مستمر ودون توقف، وهو ما فعله، بدءاً بانتقاد القوى السياسية ولاحقاً الجيش الحر. وتميّز موقف ائتلاف اليسار من جبهة النصرة منذ بروزها، إذ دعى إلى مواجهتها بالكيفية ذاتها التي نواجه فيها النظام، أي إلى محاربتها ومنع وجودها في مناطق الثورة، وينطبق ذلك على الموقف من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" داعش.
عمل ويعمل ائتلاف اليسار دون ضجيج كاذب، ولا يزال يحاول جاهداً الحفاظ على ذاته رغم كل تطورات الثورة، والتي أصبحت الحرب عنوانها الأبرز. وهو معني بأي مشروع سياسي ديمقراطي وطني؛ يساهم في تذليل المشكلات عن الشعب، وتحقيق مطالب الثورة في العدالة الاجتماعية والحرية.
يعتبر ائتلاف اليسار أن ما يحدث في أواخر 2013 وبداية 2014 في سورية، هي أشكال للثورة الشعبية، التي تعمقت فيها الثورة المضادة. إذ تواجه القوى الشعبية المدنية والعسكرية ثورة مضادة تتمثل في تنظيم القاعدة بفرعيه في سوريا أولاً، وبالكتائب الإسلامية السلفية (الجبهة الإسلامية نموذجاً) التي باتت تقاتل بدعم إقليمي لتحقق، ليس أهداف الثورة، وإنما أهدافها هي، والتي تتلخص في سرقة الدولة مجدداً ونهبها وإفقار شعبها وإخضاعه في "دولة إسلامية" مرتهنة لمصالح إقليمية ودولية. هذا فضلاً عن مواجهة النظام، الذي يتابع عملية تدمير البلاد وسحق الشعب في كل أماكن تواجده، وخصوصاً في المناطق المحررة، وذلك بدعم حيوي من المجموعات الطائفية التي استقدمها من لبنان والعراق وإيران.

الحل السياسي، وجنيف2:
يعتبر ائتلاف اليسار، في هذه المرحلة الدقيقة، أن طريق يسار الثورة ورهاناته، يجب أن تكون في استعادة الثقة الكاملة بالشعب السوري وبقواه الحية التي تتعرض لأشرس هجمة من القاعدة والأصولية السلفية والنظام. ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار وفهم كامل لمجريات التحولات الدولية والإقليمية على المستويات السياسية والشعبية.

لقد كان ائتلاف اليسار السوري على الدوام، مع أي حل ينقل الصراع إلى المستوى السياسي، بل حذر في أكثر من تحليل من المراهنة على "الحل العسكري"، وأشار إلى أن تطور الثورة إذ هو يهشم بنية النظام، فإنه يدفع باتجاه حل سميناه "الحسم السياسي"، لأنه لن يكون إلا نتاج رضوخ النظام لمطالب السوريين بالحرية وبدولة ديمقراطية تحقق مصالح الطبقات الشعبية المهمشة. وعليه، فإن ائتلاف اليسار يؤيد أي حل سياسي يرضخ له النظام، ويحقق مطالب الثورة بصورة عامة، ومصالح الطبقات الشعبية بصورة خاصة. ويعتبر أنه، عندما يتحقق، سيكون نتاج تضحيات الشعب السوري.
وهو في هذا السياق يحذر من أي حل تحاصصي- طائفي، يكرس التسلط والهيمنة على الشعب، بل ويعمل على تأبيدها. ويؤكد أنه سيكون ضد أي حل من هذا النوع.

ولا يشك ائتلاف اليسار، في أن ما يقرر انعقاد مؤتمر جنيف، ليس حاجة الشعب السوري إلى التخلص من المحرقة التي زجه فيها النظام الدموي، بل المصالح الإقليمية والدولية المهددة في سوريا ومحيطها والخوف من فقدان السيطرة على الصراع. وهذا يدفعنا إلى عدم التعويل على جنيف2 بالتحديد.

إن ائتلاف اليسار السوري، معني دائماً بأية مبادرات جادة من أجل أي عمل يساري أو ديمقراطي أو وطني مستقل، وينطلق في تحالفاته من حقوق الشعب السياسية والاقتصادية. فإذ ندعو إلى دولة ديمقراطية علمانية يتساوى فيها السوريون جميعاً، وتتيح حرية العمل النقابي والتنظيمي والشعبي، نعتقد أن عليها أن تمثل مصالح الطبقات الشعبية في تنمية قطاعي الزارعة والصناعة، وتأمين فرص العمل والضمان الصحي والاجتماعي لجميع السوريين.

نقد ذاتي:
لم يكن دور اليسار في الثورة السورية، وبغض النظر عن تفاوت مجموعاته الصغيرة، دوراً مميزاً ولم يحرز مكانة تليق به، وبقي مشتتاً ومأزوماً لأسباب متعددة، سياسية وفكرية وأيديولوجية ومناطقية، وبسبب تعقد شروط الثورة وذهابها نحو الحرب.
لقد فشل ائتلاف اليسار في تطوير ذاته كثيراً، وفشل في المساهمة في تشكيل محور أو جبهة يسارية، أو ديمقراطية في سورية، وإذا يتحمل مسؤولية في ذلك، فإن هامشية القوى اليسارية والديمقراطية بالعموم تتحمل مسؤولية عن ذلك بالتأكيد.

كما سادت نزعةً تفاؤلية كبيرة تحليلات ائتلاف اليسار، أشارت إلى أن النظام سيرحل في أكثر من مرحلة بالأعوام الثلاثة الماضية، والحقيقة جانبنا الصواب في ذلك، حيث أثبت النظام قدرته على إدارة معاركه ولا سيما مع استقدامه قوى طائفية خارجية، والخروج دائماً من لحظات سقوطه أو انحساره عن مناطق كثيرة في سورية. لكنه التفاؤل بإرادة التغيير وبقوة الثائرين، في لحظة أغلقت جميع أبواب السياسة في وجههم. وما كان لنا في حال اكتشفنا مبكراً أن النظام لن يسقط قبل أن يدمر البلاد، أن نتراجع عن موقعنا في الثورة وفي الدفع باتجاهها، إذ لا نزال على ثقة بأن هذا المسار المدمر فرضه النظام بسبب بنيته ومحيطه الإقليمي، لا بسبب عقله الإجرامي وحسب، الذي يتشاركه مع كل الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج، إضافة لانتهازية المعارضة المكرّسة. وإن كان من نقد يجب أن يوجه، فليس إلى استمرار الثورة وتشبثها بأهدافها، بل لتقصيرنا جميعاً، والاتكال على "الشعب" من دون الاهتمام بالتنظيم الكافي في معركة محتدمة من اجل إسقاط النظام.

ائتلاف اليسار السوري 2/1/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟