الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن بين الشعارات والاحتياجات

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2005 / 6 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


يعيش المواطن البحريني‮ ‬بين عدد من الشعارات السياسية فمنها ما‮ ‬ينطلق من الجمعيات السياسية ومنها ما‮ ‬يصدر من بعض النواب والحكومة،‮ ‬وفي‮ ‬نهاية المطاف‮ ‬يبقى المواطن محصورا بين مشكلاته المعيشية التي‮ ‬يساوم البعض على حلها وفق منطق المصلحة السياسية بعيدا عن روح التسامح والاخوة والمصلحة الوطنية وان تلبية تلك الاحتياجات الضرورية تتم وفق افق ومنطق السوق وهي‮ ‬خاضعة لفلسفة الربح والخسارة عند مختلف الاطراف‮.‬
لم‮ ‬يعد المواطن في‮ ‬البحرين‮ ‬ينخدع بالشعارات السياسية ذات الرنين العالي‮ ‬ولذلك فالرأي‮ ‬العام اليوم‮ ‬يتجه باتجاه احتياجات المواطنين وهذا انطباع جاء بعد الحقبة السياسية الشعاراتية والتي‮ ‬قادتها الاحزاب الشمولية الاسلامية واليسارية حتى وصل المواطن البحريني‮ ‬الى قناعة تامة بان‮ ‬يكون هو مصدر الحراك السياسي‮ ‬وليس منفذا له كما كان‮ ‬يحدث سابقا ودن قناعة او تحقيق مكتسبات ولذلك فان الحراك اليوم الحادث داخل مجلس النواب‮ (‬بسلبياته وايجابياته‮) ‬في‮ ‬القضايا التي‮ ‬تمس احتياجات المواطنين تأخذ بعدا واهتماما منهم اكبر من تلك الاعتصامات والبيانات المتعلقة بما‮ ‬يسمى بالمسألة الدستورية‮.‬
واهتمام المواطنين بقضايا زيادة المرتبات والبونس وقانون الخدمة المدنية وجدار المالكية هو اكبر من الشعارات السياسية كتشكيل لجنة فلسطين‮ (‬ويا كثر اللجان التي‮ ‬تدعم فلسطين‮) ‬او تشكيل ما تسمى الهيئة الدستورية ولذلك فان الجمعيات السياسية عليها ان تتجه نحو المساس باحتياجات المواطنين بعيدا عن الشعارات وحتى لا‮ ‬يكون مصيرها كأغلب الاحزاب اليسارية في‮ ‬العالم العربي‮ ‬هو الاضمحلال وفقدان الجماهير وهذا‮ ‬يتضح اكثر من خلال صناديق الاقتراع في‮ ‬الانتخابات البلدية والبرلمانية‮.‬
وهنا‮ ‬يجدر بجمعياتنا السياسية خصوصا اليسارية منها ان تتمثل وتستوعب لما‮ ‬يحدث في‮ ‬الانتخابات في‮ ‬الدول الاوروبية وهي‮ ‬مقياس لمدى وعي‮ ‬المواطنين وكذلك هي‮ ‬تمثل نموذجا لسقوط مفهوم الشعارات السياسية على حساب احتياجات المواطنين وهي‮ ‬تصحيح لمفاهيم سياسية سابقة وهي‮ ‬انتصار للاعتدال على التشدد‮.‬
فماذا‮ ‬يعني‮ ‬للسياسيين والمواطنين عندما‮ ‬يهزم الحزب الاشتراكي‮ ‬في‮ ‬فرنسا الحزب الشيوعي‮ ‬وماذا‮ ‬يعني‮ ‬عندما‮ ‬يشكل حزب اليسار اكثر من حكومة في‮ ‬ايطاليا‮ (‬معتدل‮) ‬ويسقط الحزب الشيوعي‮ ‬وكذلك الوضع في‮ ‬روسيا الا‮ ‬يشكل ذلك سقوطا لمفهوم التشدد الحزبي؟ والا‮ ‬يشكل ذلك ان طريق قلوب واصوات المواطنين لم‮ ‬يعد بالشعارات الرنانة ورفع السقف السياسي‮ ‬بقدر ما‮ ‬يتم انجازه على الارض من مكتسبات ودفاع عن مصالحهم‮.‬
ولذلك فان اليسار البحريني‮ ‬بحاجة الى اعادة ترتيب اوراقه من جديد والى الدخول في‮ ‬امتحان القدرات ليحظى بقبول شعبي‮ ‬فاعادة انتاج الخطاب السياسي‮ ‬اصبح شيئا من الماضي‮ ‬والقاء الخطب لاستنفار الجماهير للخروج على السلطة لم‮ ‬يعد‮ ‬يحظى باهتمام او اطار المواطنين ولذلك فان الجمعيات اليسارية عليها الخروج من اطار الوحدة العربية او اطار اللون الاحمر فالدفاع عن العمال هو مسئولية الضمائر والقوى الشعبية ذات الثقل الاجتماعي‮ ‬ولم‮ ‬يعد مسئولية التنظيمات اليسارية‮. ‬والوحدة العربية هي‮ ‬خيار الشعوب وهي‮ ‬ليست ملكا للاحزاب القومية وكذلك هي‮ ‬فلسطين لن تحل المشكلة بالتشدد والشعارات واللجان بل بخيار التسوية العقلاني‮ ‬الذي‮ ‬يوقف المعاناة للفلسطينيين‮.‬
ولذلك فان وضع اللوم على الناس بانهم‮ ‬ينتخبون الاسلاميين ويتركون اليسار هذا لان اليسار بعيد عن ظروف المواطنين وفي‮ ‬افضل الاحوال‮ ‬يحاول البعض تلبيس الاحتياجات والنضال الوطني‮ ‬بلون او توجه جمعيته السياسية وهنا نحن نقول بان اليسار البحريني‮ ‬اذا لم‮ ‬يصحح اوضاعه ويكون اكثر برجماتية في‮ ‬طرحه السياسي‮ ‬ويترك المكاتب وينزل الى الشارع لوضع حلول لمشكلاته وليس تأجيج مشاعره وفق الشعارات فان انتخابات المجالس البلدية والنيابية القادمة لن تختلف عن السابقة‮. ‬فهذه الفجوة بين الجماهير والتنظيمات اليسارية تحتاج الى اليساريين لهموم المواطنين بدون مزايدات وايديولوجيات‮.‬
ومن المؤسف ان هذه الاحتياجات للمواطنين اصبحت محل مزايدات سياسية ليس فقط من قبل بعض الجمعيات السياسية بل من قبل بعض النواب والكتل التي‮ ‬تستعد للانتخابات القادمة ولذلك فخطابها‮ ‬غير متزن فمرة‮ ‬يقال ان زيادة المرتبات ما بين ‮٠٠١ ‬دينار الى ‮٠٥ ‬دينارا ولن نتنازل ثم تهبط الى‮ ٥٢‬دينارا ومرة‮ ‬يعلن انها تشمل الدرجات التخصصية ويوم اخر‮ ‬يخرج علينا احد النواب ويعلن انها تشمل الدرجات الاعتيادية وان التخصصية قيد الدراسة،‮ ‬وهنا مطلوب من السادة النواب ان‮ ‬يحافظوا على اتزانهم وان لا‮ ‬يصرحوا تصريحات‮ ‬غير منطقية وغير متوازنة،‮ ‬ومتناقضة فمبلغ‮ ٠٥ ‬و‮٥٢ ‬دينارا لن‮ ‬يحل مشكلة المواطنين المعيشية ولذلك فمن المؤسف ان‮ ‬يضع النواب ثقلهم في‮ ‬اقرار زيادات بسيطة لا تحل المشكلة وكأن بعض الكتل النيابية تسعى الى اقرار شيء لتقول فقط انهم انجزوا هذا العمل‮ (‬الزيادة‮) ‬في‮ ‬الانتخابات القادمة‮.‬
وعليه فإن الجمعيات السياسية والنواب الافاضل والحكومة عليهم مسئولية‮ ‬تلبية احتياجات المواطن البحريني‮ ‬وان لا تخضع تلك المطالب الشعبية الى صراع القوى السياسية او المصالح الانتخابية او المزايدات السياسية فالاستقرار الاجتماعي‮ ‬هو الضمانة للاستقرار السياسي‮ ‬والامني‮ ‬وهذا لا‮ ‬يتحقق الا بالعمل على تلبية احتياجات المواطنين‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 سنوات من الحرب.. أطفال اليمن، أجيال مهددة بالضياع!


.. ماكرون يقامر بانتخابات مبكرة... هل يتكرر سيناريو ديغول أم شي




.. فرنسا: متى حُلّت الجمعية الوطنية في تاريخ الجمهورية الخامسة


.. مجلس الحرب الإسرائيلي.. دوره ومهماته | #الظهيرة




.. هزة داخلية إسرائيلية.. وحراك أميركي لتحقيق الهدنة | #الظهيرة