الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد الأمريكي ... وفرص الانتعاش الوهمية .. ..(1)

علي الأسدي

2014 / 1 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر



الاقتصاد الأمريكي ... وفرص الانتعاش الوهمية .. ..(1)

علي الأسدي

هيمنت المدرسة الاقتصادية الكينزية خلال الفترة 1929 – 1970 من القرن الماضي على أكثر السياسات الاقتصادية في المؤسسات الحكومية والجامعية في الدول الرأسمالية. ومع ظهور الاقتصادي الأمريكي ملتون فريدمان الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1968 بدأت الكنزية بالانحسار لتحل محلها المدرسة النقدية التي عبر عنها فريد مان في نظريته التي عرفت بالليبرالية الجديدة.

أحدث فكر فريدمان الاقتصادي تحولا عاصفا في الاقتصاد الرأسمالي بابراز دور رأس المال المالي للبنوك ومؤسسات الاقراض المالية الأخرى على حساب النشاط الاقتصادي الحقيقي ممثلا بالنشاطات الانتاجية الصناعية. وقد شكلت صناعات فورد للسيارات في ديترويت نموذجها الأبرز الذي قاد الازدهار الصناعي الأمريكي منذ عام 1924. بينما عبرت شركة امرون عن رأس المال المالي الزائف الذي قاد الاقتصاد الأمريكي الى ما هو عليه الآن من ضعف وتراجع في معدلات النمو ومن بطالة وأعباء مالية لم يحصل مثيلا لها في التاريخ الأمريكي.

الأمر الوحيد الذي ساعد على بقاء وازدهار نشاط رأس المال المالي الزائف هو تجاوز الأنظمة والضوابط الحكومية. فتلك الأنشطة المالية التي تمارسها المؤسسات المالية تعتمد كليا على تجاوز الضوابط على النشاط المالي وعلى ترويج الدعايات والاشاعات عن النجاحات في تحقيق الأرباح ، تساندها على نطاق واسع وسائل اعلام تابعة لها ومسيرة من قبلها.(1)

ولتلك المؤسسات المالية نفوذا واسعا على أعضاء متنفذين في مجلسي الكونغرس الأمريكي يساعدون في اقتراح واصدار القرارات التي يجري الاستناد عليها لاقناع الناس في الوقوع في مناوراتهم. يجري ذلك علنا وليس بالسر وهو ما عزز الثقة لدى الناس. وليس هذا فحسب فهناك عددا من الاقتصاديين المدربين يظهرون على شاشات القنوات الاخبارية وفي الصحافة ووسائل الاعلام الأخرى يدعمون ذلك النشاط المالي الذي يحقق لهم أقصى الأرباح.

وعند المناقشات والمناظرات يشار الى اقتصاديين بارزين أمثال ملتون فريد مان بكونه اقتصادي بارز وحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لتسويق نشاطاتهم المالية التي لا تحقق اي مردود مادي للاقتصاد الوطني. وفي ظل نظام رأس المال المالي فان سوق الأوراق المالية يصبح من يوم الى يوم مصدر كوارث اقتصادية لا نهاية لها كان آخرها الفقاعة المالية نهاية عام 2007.

وعندما تكون ستراتيجية مراكمة الثروة هي السرقة فكلما كان النشاط في سوق المال متصاعدا كلما كان التدمير الاقتصادي أشنع وأعظم. هذه الحقيقة توضح بجلاء الفرق بين النشاط المالي والنشاط الرأسمالي الصناعي. فحينما تكون ستراتيجية الرأسمالي تحقيق الربح عن طريق صناعة معقدة لانتاج السلع عندها يتحقق النمو الاقتصادي الحقيقي ، وغير ذلك فان النشاط لا معنى له ودون فائدة ولا يختلف عن أي نشاط في كازينو القمار.(2 )

ليس هناك اليوم شخص عاقل واحد يؤمن بالجدوى الاقتصادية للنشاط المالي الرأسمالي بعد الآن ، فقائمة الفشل لا تحصى ، لكن التغطية تتم عبر توجيه الانتباه الى أحداث اقتصادية ومالية في مكان آخر في العالم كأمثلة على الفشل نتيجة عدم تدخل أسواق المال أو رأس المال المالي في الحياة الاقتصادية. فقد جرى توجيه الأنظار الى أن انهيار الاتحاد السوفييتي والاضطراب الذي واجهه الاقتصاد الروسي بعد ذلك كان نتيجة للفساد لولا تدخل أسواق المال ورأس المال المالي فيها.

ان فشل رأسمالية رأس المال قد ظهر واضحا في رفض سبعة دول أمريكية لاتينية لذلك النمط من النشاط لتطوير اقتصادها ، لأن الناس لم تعد ترغب بسماع ما يقررونه خلف الأبواب المغلقة لقناعاتهم الراسخة بأن ذلك النشاط لن يحسن من حياتهم بل يزيدها سوء. وعند الحديث عن الرأسمالية المالية وفيما اذا تحقق بعض الرخاء فانها على العكس تعبر عن الفشل الاقتصادي برغم مؤشرات السوق المالي ( اسواق الأسهم والسندات ) التي تعلن غير ذلك.

يعتبر الاقتصادي الأمريكي مايكل هودسون (3) أن رأس المال الزائف ( الوهمي) هو قرض لا يمكن استعادته ، لأن ضمانات القرض غير موجودة. وان وكالات تصنيف الأوراق المالية تضع تقييما زائفا AAA بشكل متعمد على أوراق مالية لا قيمة لها أو ضئيلة القيمة الحقيقية.

اليوم لا احد يعلم حقيقة ما هي قيمة الأصول لدى أي بنك. ويرى مروجوا نظرية الاقتصاد الزائف في تخفيض الأجور ورفع نسبة ضرائب الاستهلاك والرسوم وخفض رواتب التقاعد والمنافع والتأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية وطوبع الطعام أمرا حسنا. والغرض الواضح من كل هذا هو زيادة ثروة الـ 1% من المجتمع الأمريكي بينما الـ 99% تدفع الدين الحكومي لأجل انقاذ الأغنياء. ويقدر هودسن أن هناك نشاطات مصرفية تتعامل بمئات آلاف الترليونات من الدولارات الأمريكية الغير خاضعة للرقابة الحكومية ، ولهذا فهي خارجة عن السيطرة تماما.

وقد اتخذت تلك النشاطات المالية أسماء وصفات شتى يتم تداولها في السوق المالية الأمريكية والبريطانية خاصة وتتعامل بها آلاف المصارف والمؤسسات المالية والشركات التجارية والافراد من مختلف الدول بما فيهم ملوك وأمراء الخليج ممن يقامرون بالأموال المنهوبة من شعوبهم.

وهناك شكوك في أن تقوم اي دولة حاملة للسندات المالية الأمريكية ببيعها ، واذا ما فعلت وباعت فان السندات لن تكون ذا قيمة. ما يعني في واقع الحال ان السندات الأمريكية لاقيمة لها. فالصين الشعبية واليابان لها من السندات الأمريكية ما قيمته 1،28 و1،14 بليون دولار على التوالي. وكان الرفيق الاستاذ فؤاد النمري صائبا تماما في ادانته لهذا النوع من الاستثمارات المالية التي لا تجلب للاقتصاد الحقيقي (المادي )وللنمو الاقتصادي أي مردود ملموس.
ان البنك الذي يبيع ما قيمته مئات الترليونات من الأوراق المالية دون أن يضع جانبا مبلغا لمواجهة طلبات التعويضات عن قيمة السندات والأوراق المالية سيعلن افلاسه بالتأكيد. البنوك التي تعجز عن دفع التعويضات كما حدث في السابق وفي المستقبل أيضا حيث يقوم البنك الفيدرالي بتعويضها بضخ الأموال لها وهي في الحقيقة من أموال دافعي الضرائب.

اما قيام البنوك المركزية بضخ الأموال الى البنوك الخاصة فهو لمساعدتها في تسديد القروض التي اقترضتها من بنوك أخرى. البنك المركزي كالبنك الفيدرالي الأمريكي ومثيلاته في الدول الرأسمالية الأخرى يقوم في الواقع بالغاء ديون البنوك الرأسمالية الخاصة وبذلك فان الـ 1% من المجتمع ( القلة الأكثر ثراء) لن تخسر أي شيئ. أما ديون الحكومة فلن تلغى ، بل سحمل بها الـ 99% من الشعب ، وهذا سيسمح للـ 1% الاحتفاظ بما سرقوه منه.

ويقول الدكتور هودسون عن ذلك بأنه أكبر غش في التاريخ. فخلال الثلاثين سنة الماضية شهدت الولايات المتحدة نسبة تضخم هائلة انحصرت في التعليم والبيوت الممولة من ديون البنوك. ويعتقد ان غزو ليبيا كان جزء من ستراتيجية تحرم بواسطتها الدول الصناعية الناشئة الآسيوية ، فتلك الحرب كانت ممولة بواسطة طباعة الدولار الأمريكي.

و أن الولايات المتحدة ليس فقط تعادي سوريا وايران ، بل تشكل تحالفا في آسيا من أجل احتواء الصين. انها ايضا تحاصر روسيا بصواريخ تكون جاهزة للضربة الأولى. ان انهاء ديون نظام دين الدولار هو الطريق الوحيد الذي على الأجانب التصويت له للتخلص من الحرب النووية.

تلك الدولارات يتم تراكمها لدى البنوك المركزية التي أما يشترى بها سندات خزانة تحتفظ بها ، أو تنفقها محليا مما يرفع من قيمة عملتها المحلية مما يقلل من القدرة التنافسية لصادراتها الوطنية فترتفع أسعارها عن السابق مؤدية الى ارتفاع نسبة البطالة في البلاد.القاعدة والمبدأ الأساسي هي ان الدين الذي لا يمكن دفعه لن يكون بالامكان دفعه أبدا ، وفصم هذه السلسلة من الديون لا يمكن توقفها في ظل السياسات المالية والنقدية الحالية ، لكننا نعرف ان الانهيار الاقتصادي سيحل قريبا.
علي الأسدي
للمزيد من الاطلاع يراجع :
1- Jonathan Varson, ، الاقتصاد هو قضية حياة او موت ، Elegant-tecnology.com, Economic Prosperity Through Environmental Renewal, Jan18/2007

2- Jeff Cox, NBC News.7 debt default dooms day scenarios, 10/2013
3- Michael Hudson , Fictitious Capital and Debt Cancelation,29/7/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ