الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مُبررات التَطبيع؛ حينما يُصبح الأمل خدعةً؛!

فيروز شحرور
(Fairouz Shahrour)

2014 / 1 / 5
القضية الفلسطينية


"إنني أؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة،
وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح"
عمر المختار


مما لا شك أن النظام السياسي الفلسطيني الحالي، يعاني من إشكالية منهجية وتراكمية في أسلوبه للتحرر من خيبات الاستعمار الصهيوني، وأياً كان شكلُ الخيبة من سياسة التحرير ومن انغلاق الأفق دولياً وعربياً وتوسع الاستيطان وتلاشي ثقافة الكفاح المسلح وانعدام الأساليب المتاحة –حالياً- كل ذلك لن يُجدي للتشاؤم حيال منظومة القضية الفلسطينية التي لن تنتهي أبداً، لا كفكر مقاومة ولا غيره! وإن كان الهروب من التشاؤم نحو الأمل، إلا أنّ الإغراق في التأمل لحل القضية الفلسطينية عبر خطط مجتمعية- سياسية بديلة تتجلى في التطبيع ومبرراته، فإن شكل الأمل هذا سيكون فخّاً لا يقلُ شأنه أبداً عن ثِقل الخيبة والتشاؤم في القلب!

أثناء تصفحي لإحدى المواقع الإخبارية الإلكترونية، قرأتُ خبراً عن التطبيع حدث في إحدى مؤسسات رام الله، ليسَ الخبر الذي شدَّ فضولي حتى النهاية، بل التعليقات الشعبية، والتي أعترف أنها أثارت لدّي حساً بالأسى! أحد التعليقات عبرت عن الخبر بسخرية قائلة: "إن المجتمع الاسرائيلي مغيّب تماما عما يحدث في أراضينا الفلسطينية.. فاذا كان شرح معاناتنا وحال شعبنا وعدالة قضيتنا للإسرائيليين والأجانب وتجنيدهم للعمل ضد سياسة دولتهم المتحيزه تطبيعا، فأرجوا منكم أن تقولي لي ما هي الطريق الصحيح (للمقاومه اللا عنفيه)"
في هذا التعليق تحديداً، يناقش المعلِق أهمية فتح جلسات حوارية مع الإسرائيلين بكل مكوناتهم، على افتراض أنهم شعب مُغيب عن القضية الفلسطينية، ويفترض ذلك حينما يعبر قائلاً: " كان البعض يسألني ما هي العمله التي تتعاملون بها؟ وبأي لغة مكتوبة هويتكم الشخصية؟ ولماذا يوجد حواجز بين رام الله ونابلس؟ إلخ. ربما يرى بعضكم أن هذا مبالغ به ولكن هذا ما حصل فعلا."! وأما شكل "المقاومة" بحسب رأي المعلق فتكون بإعطاء محاضرة عن سياق فلسطين التاريخي، لإيجاد حجّة وتبرير لأهمية وجودنا، وأهمية من سبقَ أولاً إلى هذه الأرض، حتى ولو لم يدرك هو شخصياً ذلك! هذا حينما ادّعى شرحه للاقتصاد الفلسطيني المرتبط بإسرائيل وعدم تمتعنا بكامل السيادة الاقتصادية وعن الخروقات الإسرائيلية اليومية من هدم للبيوت والحواجز، ثم محاولته الدفاع عن الموقف الفلسطيني وقدرته على قيادة نفسه وشعبه، كما قال: "الخروقات الإسرائيليه اليوميه هدم البيوت, مصادرة الأراضي, سرقة المياه, الحواجر الاستيطان وممارسات المستوطنين. كيف تريدون منا أن نعيش معكم بسلام وأنتم تفعلون كل هذا ؟.. أما بخصوص الاقتصاد! فنحن ليس لدينا حدود! ولا معابر! ولا ميناء!ولا مطار!.. ونستطيع قيادة أنفسنا بأنفسنا.. نحن شعب يريد العيش بوطنه بسلام مثل كل شعوب العالم ولا نريد قتل أحد وعدونا الوحيد هو الاحتلال وليس دينا معينا تعالوا وانظرو"!
الإسرائيلي مغيباً!
حسنا؛ بناء على افتراض صحة الاكتشاف العظيم للمعلق، حول تغييب المجتمع الإسرائيلي عمّا يدور حوله في الأراضي الفلسطينية عام 67، أثناء تجول أي فلسطيني من منطقة رام الله مثلاً إلى نابلس على سبيل الافتراض، ستُعرض أمامه يافطة حمراء اللون وكبيرة، منتشرة على معظم الطرق، إن هذه اليافطة توضح صراحةً أن الطريق تؤدي إلى مناطق السلطة الفلسطينية وتمنع دخول الإسرائيليين إليها، وترتب عقوبات على من يخالف ذلك! لذا ما هي "نوعيّة" الإسرائيلين الذين استطاعوا عبور الحواجز الإسرائيلية، للاجتماع مع فلسطينين والتحدث معهم "مصادفة" لعدم وعيهم بما يدور ما بعد الحاجز من معاناة؟! هل حدث أن اتخذت الحكومة الصهيونية أي إجراءات أمنية بعد دخولهم أو التحقيق معهم على الأقل؟! من جهة أخرى، من الممكن حدوث اجتماعات حوارية مع شريحة من المجتمع الإسرائيلي خارج الدولة الفلسطينية، أي بمعنى آخر في أي بلد عربي أو أوروبي بعيداً عن فلسطين، ولا أعتقد أن البعد الجغرافي، سيخفف من وحشية الاجتماع، أيضاً!
ومن زاوية أخرى؛ كيف افتُرض أن المجتمع الإسرائيلي مغيب، وهنالك شريحة فلسطينية صامدة في الأرض المحتلة لعام 48 والقدس، ولها معاناتها الخاصّة والواضحة؟! كيف المجتمع الإسرائيلي مغيب، وهنالك مستوطنات قابعة في أراضي الـ 67 ويرى المستوطنون الفلسطينيين يومياً، يعانون من الحواجز العسكرية، ويدركون ذلك، ويردّون على هذا الواقع المرير بانتهاكات أخرى تجاه الفلسطينيين، مثل: إطلاق الخنازير البرية على المناطق الزراعية للقرى الفلسطينية؟! كيف المجتمع الإسرائيلي مغيب، وقد شهدَ أساليب مقاومة وصلت إليهم وهزّت قلوبهم؟! ألم يسأل المجتمع الإسرائيلي "المغيَب" عن سِر إصرار الفلسطينيين "الأشقياء" على المقاومة؟!
إن افتراض تغييب المجتمع الإسرائيلي عمّا يحدث للصراع الفلسطيني- الصهيوني للوجود، هو افتراض ساذج، وليس على الفلسطيني أن يقلقَ بشأنه، أو يضع نفسه في موقف "المحاضِر" لتاريخ وسياق وجوده، ليثبت للإسرائيلين أو العالم حقنا! حيث إن وجودهم على أرضنا، هي عملية استعمارية بحتّة، وهم لضمان ذلك لا يملّون استنزاف شعبهم للتجنيد الإجباري، وتهيأته لحالة الحرب بشكل دائم!

عدّا عن ذلك، وإن تم الافتراض من هذه الشريحة "التي تؤمن بهذا الشكل من المقاومة"، أن هذا حوار مُجدٍ، فالسؤال: إلى أين أوصلت حواراتكم؟! هل شكل هذا ضغطاً على الحكومة الصهيونية، لتشعر بذنب 60 عاماً من الاحتلال وكمية الدّم التي أهدرت بحق هذا الشعب؟!
إن هذا الأمل المفرط بين هؤلاء الشباب، هو خدعة ووهم لن يقود سوى للعدَم، فوق أنه حتماً تطبيع بشكل أو بآخر، وهو مأزق فلسطيني شعبي إن أصبح يتبنى هذا المنهج من المقاومة، حيث إنه سيراكم خيبة أخرى على الخيبات السياسية الموجودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا