الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملوك الرمال والممانعة

مازن جهاد وعري

2014 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أثار فتح دار الأوبرا في دمشق منذ شهر تقريبا لعرض فيلم "ملك الرمال" لمخرجه السوري نجدت انزور والذي يتناول فيه حياة الملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية حفيظة وغضب المملكة بما فيها على الصعيد الإعلامي. مما جعل الأمير طلال بن عبد العزيز وهو أحد أولاد الملك عبد العزيز الثمانية عشر يناشد "فخامة" الرئيس السوري بشار الأسد بعدم عرض الفيلم.. هذه اللهجة السعودية لم تكن موجودة قبل الإعلان عن نية النظام السوري بعرض الفيلم.
هذه الحادثة ليست عرضية كما يعتبرها البعض لأنها تخفي وراءها مجموعة من الاسئلة: ماهي اسباب الخوف السعودي من عرض ونشر الفيلم، وما هي دوافع وغايات النظام السوري من انتشار الفيلم؟
تختلف ردود فعل الدول إزاء بعضها البعض في علاقاتها الدولية باختلاف سياساتها الخارجية، فالبعض يستخدم الأساليب الدبلوماسية كونها أقل تكلفة وبعضها يستخدم الأساليب الاقتصادية، في حين يلجأ بعضها الى استخدام القوة العسكرية. أما في حالة الأزمات الحادة وخاصة الداخلية منها.. فنادرا ما يكون رد الفعل "ثقافيا- سينمائيا.!!
لا شك أن الغضب السعودي مرده إلى إن هذا العمل السينمائي يعتبر السابقة الأولى في المنطقة كونه تطرق للاتفاق الذي تم بين بريطانيا والسلطان عبد العزيز، وقتها، وكيف تم دعمه بالمال والسلاح للقضاء على سلطة آل الرشيد التي حكمت الرياض في ذلك الوقت، تمهيدا لاحتلال المنطقة وبسط نفوذ الغرب عليها، وهذا ما حصل لاحقا في اتفاقية "سايكس ـ بيكو" بين بريطانيا وفرنسا لتقاسم النفوذ في المنطقة"، واحتلال فلسطين حسب ما جاء في الفيلم.
ولأن الفيلم أيضا يظهر ان الملك عبد العزيز يطلب من جون فيليبي (الذي يأخذ دور ضابط بريطاني) ان يدخل الإسلام ولو ظاهريا.. في حين نرى في مشهد آخر أن الملك يدخل غرفة النوم مع فتاة شابة صغيرة في السن..
بالتأكيد ان خشية السعودية من انتشار الفيلم لا تقتصر على هذه الاسباب فقط والتي تشوه وتفضح صورة الملك.. بل إن عرض الفيلم في لندن في الحادي عشر من أيلول الماضي( ذكرى أحداث 11 أيلول) ومن ثم دمشق تليها موسكو حيث ستكون الوجهة القادمة لعرض الفيلم، يليها عرض الفيلم في الولايات المتحدة الامريكية البلد الذي عانى بالدرجة الأولى من الإرهاب في احداث 11 ايلول.. جميعها قد تؤدي الى تكوين رأي عام غربي معادي للمملكة وللاسرة الحاكمة تحديدا وهذا ما تخشاه السعودية بالدرجة الاولى..
اما سورياً.. يبدو ان النظام السوري اكتشف اخيرا بضرورة التوجه للداخل اعلاميا بطريقة اكثر نخبوية تلامس المثقفين تحديدا والذين ما يزال قسم كبير منهم في موقفهم الضبابي حيال ما يجري في البلاد.. خاصة بعد ان اكتشفوا فشل الاعلام الرسمي في تغطية الاحداث وفي لعب دور سياسي وإعلامي مهم خارجيا.. وبعد ان هاجر عدد كبير من هذه الشريحة المهمة في اعادة بناء الدولة الى خارج سوريا لا سيما الى لبنان وقد كان معرض بيروت للكتاب الذي افتتح منذ ايام خير مثالا على العدد الكبير من المثقفين السوريين المقيمين في بيروت والذين قدموا بأعداد كبيرة الى المعرض رغم سوء الاوضاع المادية والجوية...
والجدير بالذكر ان الفنان نجدت انزور مخرج الفيلم كان قد رد على كلام الامير طلال عبر CNN بالعربية قائلاً: "قبل أن تطالب فخامة الرئيس بشّار الأسد بوقف عرض الفيلم، أرجو أن تطلب من جلالة الملك عبد الله إيقاف إرسال الدعم العسكري، والإرهابيين لسوريا،... لو تزامن هذا مع طلبكم، لوقفنا له احتراماً، وقلنا إنكم صادقون في نواياكم، ولكن مطالبتكم بوقف العرض كي لا نسيء لذكرى الملك عبد العزيز، تدفعنا للتساؤل إذاً عن إساءتكم الكاملة بحق الشعب السوري طوال هذا الوقت ؟" وأكّد المخرج السوري أن إنتاجه لفيلم "ملك الرمال" لم يكن لغاياتٍ ثأرية مع النظام السعودي، وإنما يخاطب من خلاله "العقلاء في المملكة لكبح جماح من أسماهم "الزعران والقتلة" الذين يعبثون في المنطقة كلها، وليس في سوريا فقط". علما ان نجدت انزور نفسه كان قد روج لفكرة جهاد النكاح في احد مسلسلاته وهذا ما لاقى انتقادا واسعا جعل بعض الشباب السوريين يحاولون كتابة سيناريو فيلم عن حياة الرئيس السوري الراحل "حافظ الاسد" تحت مسمى "ملك الممانعة" لعرضه بطريقة ساخرة ببطولة مجموعة من الفنانين السوريين على راسهم عبد الحكيم قطيفان ومازن الناطور..
بين ملك الرمال وملك الممانعة قد ينشب صراع من نوع اخر يستهدف استحواذ اكبر قدر ممكن من النخبة السورية، وهذا ما سيجعل من التاريخ حلبة اخرى للصراع السوري السعودي.. لكن على أي حال أن يتحول الخلاف إلى خلاف ثقافي أفضل بكثير من أن يستمر نزيف الدم السوري كما هو عليه الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟