الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفوضى و مستقبل ثورات -الربيع العربي-

مرعي أبازيد

2014 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن لأحد أن يتوقع شيئاً عن آفاق المستقبل السياسي لمنطقتنا أو حتى التفكير بذلك و خصوصاً في ما يتعلق بالأزمة السورية، لما تحمله الأمور الجارية من تناقضات و أحداث لا يمكن القول عنها سوى حالة من فوضى عارمة تجتاح كل مناحي الحياة. فهل سيشهد العام الجديد سقوط أعتى دكتاتورية مرت على المنطقة؟ و هل سيشهد انتصارات للثورات العربية التي مازالت تتخبط ما بين الإصلاح و انتقاء القيادات الحكيمة و بين الاستمرار في حمل السلاح في وجه الطاغية و أعوانه في سوريا؟ و ماذا عن أم الثورات في مصر؟
على مايبدو من خلال القراءة المستفيضة للسياسة العالمية، أن المجتمع الدولي حاول و مازال يحاول بالابقاء على هذا الحراك مستمراً مراوحاً في مكانة للخروج في النهاية بعد صراعات مسلحة طويلة الأمد، لا غالب و لا مغلوب، و بلدان مدمرة تماماً اقتصادياً و اجتماعياً ليعاد صياغتها من جديد تحت شعار "إعادة البناء" للإبقاء على هذه الدول تحت رحمة و وصاية الدول المانحة لعشرات السنين. هذه السياسة الدولية سوف تبقي الدول العربية مربوطة بخيوط عديدة يمسكها آخرون في مكان آخر،، يشدونها متى أرادوا و يرخونها متى أرادوا أيضاً. أليس ذلك مدعاة للشك و الريبة في نوايا هذه الدول؟ ألا يدعونا ذلك لاتخاذ قرار سياسي على مستوى الأفراد ومنظمات المجتمع المدني و السياسيين و المثقفين و حتى على مستوى المجموعات المسلحة أن نقول كلمتنا وأن نلغي أي ارتباط مع هذه الدول، و بناء علاقات معها على أسس وطنية غير مرتبطة بأجندات خارجية مهما كلف الأمر؟
إن ما تعنيه ثورات "الربيع العربي" بالنسبة للشعوب العربية هو أن الشعوب قد حسمت أمرها و خرجت مطالبة بحقها الشرعي في بناء مجتمع مدني على أساس العدالة و دولة المواطنة الحقة و إسقاط الديكتاتوريات التي مازالت جاثمة على رقاب الشعب منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، و ليس استبدال الديكتاتوريات بارتباطات مشبوهة مع دول خارجية لا يهمها إلا مصالحها في المنطقة. نعم الشعوب قالت كلمتها: "الشعب يريد اسقاط الأنظمة الفاشية المستبدة"، فمن لديه اعتراض على ذلك؟ نعم هناك وكلاء وأسياد لهذه الأنظمة من وراء البحار لا يريدون ذلك! لكن الشعوب حزمت أمرها بلا رجعة و تريد التخلص من المرحلة الماضية، مرحلة الشعارات الفارغة و الوطنيات الكاذبة و الأسالب المستعارة، المرحلة التي استنزفت ذخيرة و مواهب الشعوب و أفشلتها على جميع المستويات.
فالتاريخ الإنساني الكوني، سجل عبر العصور العديد من الحالات التي تشبه الحالة التي نمر بها و شهد العديد من سقوط الديكتاتوريات في النهاية مهما كانت قوية و عاتية،،، المنتصر في النهاية كانت الشعوب التي نهضب بالوعي المجتمعي و عقلنة الواقع، وجعلته يتجاوز كل العوائق و الاارتقاء إلى درجات عليا من الحرية و الكرامة الاجتماعية. "الربيع العربي" يجدد تدفق الدم في جسد الشعوب التواقة للحرية و يجسد بعض أمالها و طموحاتها الاستراتيجية في سياق الانجازات التي تم تسجيلها عبر سنوات من النضال المضني و سنوات من السجن و التعذيب و انتهاك جميع المقومات الانسانية. لعل ذلك يأتي بعواصف ارتدادية تضرب الأصنام المنصوبة منذ أكثر من نصف قرن على قارعة الطرقات من المحيط إلى الخليج و تسقط رابات التعسف و التسلط.
لكن الغرب على ما يبدو، لا يريد أن يرى مئات الملايين من العبيد قد تحرروا!!! و أصبحوا سادة على ذواتهم وثرواتهم ومصائر شعوبهم ودولهم لما تحمله مثل هذه التطورات من خطورة ممكنة على مصالح الغرب و حلفائه في المنطقة. وهذا مايجعلهم يترصدون كل ثورة منذ البداية للتحكم بمجرياتها و رصد منحاها و عدم تركها تتحرك ذاتياً. إن ما تعانيه ثورات "الربيع" منذ شهورها الأولى، ليس فقط وليد الظروف الموضوعية المعقدة، بل و في دخول الدول الغربية كلاعب رئيسي فيها. و الأخطر من ذلك، هو قيامهم بخلق الفوضى داخل صفوف المعارضات و التشويش على المجموعات التي تمارس مبدأ "العقلانية الثورية" واغتصاب أهدافها المرحلية وتحويلها إلى عكس الاتجاه. مما أدى إلى تراكم أخطاء الثورة لتصبح مشروعيتها محل شك لدى حاضنتها الشعبية، التي بدأت تعترض و تحتج تدريجياً حيث وصل صوتها إلى عمق الهياكل التنظيمية كالمجلس الوطني و الائتلاف و غيرهما، فأصبحت الثورة متأرجحة بين النجاح النسبي و تكرار الفشل. الثورة المقاتلة عبر ميادينها هي صاحبة الأمر الحاسم بالنسبة لما تبقى من رصيد الثقة ليس لدى محاربيها فحسب، بل و في نفوس كوادرها الفاعلة كذلك. وفي هذه المنعطفات الرمادية تتوفر فرص كثيرة كي لا تتدخل الأصابع الأجنبية الموبوءة بنوايا الشر المبيّت، و كي لا يجري إغراق الثورة بدوامة متنوعة من البدائل عن هويتها ومشروعها وأهدافها. إنها تلك البدائل الموصوفة غالباً بالداخلية والطفيلية والمشبوهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح


.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟




.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش


.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا




.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء